الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة العقلانية

صاحب الربيعي

2008 / 4 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعبر عن كافة القوى والسلطات المؤثرة والصانعة للقرار السياسي والمنضوية تحت إرادة سياسية موحدة تعمل على تنفيذها وغالباً ما تكون مكتسبة للشرعية كونها حكومة منبثقة عن إرادة المجتمع. أي إنها حكومة ذات قيادة جماعية لها برامج وخطط تنموية تسعى لتحقيقها ولايعني ذلك عدم وجود معارضة سياسية لتوجهاتها لكنها ليست معارضة مهمشة بل مشاركة (إلى حد ما) في صناعة القرار السياسي أو على الأقل مؤثرة في صناعة القرار السياسي.
فالحكومة العقلانية أقرب ما تكون إلى حكومة توافق بين القوى السياسية المتحالفة لصناعة القرار السياسي وليست حكومة تمثيل لقوى سياسية، بتعبير آخر أنها قيادة تمثيل إرادة سياسية محددة تسعى لإضفاء الشرعية على قراراتها السياسية من خلال إشراك كافة القوى السياسية في صناعة القرار السياسي خاصة المتعلق منها بالسياسات العليا للبلد. وبهذه الآلية تتقاسم مسؤولية القرار السياسي مع القوى السياسية الأخرى لضمان تأييدها ومساندتها للعملية السياسية.
هذا الشكل من التنظيم والقيادة والمشاركة الفعالة في صناعة القرار السياسي في الحكومة العقلانية لايتم إلا في المجتمعات المنتظمة التي قطعت أشواطاً متعددة من التطور والرقي وأفرزت نخباً سياسية تتسابق على تحقيق المكاسب الاجتماعية وليست أحزاباً متناحرة همها الأساس إسقاط السلطة لتحل مكانها.
يعتقد ((سان سيمون))"أنه في المجتمعات المنتظمة هناك سلطتان تمثلها الطبقة الحاكمة: سلطة تتحكم بالقوى الفعلية والأخلاقية، وسلطة تتحكم في القوى المادية".
بالرغم من أن الشرعية الأساس للحكومة تكتسب من المجتمع خاصة منها الحكومة العقلانية التي تمثل إرادة المجتمع لكنها في أحيان كثيرة تصطدم قراراتها مع المصالح الاجتماعية فهناك قرارات سياسية استراتيجية يتوقف عليها مستقبل ومصالح الأجيال القادمة لكنها غالباً ما تكون متعارضة مع مصالح الجيل الحالي مما يؤدي لزعزعة الثقة بالحكومة وتضاءل فرص استمرارها في السلطة لأن المجتمع يبحث عن مصالحه الآنية ولاتشغله السياسات الاستراتيجية للبلد.
هذا الأمر يتطلب توافقاً للقوى السياسية على صناعة القرار السياسي الاستراتيجي ويضع المجتمع أمام مسؤولياته الأخلاقية تجاه الأجيال القادمة خاصة ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية واستثمار الثروات الطبيعية أو حجب بعض المكاسب الاجتماعية المتعارضة مع الالتزامات الدولية واقتصاديات السوق والسياسات المالية العالمية.
إن خروج إحدى القوى السياسية (لأسباب أنانية بحتة) على الاجماع حول صناعة القرار السياسي الاستراتيجي في الحكومة العقلانية لغرض كسب أصوات الناخبين وتغليب المصالح الحزبية على المصالح الوطنية العليا مستغلة تدني مستوى وعي الجمهور أو تغليب المصالح الذاتية دون النظر لمصالح الاجيال القادمة يعد خروجاً على الثوابت الوطنية.
فتضارب المصالح بين الحكومة العقلانية والمجتمع قد يسبب اختلالاً بين دخل المواطن وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية نتيجة السياسات الاقتصادية المرتبطة بالالتزامات الدولية.
لكن هذا الاختلال يجب أن لايضعف القدرة الشرائية للمواطن لدرجة الفاقة والعوز بحجة الاصلاحات الاقتصادية، فالتسوية والاصلاحات الاقتصادية التدريجية ومشاركة القوى السياسية في صناعة القرار السياسي وإطلاع المواطن على موجبات وفوائد الاصلاحات الاقتصادية....تعد من مهام الحكومة العقلانية لكسب ولاء قطاعات أوسع من المجتمع للوقوف إلى جانبها.
يقول ((ماديسون))"إن الحكومة الأكثر عقلانية لن تستغني عن كسب المجتمع للوقوف إلى جانبها".
فالحكومة العقلانية هي نتاج مؤسسات سياسية تفرز نخب مهنية عالية الكفاءة منجبة من مجتمعات مستقرة قطعت مراحل متقدمة من التطور الاجتماعي لذلك فإن توافقها ومشاركتها في صناعة القرار السياسي ينطلق من مصالح وطنية بحتة وليست من مصالح حزبية ضيقة.
وعدم فوز المؤسسة السياسية بالسلطة لايعني انكفاءها وتقوقعها واتخاذها لمواقف معارضة للسلطة القائمة وإنما لعدم قدرتها على طرح برامج انتخابية تحظى بموافقة المجتمع لذلك فمسعاها ومسعى المؤسسة السياسية الفائزة بالسلطة السياسية تحقيق المصالح الوطنية وتحت هذا الإطار تفعل مشاركتها في صناعة القرار السياسي في الحكومة العقلانية ولا تهمش نفسها.
يعتقد ((محمد زيعور))"أن السلطة هي جزء من دينامية القيادة بحيث نستطيع القول أن دينامية الجماعة لاتنتظم إلا إذا وجدت السلطة، فالسلطة هنا ما يناط بها مسؤولية القيادة وعلى صاحب السلطة أن يقود كامل العناصر وديناميتها لذلك فإنها تفرض دينامية الجماعة من خلال القائد".
إن الحكومة العقلانية هي إطار لمشاركة كافة القوى السياسية والاجتماعية في صناعة القرار السياسي لضمان تنفيذ سياساتها وبرامجها المختلفة في تحقيق المصالح العامة وبالتالي فإنها تسعى لتحقيق (إلى حد ما) برامج القوى السياسية الأخرى (الحاكمة والمعارضة) من خلال إشراكها في صناعة القرار السياسي بالتوافق أو التسوية لكسب تأييد ورضى كافة فئات المجتمع.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات إيران الرئاسية: خامنئي يحث الناخبين على التصويت في


.. الحكومة الجديدة في مصر تؤدي اليمين الدستورية • فرانس 24




.. الانتخابات النيابية الفرنسية: نتائج الجولة الأولى في ميزان ا


.. مقتل قيادي بارز في حزب الله بغارة إسرائيلية استهدفت سيارته ب




.. #مصر.. إغلاق مبكر للمحال التجارية عند العاشرة مساء #سوشال_سك