الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصبي الذي حطّم أصنام أبيه

كريم الهزاع

2008 / 4 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


“عندما يعرف المرء ما الغاية من حياته، فإنه يرتاح تقريباً لكل كيف”؟ - نيتشه : أفول الأصنام.

كان نيتشه يحلم بـ“ أفول الأصنام” وتماهياً مع هذا الحلم، نقول في المعنى الآخر للصنمية، وفي فعل الإزاحة لأنساق وخطابات التاريخ والمعنى ونشوء وارتقاء الفكرة وتحولاتها، ودخولها في المقدس والمدنس ونشوء الصنمية، وتلبسها لكثير من الأقنعة ومحاولتها للمرواغة والتشظي، كأثير يدخل للأدمغة ويغسلها وربما ينسفها أو يعبئها بالديناميت، ومابين أصنام الكتابات والكتابات الصنمية وأفول الأصنام ووهم أفولها، إذ إن هذا الأفول هو حلم ينشده العارفون والمصابون بالحرقة على تشيؤ الإنسان كالفيلسوف الألماني نيتشه مثالاً وليس حصراً، تظل الأصنام تسجل حضورها على شكل مادي ومعنوي وفي أنساق كثيرة من الخطابات السياسية والدينية والاجتماعية .. الخ ، وتجد لها حراسها من الأغبياء والبلهاء والسذج والمغفلين ومغسولي الأدمغة، وحراسها من الأذكياء الذين يتكسّبون من وراء وجودها، وفي ظل غياب حرية الرأي والمعرفة ووجود الديمقراطية الهشة المصنوعة من أجل تلميع وجه السلطة السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من الأصنام والأفكار العارية حتى من سراويلها الداخلية، تلك “السلطات المذعورة” من كتاب، فكرة، صورة، موقع إنترنت، حوار، تلك التي تمارس الوصاية على الناس البسطاء، وعلى “مثقفي الفقاعة” والذي يكون شكل احتجاجهم على سلب حقوقهم عبر “موضة” اليافطة والشمعة وبعض السطور لأيام معدودات لكي يلحقوا على أيام الاستهلاك القادمة والثرثرات، “مثقفو الأنتلجسيا” هؤلاء الذين وصمهم هربرت ماركيوز في كتابه “ الإنسان ذو البعد الواحد” ، ووصمهم نيتشه بالقطيع والحظيرة، لسنا معنيين بهم، أما القطيع فلهم أحلام العصافير- هل تريد أن تسير مع القطيع؟ في المقدمة أم بجنبه؟... يجب أن نعرف ماذا نريد وأننا نريد شيئا ما، لنقم بعملية حسابية سريعة: غير جلي أن الثقافة في انحطاط شامل فحسب، بل إننا لانعدم أسباب تفسيرها. في النهاية، لا أحد يستطيع أن ينفق مما يملك، الثقافة والدولة نقيضان -لانخطئن في ذلك-: إن فكرة دولة خالقة للثقافة فكرة حديثة. تحيا الواحدة على حساب الأخرى، تزدهر الواحدة على حساب الأخرى، ويتحسس غوبلز مسدسه حينما يسمع مفردة “ثقافة”. كل العصور المزدهرة للثقافة هي عصور انحطاط سياسي، كل ما هو عظيم في جانب الثقافة كان دائماً غير سياسي، بل ومضادا للسياسة. لقد انفتح قلب غوته لظاهرة “نابيلون”، وانغلق أمام “حروب التحرير”.. وحتى أظل وفيا لمزاجي، الذي هو إيجابي في الأساس ولايتعاطى النقد والمنازعة إلا بشكل غير مباشر وعلى مضض، فإنني أسارع في عرض المهمات الثلاث التي لابد لها من مربين. يجب أن نتعلم أن نرى، يجب أن نتعلم أن نفكر، يجب أن نتعلم أن نتكلم وأن نكتب: الهدف من هذه المواد العلمية الثلاثة هي ثقافة رقيقة. أن نتعلم أن نرى: أن نعود العين على الهدوء، على الصبر، على ترك الأشياء تأتي إليها، على تعليق الحكم، أن نتعلم الإحاطة بالجزء ونفهمه في إطاره الكلي. هذه هي المدرسة التمهيدية الأولية لحياة العقل: ألا نستجيب فورا لأي إغراء بل نعرف كيف نستغل الغرائز التي تكبح وتعزل. أن نتعلم أن نرى هو، بالمعنى الذي أفهمه، أن نمتلك تقريبا ما تسميه اللغة غير الفلسفية قوة الإرادة: الأساسي هنا هو أن لانريد فعل شيء ما. أن نعرف كيف نعلق قرارنا. يأتي كل موقف مضاد للروحانية، كل فظاظة من العجز عن مقاومة إغراء ما: يجد الناس أنفسهم مرغمين على الاستجابة، يخضعون لكل محرض نفسي في كثير من الحالات يكون مثل هذا الإرغام علامة مرض، علامة انحطاط، امارة إنهاك. ليس كل ما تعرفه الفظاظة غير الفلسفية تقريبا بكلمة “نقيصة” سوى ذلك العجز الفزيولوجي عن الاستجابة. النتيجة العملية لتربية العين هذه: فيما بعد، حيث سيكون على المرء أن يتعلم شيئا ما سيكون قد صار بطيئا، حذرا صموتا. سيدع في بادئ الأمر كل ما هو مجهول وجديد يقترب بهدوء معاد، ثم ينزع منه اليد بحذر تام. الميل مع كل ريح، السجود أمام كل حدث تافه بمجاملة مفرطة، المسارعة في الارتماء على الآخرين –وعلى كل ما هو آخر - نقول وفي تتبعنا لصيروة الأشياء وسيرورتها وصدفة الحضور وتحولها إلى ضرورة وتفكيك ونبش الأفكار وانتشالها من حالاتها اللامرئية إلى حالاتها المرئية عبر تسليط الضوء عليها وكشف ألبستها وأقنعتها في حالة من الانتشاء ولكي لاتذهب صرخة النبي إبراهيم بعد هدمه للأصنام سدى، لذا عليك أيها القارىء قراءة مابين السطور..

“أن تُحلَل عقلياً رمزاً ما، يعني أن تقشر بصلة

لتجد البصلة ،

تقشر بصلة لتجد البصلة

{ وجدتها

- ليست هذه ... البصلة ياهذا.

{ واوو .. وأخيراً وجدتها.

- لم تجدها ، لأنك لم تشعر بالنشوة.

{ النشوة ؟ !

- نعم ، أعلى حالات الانفعال ..

بعد هدم ذلك الصنم” .

يقول نيتشه : الأساسي في النشوة هو الإحساس، هو تكثيف القوة، تكثيف الكمال. هذا الإحساس هو الذي يدفع الإنسان الى وضع شيء من ذاته في الأشياء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس يقول إن إسرائيل ألحقت الهزيمة بح


.. وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد هزيمة حزب الله.. ماذا يعني ذلك؟




.. مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة: أكثر من 300 ألف إنسان يعيش


.. أسامة حمدان: جرائم القتل ضد شعبنا ستبقى وصمة عار في وجه الدا




.. حرب وفقر وبطالة.. اللبنانيون يواجهون شقاء النزوح ونقص الدواء