الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تتمة في فلسفة الدين

مراد كلاطي

2008 / 4 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن الحديث عن الدين منذ عصور، يعتبرذا صبغة زئبقية يجعل الملفت والباحث فيه والمتفحص له شأنا يعطي عدة أبعاد ودلالات وتأويلات، فبالرجوع إلى العنوان الذي وضع لهذه المادة نلاحظ وجود شقين هما المكونين لهذا العنوان فما معنى ذلك؟
إننا نعلم أن مسألة العودة إلى الدين داخل التفكير الفلسفي، وخاصة داخل حقل الفلسفة المعاصرة، محورا أساسيا، ولا سيما فيما تقوله الفلسفة التأويلية، والنظرية النقدية، والفلسفة التفكيكية لجاك دريدا وغيرها، فكل هذه الفلسفات تعطي نمطا نوعيا لأنواع المقاربات رغم أنها تتفق في مجال أو فكرة العودة. هذه العودة إذا أردنا أن نعطي انطلاقتها، فإننا سنحلل ما شكله حدث 11 سبتمبر من الأحداث التي أعادت المسألة الدينية إلى الواجهة، وفي سياق هذه العودة جاء الاهتمام بكتاب "الدين في حدود بساطة العقل"* وهو الكتاب الذي وضع فيه كانط أسس الحداثة الدينية. ولما كان الأمر كذلك، فإننا نرى أن هابرماس في كتابه "بين النزعة الطبيعية والدين" قد خصص فصلا لكانط تناول فيه دور الدين في الفضاء العمومي. أما جاك دريدا فكانت عودته لهذا الكتاب – أي الدين في حدود بساطة العقل- في مداخلة له قدمها سنة 1994 حول الدين بجزيرة كابري الايطالية، فقامت تفكيكيته على مبدأ أساسي هو: ليس هناك أي تنافر بين عودة الديني في أشكاله المختلفة والعقلانية، بل هناك تحالف عجيب بين العقل الحديث والدين. وكتاب كانط جسد هذا التحالف.
لماذا البحث في الدين؟ ومتى شرع الفلاسفة في البحث في الدين؟ ومن أي منظور,و أي دين هذا الذي يتحدث عنه بالضبط؟
لقد بدأ البحث في الدين في الفلسفة الأولى التي كانت تبحث في اللألوهية، وفي المحرك الأول أو المحرك الذي لا يتحرك، وهذا ما كان مع أرسطو. إلا أن الدين هنا ليس له معنى الدين السماوي، أو دين الكتاب، بل له معنى فلسفيا محضا، نقول عنه الدين الطبيعي، أي ذلك الذي يظهر من خلال البحث في الطبيعة ودراستها. إلا أن مفهوم الدين يفرض وجود لحظتين اثنتين وهما: لحظة ظهور مصطلح الدين من جهة، ولحظة غيابه من جهة أخرى، فالأولى كانت مع اليونان من خلال مصطلح Religio والثانية تشكل جملة نتائج غياب هذا المصطلح عند اليونان، وهو غياب باعتبار البحث في "المحرك الذي لا يتحرك" أو ما يسمى بـ "المحرك الأول" كما لو كان مفهوما طبيعيا، وليس الإله القهار: أي الإله باعتباره فقط محركا للطبيعة. ولذلك نقول أن مفهوم الدين ظهر بالأساس مع ظهور المصطلح من جهة، ومن جهة أخرى بظهور أسئلة تحتاج لأجوبة، وهذا ما يتمظهر حينما نعبر في البداية على عدم وجود صراع وتعارض بين الفلسفة والدين، ولكن بوجود فرق بينه وبين الأسطورة التي لا تنبني على معتقد نؤمن به ونحفظه على ظهر قلب، ولا تقدم أجوبة طالما أن ليس لها أسئلة أصلا، إذ أنها سلسلة من حكايات مستمرة يكون هدفها هو المتعة. على عكس ما نجده في الدين من معتقدات إيمانية هي عبارة عن أجوبة لأسئلة، وجدت منذ أن كانت هناك عقدة وميثاق باعتراف وإقرار الإنسان بربه، واصبح الدين هو الاستمرارية في تنفيذ هذا الميثاق. هذا الاخير، الذي يمكن أن ينمو نحو اتجاهين اثنين: ميثاق يؤدي إلى الخير ويكون مع الله، وميثاق يؤدي إلى الخطر الدائم ويكون مع الشيطان، ولعل "غوثة" حينما ألف رواية "فاوست" قد أكد ذلك حينما أقام ميثاقا مع الشيطان عن طريق الدم. وأمام هذا يصبح هناك معنى آخر للدين وهو "الخوف الشديد من الكائنات الغيبية" التي قد تكون خطرا يهدد حياة الإنسان، ووجب بالتالي وجود طريقة للتعامل مع هذا التهديد، ومقصد نيتشه يؤكد هذا الطرح حينما اعتبر أن مصدر الدين هو الخوف من شيء ما،" إذ لم تخف لن تكون متدينا". والخوف هو الابتعاد عن الهلاك وبالتالي الموت.
وجملة المعطيات توحي لنا نشأة مفهوم "الطابوهات" ومفهوم "المقدس"، ومن ثم كان تعدد المفاهيم هو شن الظنون على مفهوم الدين. ولما كان الأمر كذلك فإننا نلزم لأنفسنا الكشف عن ما معنى الدين من جديد؟ فكيف ذلك؟.
نعلم أنه حينما ظهر الإسلام في القرن السابع الميلادي، كانت المسيحية والمعجم اللاتيني موجود. وكان مفهوم الدين قد تقوى، ونقل حينها المسلمون من اليونان فكرة "الدين الطبيعي"، إذ أصبح الدين مرتبطا بفكرة "المحرك الأول" لدى الفلاسفة المسلمين، مما سيؤدي إلى وجود مشكل في مفهوم الدين حول ما إذا كان طبيعيا أو سماويا؟ وهل وقع للفلاسفة المسلمين هذا الخلط؟
لا بد أن الجواب عن هذا السؤال سيحدد نفسه حينما ننظر إلى الصراع الذي دار بين علماء الكلام وبين الفلاسفة، وحتى نمط هذا الاختلاف يحتم أن هناك ظهور سابق ولقاء سابق أيضا بين الديانات، وخاصة بين المسيحة من جهة والإسلام من جهة ثانية. فما مدار هذا الفرق؟.
إن الفرق بين المسيحية والإسلام هو أن الإسلام في البداية جاء في أرض خلاء لا توجد فيها تشريعات، فبدأ في وضع قوانين تحتم على كل فرد أن يكون مسئولا وبالتالي له مسئولية على ذاته، مع أن الميزة الأساسية في الإسلام تقول بالشعور بالخضوع، الشعور بالضعف أمام قوى لا متناهية تفرض علينا وجود الثقة بها. أما المسيحية فإنها تثبت النظرية الأرسطية في مسألة الألوهية لأنها اعتقدت عن حق بأن هناك فرقا بين الإيمان وبين العقيدة، على اعتبار أن الإيمان يحتاج فقط إلى استجابة لحاجة داخلية وهو شعور معين بالعبودية والارتباط بكائنات لا متناهية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الصيني في زيارة إلى فرنسا تركز على العلاقات التجارية


.. مفاوضات حماس وإسرائيل تأتي في ظل مطالبة الحركة بانسحاب كامل




.. مصدر مصري رفيع المستوى يؤكد إحراز تقدم إيجابي بشأن مفاوضات ا


.. النازحون يأملون وصول إسرائيل وحماس إلى اتفاق وقف إطلاق النا




.. Ctقتيلان وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل