الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفاق فى الدين بين العالم الإسلامى والغرب

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2008 / 4 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هناك ثمة اتفاق واختلاف بين العالمين الإسلامى والغربى حينما يتصل الأمر بالنفاق الذى يمارسه بعض رجال الدين، واقصد بالنفاق هنا هو ذلك التناقض الملحوظ بين الوعظ والسلوك. كلنا يعلم أن النفاق إذا ما تم اكتشافه يواجه بكل حزم وحسم سواء فى بلادنا أو فى الغرب. إن نقطة الاختلاف الأساسية تكمن فى سهولة وسرعة الاكتشاف والإعلان فى وسائل الإعلام الغربية التى تعامل رجل الدين كإنسان يأتى بالأخطاء والخطايا ولكن فى نفس الوقت يدفع الثمن غاليا حيث يستبعد من مجال الدعوة وينفض من حوله المريدون وتنضب الأموال التى كانت تتدفق إلى مؤسساته الدينية من خلال تبرعات الجماهير. أما فى عالمنا فإن مرحلة الاكتشاف والإعلان تستغرق وقتا طويلا حيث من النادر أن يقتفى أحد أثر رجال الدين. وحتى لو انكشفت الأسرار فإن الأمر قد يعالج بالتعتيم والكتمان إذ لا ينبغى أن ننشر خطايا أو أخطاء رموزنا الدينية لأننا اعتدنا أن نعقد رابطة صلة عميقة بين رجل الدين والديانة فإذا اخطأ رجل دين— وهذا وارد فى كل الثقافات لأنه فى النهاية إنسان وليس ملاكا—فإننا قد نتخذه حجة على الديانة التى يعتنقها وقد نقول إن تعليمات الديانة فشلت فى تهذيب أخلاق الرجل وترويض رغباته الدنيوية. ولا يجول بخاطرنا أن الرجل قد يكون منافقا يقول ما لا يفعل ويفعل ما لا يقول: قد يدعو أحدهم الآخرين إلى الصدق ويأتى بالكذب وقد يدعو آخر إلى العفة وهو أبعد ما يكون عن ذلك وقد يدعو ثالث إلى التقوى والقناعة وهو عش يقيم فيه طيور الجشع والطمع.

وفى الغالب الأعم فإن النفاق يتمثل فى تناقض الأفعال التى نأتى بها مع الأقوال التى نتفوه بها. لقد بات لزاما علينا أن نسوق بعض الأمثلة لتوضيح الأمر: هناك داعية— حسب ما جاء فى إحدى الصحف الخاصة—فى عالمنا الإسلامى تزوج 27 مرة وظل يحرص كل الحرص على أن تبقى زوجتين فقط على ذمته. أما الزوجات الأخريات فيتزوج منهن بعض الوقت ثم يطلقهن ويقال إنه تزوج سيدة من الإسكندرية قضى معها ليلة واحدة ثم طلقها بعد أن أعطاها 200 ألف جنيه. وتشير الصحيفة إلى أن سيدة ليل نجحت فى إغواء واصطياد عدة مشايخ أقاموا معها علاقات جنسية. وقد يكون النفاق بالقول: أعرف أن أحد الدعاة له صيت كبير فى مدينته ويحمل ترخيصا يسمح له بإلقاء خطبة الجمعة وله الكثير من المريدين الذين يجهشون بالبكاء عندما يتحدث إليهم ولكن ما لا يعلمه مريدوه هو أن هذا الرجل يحمل فى جعبته أطنانا من النكات الجنسية البذيئة والتى لا يتردد فى البوح بها فى جلسات السمر مع زملائه. وروى لى أحد معارفى بأن رجلا اعتاد أن يؤم المصلين فى مسجد القرية ويلقى عليهم الخطبة فى يوم الجمعة حيث يتحدث عن الأخلاق النبيلة وصلة الرحم وذات صباح فوجئ الأهالى بخطيبهم وإمامهم يخلع ثيابه فى قارعة الطريق ويهم بالهجوم على إحدى قريباته فى القرية وفى نفس الوقت يكيل لها السباب بألفاظ جارحة تخدش الحياة وتدخل الأهالى لإنقاذ السيدة من يد ولسان الخطيب المفوه وعندما حان موعد الصلاة فى يوم الجمعة التالى لهذه الواقعة فوجئ الأهالى بهذا الشخص وقد ارتدى عمامته ويستعد لاعتلاء المنبر عندئذ هب المصلون لمنع الرجل من الصعود إلى المنبر فى مسجدهم. لقد أدركوا مؤخرا أن الرجل قد فقد مصداقيته وأن سلوكه وأفعاله لا ترتقى الى أقواله وعظاته.

