الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أتاك حديث الذبابة!!

مهدي النجار

2008 / 4 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نهنئ "الذبابة" المنزلية، هذه الحشرة الاليفة بمناسبة دخولها موسوعة الاعجاز العلمي في دائرة مَن يزعمون الانتساب الى الهيئات العلمية "الاسلامية" التي اكتشفت بطريقة علمية محكمة لا تقبل الدحض نُبل هذه الحيوانة وشرف ريادتها في انقاذ ابناء الامة من الامراض الفتاكة التي تعصف بهم ومنحها درجة "القداسة" من بين الآف من أخواتها الحشرات القذرات، لذا يتوجب على ابنائنا الغيارى حسب توصيات تلك الهيئات، ومن باب التمسك بتقاليد الدين الحنيف، احترام هذه المخلوقة العزيزة على القلوب وعدم المساس بمشاعرها وحريتها وحقوقها او الفتك بها والتعرض لدناءتها ومن الانسب ان تستبدل المستشفيات ومراكز البحث الطبي والارشاد الصحي شعاراتها بصورة هذه الحيوانة الرؤوفة، ويا حبذا ان تقوم الدول المنتمية لمنظمة المؤتمر الاسلامي بتخصيص فقرة على لائحة جدول اعمالها لمناقشة الجدوى الاقتصادية لتربية الذباب ومطالبة الدول الصناعية بالتوقف فوراً عن انتاج المبيدات القاتلة لهذا النوع من الحشرات لان ذلك يدخل في مجال المؤامرة الكبرى ضد النهضة الاسلامية، وحث الغرب الكافر للاقتداء بوافر صحة وعافية ابناء المجتمعات المؤمنة التي تغص منازلهم واماكن عملهم بالجحافل الذبابية، خاصة اولئك الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر(ثلثا فقراء العالم تقريباً من المسلمين)، حيث اصبحت الذبابة من اكثر الكائنات انتشاراً والاكثر ألفة بينهم. واذا كانت الذبابة المنزلية الفرنسية او السويدية مثلاً تضع بعد التزاوج 500 بيضة على خمس دفعات ويمكنها ان تعيش في مدة اقصاها 14 يوماً، فالاحرى بذبابة البلدان الاسلامية ان تضع اضعاف تلك البيوض وان تعيش شهورأً بدل الايام لما توفره هذه البلدان من اجواء آمنة ومن مزابل وبراز وقذارات وهو الغذاء الصحي والمفضل لهذه المخلوقة العجيبة، انها والله عجيبة، هكذا يصرخ الداعية عمرو خالد ويقول بدهشة: الله اكبر يا أخوان ... جامعة باستراليا تؤكد صحة حديث الذباب!!. وذهب معه رهط كبير من "علماء" الاسلام وعلى رأسهم الشيخ زغلول من موقعه الالكتروني الخاص:" الهيئة العامة للاعجاز العلمي في القرآن والسنة" ليؤكدوا ويؤكدوا بمنهج علمي لا غبار فيه ولا شائبة اعجاز الحديث المنسوب الى الرسول الكريم والمنقول عن ابي هريرة: " إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ، ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً ، وَفِي الآخَرِ دَاءً ". وقد ورد النص في الذبابة فلا يقاس عليه غيره من الحشرات، وخاصة قد بين سبب ذلك بأن في احد جناحيه داء وفي الآخر شفاء، وهذا المعنى لايوجد في غيره. ويطالبنا اهل الاعجاز العلمي بالاستسلام لذاك الحديث دون الشك به او مناقشته بالعقل لانه قد صدر عَمن لا ينطق عن هوى إن هو إلا وحي يوحى ناهيك ان الاكتشافات العلمية الحديثة افادت بصحته وصدق فحواه، لذا على الناس ان يقتنصوا الفرص ويغمسوا الذباب في اطعمتهم اذا ما وقعت فيها ويواصلوا الاكل بانتعاش ولذة دون تقزز او قرف لان في ذلك الصحة والشفاء.
اننا نشعر بعدم كفاءتنا لمناقشة اولئك العلماء الجهابذة اصحاب الاعجاز العلمي حول معقولية ذلك الحديث او لا، لان لديهم من الحقائق التي لا يفهمها إلا هُم، ولكن وفقاً لتعليماتهم، ماذا سيقول المسلمون اذا سولت نفس احد الرسامين المتهورين ورسمَّ صورة كاريكاتورية للرسول (صلى الله عليه وسلم) وهو يُعلم اتباع ديانته كيف يغمسون الذباب في طعامهم؟! ... سنوجز من كراريس صفوفنا الابتدائية بعض الصفات التي تجعل من ذبابة المنزل آفة خطيرة فهي: تتكاثر بسرعة هائلة عندما تتوافر لها الظروف المناسبة/ تستطيع ان تنقل الجراثيم لمسافة 25 كم من مصدرها الاصلي/ تفضل الأماكن الرطبة المنزوية بعيداً عن التيارات الهوائية والضوء , وحيث توجد الأغذية المتحللة أو فضلات الحيوان والإنسان ,بل أن جزءاً من دورة حياتها يكون في هذه الأماكن/ تفضل الأغذية السائلة وتستخدم ممصات لغرض تناولها , كما تفضل بعض الأغذية الصلبة , وفي هذه الحالة تبلل هذه الأغذية بلعابها ثم تقوم بمصها/ في نفس الوقت الذي تأكل فيه تخرج فضلات يمكن ملاحظتها وهي عبارة عن بقع سوداء يمكن الاستدلال منها على وجود الذباب/ تنجذب إلى الأجزاء الملتهبة من جلد الإنسان كالجروح والقروح والعيون الملتهبة , مما ينتج عنه نقل مسببات الالتهاب إلى شخص آخر/ كل هذه الصفات توضح كيف أن الذباب يلعب دوراً رئيسياً في نقل الكثير من الأمراض سواء مباشرة من إنسان إلى آخر أو عن طريق الطعام والشراب , وخاصة التيفوئيد والكوليرا والدوسنتاريا وإسهال الأطفال والعدوى بالمكورات السبحية العنقودية.
ملاحظتنا الاخيرة تقول: مادام اهل الاعجاز على اهبة الاستعداد (في اي زمان ومكان) مستنفرين جهودهم العلمية والفقهية والكلامية لاثبات صحة الاحاديث النبوية التي تُنسب الى الرسول الكريم قبل اربعة عشر قرن، اثباتاً علمياً معاصراً، نناشدهم ان يثبتوا لنا اعجاز وراهنية قوله الذي رواه البخاري ومسلم وابو داود والنسائي: "إنا أمة أمية لاتكتب ولا تحسب"، وحتى لا نذهب بعيداً في معنى هذا الحديث فإن جميع المفسرين والعلماء - ومنهم ابن عباس ترجمان القرآن كما يسميه رسول الله - يفسرون (الأمي) بانه الذي لا يقرأ ولا يكتب، لذا يجب على هذه الامة ان تبقى -اعتماداًعلى رأي الاعجازيين- أمة أمية كما كانت والى ابد الآبدين كما وصفها ذاك الحديث وعليهم ان يبرهنوا من خلال كشوفاتهم العتيدة بأن الامم الامية هي خير واصلح من تلك الامم التي احتفلت بالقضاء على امية آخر فرد فيها ويصبح بعد ذلك قول الشاعر المشاغب مجرد هراء: يا أمّة ضحكت من جهلها الامم!! ...................................................................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال