الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغيّب .. ينبوع الجهل الإجتماعي

كريم جاسم الشريفي

2008 / 4 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ذُكر في كتاب (عيون الأخبار) ان الحجاج ابن يوسف الثقفي ضرب لصاُ اعرابياً سبعمائة سوط فكلما قرعه بسوط قال اللهمّ شكرا! فأتاه ابن عم له فقال ..والله مادعا الحجاج الى التمادي في ضربك إلا كثرة شكرك ،لأن الله تعالى يقول ( لَئنْ شكرتُم لأزيدنكم ) فقال أهذا هو في كتاب الله؟ فقال نعم فأنشأ الأعرابي يقول: يارب لاشُكرَ فلا تزدني.. أسرفت في شكرك فأعف عني. .. باعد ثواب الشاكرين منّي!
بتبسيط شديد بعيداً عن الأبتذال والتعسف ،ان القوى الأجتماعية الفاعلة سواء مؤسسات كانت أونخب، تجمعات أو أحزاب ، قوى حكومية أو قوى مدنية لازالت شبه عاطلة أو مُعطَلة ، ويبدوا شكلها باهت يُتعب النظر ،وفعلها غير مؤثر يوحي بالعجز وكأنه يدور في قدرية ليس لها ملاذ مأمون يدرئ عنها شبهات اليأس عن خلق الجديد لينهض بالامة العراقية من سباتها وخدرها المعرقل الذي يزحف بشكله المدمر نحو الأنهيار اذا ما استمر على هذه الوتيرة من اللأابالية . فأن التدميرآتٍ لامحال . إذا هذه القوى لم تجد( منقذ )سيُكتب على هذه الأمة الهوان وسيزحف بها نحو الضعف معلناً الأنهيار الأجتماعي والقيمّي .بقليل من السوداوية المخفّفة ان مجتمعنا اذا ما أستمر بهذا العُري المخجل الذي يتجسد بتأكيد القومية ،والمذهبية ،والدينية، والعشائرية ،والمناطقية على الوطنية بكل تأكيد سيكتب علينا التفكك والأندثار والهلاك وسنكون ـ أثرٌ بعد عين ـ جميعاً .نقولها بصراحة مذهلة اذا لم نكن قادرين كقوى اجتماعية منخرطة في سيرورة البناء الأجتماعي الجديد على إيجاد حلول تجنبنا الأنقسام الأجتماعي والمخاطر القادمة سنندثر ونصبح أطلال متراكمة ليس لها روح ولا حياة ولا بطولة . ان أُسّ المشكلة هي السعي لبناء اجتماعي علمي وواعي يعتمد على اسس عريضة من التنظير الفكري الأيجابي للقضية الأجتماعية في العراق .وهنا نركز طبعاً على القضية الأجتماعية في هذه المرحلة من تأريخنا بسبب أهمية هذا العلم بالحل لهذه المعضلة .يبدوا من خلال الدراسات المعرفية المدونة في امهات الكتب ان علم الأجتماع سابق حتى على تكوين المجتمعات الحديثة، وينسبون العلماء والمفكرين الأجتماعيين ان البداية لأصول الفكر الأجتماعي تعود الى الأساطير التي تدور حول أصل الأنسان. حتى توصلوا عبر مسألة فلسفية أصبحت أمراً مفروغاً منه بعد أن أكدها العلم هو ان البشر هم الحجر الأساس في تطور الوضع الأجتماعي ، وان وجودهم الأجتماعي ليس خالداً ولا قدراً حتمته الطبيعة . أما علم الأجتماع الحديث تطور تطوراً مذهلاً بسبب اعتماده على ديناميكية علمية صارمة في مراحل التطور. لأنها جوهر مختلف عن مفاهيم الميثولوجية والدين. حيث يقول العلماء (( ان انطلاق الأنسان للأهتمام بعلم الأجتماع جاء بعد ان ركن المفهوم الديني ، والالاهي الذي كان يقيد عقله، ويعتبرون تحرر البشرية من المفاهيم الضارة هو قدر طبيعي ومحتوم ليقظة الفكر الأجتماعي )) .أما نحن نعيش حالة من حالات التعثر بسبب الخلط اللاعلمي الذي ورثناه من الأساطير الدينية التي اسقطناها على العلاقات الأجتماعية كأنظمة .لنضّفي عليها هالة التقديس الديني لجعلها انظمة ابدية وأزلية.عندها أصبح الحزن ،والقهر، والعوز، والظلم قدراً محتوماً من الآله ولايمكن الخلاص منه. يؤكد ذلك الفيلسوف الألماني هيجل في كتابه محاضرات حول تأريخ الفلسفة يقول(( ان الفرق بين الفلسفة والدين هي ان الحقيقة ينبغي ان تدرك في الفلسفة ،بينما في الدين هي امر مُعطى.وبالتالي لايبقى امام الأنسان سوى ان يقبلها صاغراً . وبهذه النتيجة فأن الرجوع الى ارادة الاله لاتزيد عن كونها تأكيداً لاأساس له )). على ضوء هذا المعطى علينا المواجهة بشجاعة لعمليات التجهيل ،وسلب الأرادة، واحتقار الحياة لأنها فانية. حتى وان كانت هذه المواجهة مكلفة علينا للإعادة البناء المجتمعي الحر.وتشذيب الأفكار الضارة التي راكمتها عوامل تغييب العقل ، والإيمان بالغيب المطلق الذي لا دخل له على الأطلاق في قواعد السلوك البشري كما يدعي الغيبّيين بذلك. أن تأريخ الفكر الأجتماعي بدأ موفقاً عندما اعتمد النقدية والوعي بدراسة الظواهر. حيث بدأ الفيلسوف الأغريقي (هيراقليطس) موضحاً بأن الصراع لم يكن في نواميس الطبيعة وحسب ، وأنما في حراك المجتمع. وكذلك (ديمقريطس) الذي ذهب أبعد من ذلك بتلميحاته الوقادة الملفتة بدراسة اصول بعض الظواهر الأجتماعية. لكن أكثرهم صراحة هو( لوتقريطس) الذي كتب بأسهاب عن تأريخ تطور الفكر الاجتماعي وأسباب ارتكاسه واضمحلاله .إن هؤلاء الفلاسفة عاشوا في المجتمع الأغريقي قبل ألفي عام قالوا آراءهم بكل وضوح ولا وجل . فجاء علماء الأجتماع الغربيين معتمدين على تلك النظريات، ثم طوروها بالدرسة والتمحيص فأسسوا بعد ذلك علم الأجتماع الحديث الذي يبحث في حراك المجتمعات وتطورها. نكرر ذلك.. نحن نمر امام مفصل تأريخي قد يؤدي بنا الى الهزيمة والضياع مالم نتحرر اجتماعياً من الزيف والتخلف وافرازات الغيب الضارة.علينا التصدي بحزم للأفكار العدمية المهلكة التي تكرس القهر الأجتماعي والفكري . لم تنجح مجتمعات أثينا القديمة ولا اسباراطة إلا بالنجاحات الأجتماعية والفلسفية لمفكريها بتفسير الظواهر المادية والأجتماعية بشكل علمي ونقدي ادى الى تصدع ثوابت الآلهه ومفاهيمها الدينية (المقدسة) وخزعبلاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات متواصلة في جامعات أوروبية للمطالبة بوقف إطلاق النار


.. هجوم رفح.. شحنة قنابل أميركية معلّقة | #الظهيرة




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل الغربي شمالي إسرائي


.. فصائل فلسطينية تؤكد أنها لن تقبل من أي جهة كانت فرض أي وصاية




.. المواطن الفلسطيني ممدوح يعيد ترميم منزله المدمر في الشجاعية