وربما يعتقد الكثيرون أن شعوب الغرب تتغاضى عن أخطاء رجال الدين وتتجاهل النفاق الذى يصدر عنهم. وما نجهله هو أن المجتمعات الغربية لا تتساهل مع الأخطاء والخطايا التى تصدر من رجال الدين حيث لا يجدي الندم ولا تنفع الدموع ولا يملك المرء سوى تقديم الاستقالة والانزواء بعيدا عن الأنظار: فى عام 1986 قام جيمى سواجرت المبشر الشهير بكشف النقاب عن علاقة رجل دين يدعى مارفن جورمان مع إحدى السيدات. ودفعت رغبة الانتقام مارفن إلى تكليف مخبر خاص استطاع أن يجمع أدلة تؤكد أن سواجرت قضى بعض الوقت مع إحدى العاهرات (دبرا ميرفى) وقام مارفن بتسليم الصور الدالة على العلاقة للقيادات الدينية التى قررت ضرورة إيقاف سواجرت عن العمل فى برنامجه التلفزيونى لمدة ثلاثة شهور. وفى 21 فبراير 1988 طلب سواجرت الصفح من عائلته وأتباعه وجمهوره قائلا: لقد ارتكبت ذنبا فى حقكم والغريب أن سواجرت رفض الخضوع لقرار الجهة الدينية واستأنف برنامجه التلفزيونى. وقد رأت الجهة الدينية أن سواجرت ليس نادما عن فعلته فقررت إلغاء ترخيصه وإيقافه عن العمل فى مجال التبشير. وفى 11 أكتوبر 1991م ضبط سواجرت فى صحبة عاهرة أخرى تدعى روزمارى جارسيا والتى اعترفت أن سواجرت التقطها من الشارع للممارسة الجنس. بعد هذا الموقف أعلن نجله دونى أن والده قرر الابتعاد عن مؤسساته الدينية. وفى مارس عام 1987م كانت امراة تدعى جيسيكا هان تهدد رجل دين من المشاهير هو جيم بيكر بدعوى أنه حاول اغتصابها. ورغم أن بيكر اعترف أنه قابل هان فى فندق قى فلوريدا إلا أنه أنكر محاولة الاغتصاب. وتبين فيما بعد أن مساعدى بيكر دفعوا حوالى 279 ألف دولار لهذه السيدة حتى لا تتهم بيكر بمحاولة اغتصابها مما دفع بيكر إلى تقديم استقالته من الجمعية الدينية. وهناك واقعة أخرى وقعت أحداثها فى عام 2006م فى ولاية كولورادو حيث قدم تيد هاجارد وهو من أشهر المبشرين فى الولاية استقالته من كافة الوظائف القيادية بمؤسساته الدينية وذلك إثر تعرضه لاتهامات بالشذوذ الجنسى وتعاطى المخدرات، وهى ذات الاتهامات التى أدت إلى استقالة رجل دين آخر هو بول بارنز فى دنفر. ولم تمض بضعة شهور على هذه الواقعة حتى شهدت جورجيا فضيحة مدوية حيث أعترف ايرل بوك أسقف كاتدرائية الروح القدس بأنه كان على علاقة آثمة مع زوجة أخيه.

من الواضح أن رجال الدين الذين يدعون الناس إلى الفضيلة يجب أن يتحملوا مسئولية الأفعال التى تصدر عنهم، إذ يتوقع العامة أن تكون هذه الأفعال والسلوكيات متسقة مع المواعظ التى تتدفق من ألسنتهم. وهذا يدعونا إلى أن نتذكر دائما أن رجال الدين فى النهاية بشر قد يقعون فى أخطاء لا تتفق وتعاليم الديانة التى يعتنقونها ويدافعون عنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري