الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهام علم الاجتماع

صاحب الربيعي

2008 / 5 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يسعى علماء الاجتماع إلى إصلاح أو إعادة بناء النظام الروحي لأفراد المجتمع عبر عشرات السنين لكن أي سياسي معتوه قادر على هدم هذا البناء خلال فترة قصيرة من الزمن. فالتخريب الروحي للإنسان يعد الأكثر خطورة على المجتمع لأنه يهدم الأسس الأخلاقية الرادعة للأعمال المنافية للقيم العامة فتزداد معدلات جرائم القتل والاعتداء والسرقة...وغيرها.
إن الدولة غير قادرة على توفير الحماية لكل فرد في المجتمع عبر أجهزتها القمعية عند وجود أعداد كبيرة من الخارجين على القانون لكنها قادرة على إعداد برامج تربوية لإعداد أجيال تنبذ العنف وتحترم القانون أي توعية المواطن بحقوقه وواجباته تجاه الدولة والمجتمع.
ويحتاج تنفيذ البرامج التربوية لعشرات السنين من أجل تقويم السلوكيات والممارسات السيئة في المجتمع وغرز مبادئ جديدة تعزز الأواصر والصلات الإنسانية بين أفراده، فالبرامج تعد سلسلة مترابطة ومتواصلة من المبادئ الجديدة المطلوب غرزها في وجدان المجتمع بصورة تدريجية وبعيدة عن الإكراه لتكون فعالة وتحقق أهدافها المنشودة.
لكن إنقطاعها لفترة زمنية أو تغير أهدافها نتيجة هيمنة سلطة مستبدة أو تفشي الحروب يؤدي إلى نتائج معاكس فتختل عملية البناء الروحي لأفراد المجتمع، فالجيل الذي يواكب هذه المرحلة يصبح عرضة للتخريب والانتهاك لأن بناءه الروحي لم يكتمل بعد كالجيل الذي سبقه فيتغير سلوكه وممارساته بسرعة مذهلة بما يتنافى وقيم المجتمع فتتسع الهوة بين الجيل القديم والجديد الذي لايبدي احتراماً وتقديراً لقيم آباءه ويعتبرها بالية.
يعتقد ((دوركيم)) أن إحدى مهام علم الاجتماع:"البحث في السلوك البشري المنافي لقيم المجتمع".
إن سلوكيات وممارسات البشر ليست عفوية تماماً، فقد يمارس الفرد سلوكاً شاذاً في المجتمع دون أن يعي خطورته أو انتهاكه لحقوق الاخرين لكن دافع هذا السلوك كامن في لاوعيه يحفزه على ممارسته وبسبق الإصرار.
وقد لايكون مسؤولاً تماماً عنه لأنه مغروز في ذاته عبر التربية وليس لديه القدرة على التمييز بين السلوك الشائن والسلوك السوي لذلك فإن الإنسان ليس بريئاً تماماً ولا متعمداً بتصرفاته وممارساته اليومية.
ومن مهام علم الاجتماع تحديد السلوكيات والممارسات الشاذة المغرزة في لاوعي أفراد المجتمع والعمل على اجتثاث مسبباتها والتعريف بخطورتها واستبدالها بقيم أكثر تحضراً من خلال إعداد البرامج التربوية على كافة المستويات التعليمية، الأسرية، والشبابية، والإعلامية....لإصلاح أو إعادة بناء النظام الروحي للإنسان على شرط أن لايعي آلية تمريرها إلى ذاته الكامنة.
لأنه لو اعتمدت آلية مباشرة في تمرير المبادئ الجديدة إلى وعيه سيرفضها مباشرة فطبيعة الإنسان طبيعة متحفظة تخشى الاختراق والتجديد الذي يطال منظومتها الداخلية لشعورها الواعي المساس بحقوقها الشخصية كونها ذاتاً ترفض التحكم والإذعان للآخرين.
وبخلافه فإنها تذعن وتنصاع ظاهرياً حين تفرض عليها المبادئ الجديدة بالعنف لكنها ترفضها باطنياً مما يؤدي لفشل الأهداف المنشودة للتربية التي يسعى إليها علماء الاجتماع.
يرى ((ماكس فيبر)) أن من مهام علم الاجتماع:"تفسير السلوكيات والدوافع وغايات الأفراد وتوجهاتهم في المجتمع، وتحديد أنماط القيم والتربية التي ينبغي عليهم نبذها أو اعتناقها وتقييم النتائج لتحقيق الأهداف".
إن سعي علماء الاجتماع لرصد السلوكيات والممارسات والدوافع لأفراد المجتمع وإخضاعها للتقييم المتواصل لتتواءم مع متطلبات العصر، تعد مساهمة واعية لتقويم وإصلاح المجتمع وتعزيز النظام الاجتماعي وإنقاذ المجتمع من الأمراض الاجتماعية المستحكمة، واجتثاث عقد الخوف والعنف والريبة والشك الكامنة في لاوعيه واستبدالها بمفاهيم الحب والتسامح، وغرز مفهوم المواطنة والولاء للدولة.
إن دور علماء الاجتماع مُغيب تماماً في الدول المتخلفة لاعتقاد السياسي المعتوه أن استخدام العنف مع المجتمع كفيل بتحقيق كافة أجندته الآنية، فهو غير معني بالآثار السلبية للعنف التي تطال وجدان المجتمع مستقبلاً.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم