الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يتنصل الاميركيون عن وعدهم بالفيدرالية؟

سالم مشكور

2004 / 1 / 5
القضية الكردية


يشهد العراق حالة حراك وحيوية سياسية، لم يشهد لها هذا البلد مثيلا منذ انتهاء العهد الملكي. لذلك فان هذا الوضع غير المألوف يدفع العراقيين باستثناء معاصري الملكية الى الخوف مما يجري واستهجانه واعتباره فوضى ربما تؤدي الى خراب البلاد. فكل المواضيع خاضعة اليوم للنقاش، وكل يبدي رأيه بصراحة مفرطة لم تتعود مراعاة الآخر. يزيد من ذلك ان النظام السابق والانظمة الجمهورية التي سبقته خلقت من المشاكل المتفاقمة ما يزيد من سخونة الساحة العراقية المفتوحة اليوم على كل المطالبات وسعي كل المتضررين الى تصحيح اوضاعهم. فكل مطالبة او تصريح يحرك نقاشا واسعا بين مؤيدين ومعارضين. وهو نقاش يشكل، رغم تجاوزه احيانا حدود اللياقة، تمريناً للعراقيين على سلوك حضاري افتقدوه عقودا، ولا غنى لهم عنه لاقامة نظام ديموقراطي يستبشرون بوضع لبناته الآن. احد هذه النقاشات اثارها موقف صدر عن الزعيم الكردي وعضو مجلس الحكم المستنكف دائما عن حضور اجتماعاته، مسعود البارزاني وانطوى على تهديد مبطن اذا لم يحصل الاكراد على الفيديرالية كما يريدونها. فقد ظهرمقال في صحيفة كردية تابعة للحزب الديموقراطي الكردستاني بقلم البارزاني انطوى على تهديد باللجوء الى "خيارات اخرى" اذا ما اصرت الاطراف الاخرى على تطبيق فيديرالية على اساس جغرافي او على اساس المحافظات. ورأى البارزاني ان الحل الوحيد هو فيدرالية على اساس قومي تقوم على جعل كردستان منطقة واحدة تتمتع باستقلال نسبي ضمن اطار الدولة العراقية. وكردستان هذه تمتد لتشمل مدينة كركوك المتنازع على هويتها القومية بين التركمان الذين يعتبرونها عاصمتهم القومية والاكراد الذين يقولون انها جزء من كردستان التاريخية وانها تعرضت للتغيير الديموغرافي على مدى عقود. كما تمتد كردستان حسب المطالب الكردية الى مدن في محافظتي ديالي الوسطى والموصل الشمالية. وتزامناً مع هذا  المقال تقدم الاعضاء الاكراد في مجلس الحكم بمشروع قانون الى المجلس لتثبيت هذه المطالب من الآن لتصبح امرا واقعا قبل انبثاق اي من المؤسسات الدستورية المرتقبة. هذا التحرك يشير الى مخاوف لدى الاكراد من ان الفيديرالية وفق الصيغة التي رسموها لأنفسهم واستطاعوا انتزاع اعتراف الاطراف السياسية المعارضة سابقا بها، ربما تتعرض للتنكر في ظل الظروف الجديدة. بل ان البعض يقول ان الاميركيين لم يعودوا متحمسين للفيديرالية اصلا او انهم يؤيدون فيديرالية على اساس المحافظات الثماني عشرة، وهو ما يلقى ترحيبا من الاطراف السياسية العربية في العراق التي ترى في هذه الصيغة ابعادا لهواجس الانفصال التي تنتاب بعض اوساطها. الاكراد من جانبهم  يظهرون تنصلا من بعض تعهداتهم السابقة التي حصلوا على اساسها على اعتراف الاحزاب الاخرى بالفيديرالية اقلها انهم وعدوا بأن يتم ذلك على اساس التراضي وبناء على استفتاء عام ليقول الشعب العراقي كله رأيه في ذلك. لكنهم بادروا بعد ذلك الى اقرار صيغة فيديرالية في البرلمان الكردي تقترب من الكونفيديرالية التي تعني الانفصال عمليا، واعتبروا الامر منتهياً عند هذا الحد. والسؤال هنا: ما هي "الخيارات الاخرى" التي لوح بها البارزاني؟ هل يريد خوض الحرب مع عرب العراق ليحقق "الفيديرالية بالتراضي" التي تحدثوا عنها سابقا؟
النقاش الدائر في الاوساط العراقية حاليا يدور حول مغزى الاصرار الكردي على فيدرالية كردية واسعة ما دام العراق الجديد سيكون ديموقراطياً لامركزياً، ومقدماته تقول ان للاكراد شأناً كبيرا فيه وهم سيتمتعون بكامل حقوقهم في كل المجالات، ابرزها مشاركتهم في اعلى المناصب دون اي حظر كالذي ساد على مدى عقود؟ مثل هذا التساؤل يستبطن هواجس من ان الاطراف الكردية تريد صيغة تقف عند حافة الاستقلال الكامل الذي سيكون من السهل اعلانه اذا ما توافرت ظروفه. يزيد من صدقية هذه الهواجس مواقف تصدر باستمرار عن بعض المسؤولين الاكراد تلوح منها رائحة التهديد بالانفصال اذا ما اصرت الاطراف الاخرى على مواقف تتعلق بهوية الدولة العراقية ودستورها. لكن الاكراد يقولون في المقابل انهم امتلكوا دولة مستقلة لأكثر من عقد وان التنازل عنها لن يكون بدون ثمن.
انه واحد من مواضيع النقاش العراقي الساخن وما اكثرها اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3