الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألبير كامو وثنائية العقلانية / الجمالية

محمد نورالله

2008 / 4 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


النقاش عن الجماليات والغرائب والذي يمكن أن يكون مدفوعا بميلنا للبديهيات المادية، أيضاً وللمفارقة تقوده وجودية كامو اللادينية. بالنسبة لمفكر غربي ملحد مثل ألبير كامو فإن معنى ونظام الكون هو بلا تعيين مسبق، بل يعتمد وجوده على قدرة البشر على تفسيره وفهمه. جدل ألبير كامو يتمحور حول كون بلا قدر محدد، كون بلا قوى فوق طبيعية، كون بلا تعيين أو حتميات على الإطلاق.
الدخول في البحث عن معنى ونظام الحياة في كون فوضوي وغريب ككوننا من وجهة محدودة متعصبة للعقلانية، وافتراض أن العقلانية هي الطريقة الرئيسة والوحيدة للنظر إلى العالم هو بحد ذاته إنكار واضح للتعقيد الذي نمر به من خلال أحاسيسنا وتجاربنا البشرية مع هذا العالم.
وبانكار كامو الطرف الآخر النقيض المفسر للعالم فإن كامو أنكر أيضاً الإنتحار الفلسفي لـ كيركيغارد المتمثل بإقصاء الذات تجاه التصميم البناء لله كطريقة في الحياة. وكما فعل نيتشه، فإن كامو انتقد المفاهيم التي انكرت الحياة في الأديان العدمية "الشريرة" وقام بتقديس الوعي البشري للحياة وروحها التراجيدية الساخرة، والمسؤولية الفردية التي يحتاجها الفرد كإرادة للقوة. بالنسبة لكامو فإن المضي في هذه الحياة الغريبة – إدراك وتخطي أحاسيسنا الغريبة – يتطلب من الفرد قبولا إيجابيا لهذه الحياة وإدراكاً حقيقيا لصعوبتها. إن إقرار الحياة من خلال قبولها بالانسان على أنه كائن عقلاني يتطلب منه زمن وجوده القصير أقصى ما يمكن أن يقدمه عقله من خلال تجاربه يجعل وجودية كامو تناهض الدين الذي يضع الإنسان في انتظار دائم لحياة أخرى. إن فلسفة كامو تطلب منا أن نضع في عين الإعتبار قبولنا لما نعتقده حقيقة في سبيل وجودنا اللحظي بدلاً من الفكر الماورائي الزائف الذي دعاه بـ "الإنتحار الفلسفي" لـ كيركيغارد وأمثاله.
نحن - كبشر – نميل إلى إيجاد معان شخصية من خلال جماليات الحياة التي يمكن أن نجدها بشكلها المثالي في جمال الطبيعة. إن الأدوات الجمالية التي نملك تقودنا إلى إعادة بناء العالم والتأكيد على أصولية وجوده. وفقا لنيتشه فإننا قد "خلقنا الفن حتى لا نموت بسبب الحقيقة". الإشارة إلى الدين كقيمة جمالية تدفعنا للتمييز بين الطبيعة المواربة و الكاذبة لأصول الدين والتي تقود إلى التضحية بالفكر البشري وبين الجوهر الغني للفن والموسيقى، والأدب والخيال البشري والذين بمجملهم يشكلون تناغمنا واضحا مع الفكر البشري. إن المجموعة الأخيرة من الجماليات تكفل بقاء عفوية الحياة في الحاضر وترسم تصورات المستقبل. فهي تعنى بالحياة بشكل متفرد في عالم الإنسان بدلاً من محاولة الوصول إلى مملكة الله الأبدية. هي تعكس إنجازات القدرة البشرية الكامنة، والقوة والعاطفة التي تقوم بتعظيم لحظية وجودنا في الحاضر ولو ابتعدت في ظاهرها هن العقلانية.
نعم، إن فلسفة كامو تشكلت وصِيغت بسبب رؤياه الجمالية. أفكاره عن تقدير الحياة وإجلالها تتعلق بمفاهيم الجمال والنقاء والرضى. تتعلق بالخلق واستعادة الخلق، لا الفناء. الحياة حقيقة تحتاج إلى وعي وإدراك لا إنكار للحياة والحقيقة. في إطار هذه المفاهيم فإن وجودية كامو وتحديده لمتعة الجماليات ترفع من شأن المنطق البشري. إن الفرد الواعي لا يمكن أن يعيش تحت ظل فيلسوف واحد بل يجمع كل ما يتلقاه من فلسفة يجدها سواء كانت خارجية أو ذاتية ليعيش بها. هذا التناقض الشكلي - كما ظهر في بداية جدلنا السابق - الذي يؤكد قدرة العقل البشري المدركة للإبداع والاستكشاف ويؤكد إدراك العقل للحقيقة والصراع الدنيوي ومواجهة العبثية، هو في ذات الوقت إدراك مدفوع بالعقلانية الموجودة في فلسفة كامو.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحذر من -صيف ساخن- في ظل التوتر على حدود لبنان | #غر


.. البيت الأبيض: إسرائيل وحماس وصلا إلى مرحلة متقدمة فى محادثات




.. تشاؤم إسرائيلي بشأن مفاوضات الهدنة وواشنطن تبدي تفاؤلا حذرا


.. هل يشهد لبنان صيفا ساخنا كما تحذر إسرائيل؟ أم تنجح الجهود ال




.. بسبب تهديد نتيناهو.. غزيون يفككون خيامهم استعدادا للنزوح من