الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البابا بنديكت في ميزان أساتذة وطلبة جامعة روما وميزان البيت الأبيض

طه معروف

2008 / 4 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


طه معروف
2008 / 4 / 19
في العشرين من يناير ، و وفقا لخطة مدروسة ومعدة سلفا هدفها الإختراق و التدخل في الميدان العلمي في ايطاليا و بهدف إضفاء الطابع الديني على اهم المناسبات العلمية في جامعة روما الاولى، أستضيف البابا بنديكت من قبل أقلية ضئيلة في الهيئة التدريسية للحضور و إلقاء كلمة الإفتتاح في مهرجان السنة الأكاديمية في جامعة روما الاولى حتى يظهر بمظهر الكاهن المتميز الحريص على العلم و المعرفة البشرية .وقد أعد له الفاتيكان ثوبا علميا مزورا لإفتتاح السنة الأكاديمية في ابرز معقل من المعاقل العلمية في إيطاليا. ولكن لسؤ حظ البابا فإن الأغلبية الساحقة من الطلاب والأساتذة والعلماء وقفوا له بالمرصاد ،رافضين حضوره، وإمتنعوا عن إستقباله في هذا المهرجان العلمي ووجهوا له إنتقادات حادة و شديدة حول مواقفه ومواقف الكنيسة العدائية للعلوم الطبيعية والمعرفة البشرية التقدمية بوجه عام. ولم يتوقفوا عند هذا الحد، بل طالبوا الأكاديمية بتنظيم حملة أسبوعية لمناهضة الإكليروس والكنيسة لتدخلهما السافر في شؤون المسائل والقضايا العلمية .وقالوا لهم : لقد تجاوزنا عهودكم القروسطية المظلمة وعليكم العودة الى جحوركم المظلمة كأنسب مكان لكم لإلقاء خطبكم ، فنحن هنا لم ولن نسمح لكم بتحويل المنابر العلمية الى منابر القاء مواعظ لقساوسة ورجال الدين.
و من جانب آخر، نادرا ما سمعنا إن جرت مراسيم الإستقبال في امريكا بحضور الرؤساء الأمريكيين لإستقبال ضيوفهم في المطار، ولكن جورج بوش استقبل ضيفه البابا بنديكت في المطار وأقام له إحتفالا كبيرا بمناسبة عيد ميلاده الحادي والثمانين و جرى تنظيم الحفل في البيت الأبيض بحضور عدد من رموز اليمين الأمريكي المحافظ وأتباع الديانة المسيحية الكاثوليكية .وكانت محادثات البابا تمحورت حول الإعتذار عن الفضائح الجنسية التي مورست من قبل القساوسة الأمريكيين في حرم الكنيسة وموضوع المثلية واخرى عن موضوع عملية الإجهاض ،أي التدخل في الامور الشخصية للإنسان وسط تصفيق حار من قبل بوش واتباع البابا . وبعد ذلك جاء دور بوش ليصف الحرية بأنها "هبة من الله" !!!اي ان رجال الكهنة في القرون الوسطى هم الذين وفروا الحرية للجماهير والكنيسة بدورها قدمت الجوائز لغاليلو وبقية المفكرين ولم تكن لمحاكمها (محاكم التفتيش) اية دور في معاقبة من يتحدث على قانون تطور المجتمع والطبيعة رغم إن بوش غلف أحاديثه بالغلاف الديني إلا ان اقواله تنطوي على عدة اعتبارات ذات دلالة سياسية بحتة، لعل من أهمها :تأجيج الصراع الديني المذهبي وتلوين الصراع السياسي بالصراع الديني. تحييد الإرادة السياسية للجماهير لمنعها من التدخل في تحديد مصيرها السياسي في اطار الصراع السياسي الطبقي الدائر في المجتمع . بوش يبلغ العالم بإن لا تغيير ولا حرية خارج إرادة الكنيسة المرتبطة بالله و اليمين الأمريكي المحافظ في العالم . ويتحفنا ايضا بان البشرية مدينة لله الذي أغدق عليها الحرية ،اي ان الحرية معبأة في السماء وبأمر الله تنزل للبشر ولا تنتزع بقوة الجماهير من المستبدين.
بين الموقف الرافض لأساتذة وطلاب جامعة روما وبين ترحيب اليمين المحافظ وعلى رأسهم بوش لدخول البابا الى البيت الأبيض من اوسع ابوابه ، يبرز التناقض الأساسي بين اتجاهين متناحرتين، على جميع الأصعدة السياسية والفكرية والإجتماعية والعلمية فيما يخص ميدان العلوم الطبيعة و تطور الحركة الإجتماعية –السياسية وفق المادية التأريخية .
إستقبال البابا في البيت الأبيض بهذه الصورة و فتح الطريق امامه للتدخل والتجاوز على الامور الشخصية للإنسان يصب في خانة التآمر والإنقلاب على الأفكار المدنية وعلى تلك المكتسبات التي حصلت عليها الجماهير عبر نضالها الطويل و المرير ضد الطبقة الحاكمة وضد كل القيم الدينية والتقاليد البالية والاعراف السائدة التي كانت تعيق نضالها من اجل الحرية
وبالمقابل فإن غلق الباب بوجه البابا بنديكت وعدم السماح له بإضفاء الطابع الديني على هذه المناسبة العلمية في جامعة روما الاولى كانت خطوة صائبة تصب في مجرى النضال الجماهيري من اجل الحفاظ على المكتسبات العلمية و السياسية والإجتماعية التقدمية وصيانتها وتطويرها ، كما انه محاولة علمية ثورية لإستبعاد الكنيسة ورجال الدين نهائيا عن هذا الميدان العلمي الحيوي حتى ينمو ويتطور العلم وفقا للحاجة الإنسانية في جميع مجالات الحياة
18-4-2008










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب