الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل مصر دولة قبطية...؟!

محمد الشهابى

2008 / 5 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثر الحديث فى الآونة الأخيرة عن تاريخ الوجود الإسلامى فى مصر والجدل حول ‏
هل كان هذا الوجود الإسلامى على أرض مصر إستعمارا أم فتحا إسلاميا؟
وللإجابة على هذا التساؤل يجدر بنا الغوص فى تاريخ مصر القديم قبل دخول الإسلام للحكم والإجابة على هذا ‏السؤال

نظرة على تاريخ مصر القديم

للبدء فى هذه الرحلة عبر التاريخ المصرى القديم يجب علينا أن نعترف بأن فترة الحكم الفرعونى لمصر كان لها ‏أكبر الأثر فى تشكيل وجدان الشعب المصرى والذى مازال حتى عصرنا الحاضر يحتفظ ببعض من هذه ‏الموروثات الفرعونية ولذلك سنبدأ من نهاية الدولة الفرعونية التى سقطت على أيدى الرومان وذهب الفراعنة ‏بدون رجعة بعدما تركوا للشعب القبطى الأفكار الوثنية التى شكلت الشخصية المصرية القديمة والتى أصبحت ‏جزءا لا يتجزأ من هذه الشخصية.‏

ثم كان الإستعمار الرومانى الذى لم يكن أفضل حالا من سابقه حيث تفنن الرومان فى إذلال هذا الشعب وفرض ‏الضرائب عليه حتى وصل عدد أنواع الضرائب إلى 24 نوعا لدرجة أنهم فرضوا الضرائب على الموتى بحيث ‏لا يستطيع أهل الميت من دفنه إلا بعد دفع الضرائب.‏

ثم تلى ذلك فى بداية القرن الأول الميلادى بداية دعوة السيد المسيح ودخلت المسيحية مصر عن طريق مرقس ‏الرسول الذى قابله أهل مصر بالإنقسام لثلاثة فرق:‏
الأولى:رافضه تماما لهذ الديانة الجديدة التى تدعو إلى التوحيد وعبادة الله الواحد الأحد وترك عبادة الأوثان مما ‏أدى إلى إستشهاد الكثير من حملة هذه الدعوة الجديدة لتصادمها مع الموروثات الوثنية.‏

الثانية:إتخذت موقفا سلبيا تجاه هذه الدعوة لتخوفها من البطش الرومانى.‏

الثالثة:آمنت بهذه الديانة الجديدة لما رأته فيها من الأمل للخلاص من هذا الحكم الرومانى الغاشم وإنهارها ‏بمعجزات السيد المسيح التى كانت وستظل معجزات تدل على صدق رسالته ولكن للأسف كانت هذه الفرقة هى ‏أقل الفرق عددا وأقلهم من حيث التأثير لكونهم أكثر طبقات الشعب المصرى فقرا وقهرا .‏

ونتيجة لهذا الصراع بين الفرق الثلاثة وفقدان الدعوة المسيخية لكثير من رموزها خلال المواجهات مع الرومان ‏والذين إستشهدوا فى سبيل نشر هذه الدعوة تولى الدعوة المسيحية بعض من الضعفاء الذين إرتضوا بأن يخترعوا ‏ديانة جديدة تختلف تمام الإختلاف عن المسيحية الحقة التى أتى بها السيد المسيح حيث قاموا بعمل موائمة بين ‏العقائد الوثنية المتغلغلة فى الوجدان المصرى وبين الديانة المسيحية فقاموا بإستبدال آلهة الرومان والفراعنة من ‏حكام وأباطرة بالسيد المسيح الذين إتخذوه إلها وإبنا لله عز وجل وتعالى عن ذلك علوا كبيرا وقاموا هم رجال ‏الدين المسيحى (القساوسة) بأخذ دور الكهنة فى الديانات الوثنية للتقرب للآلهه من خلالهم وبذلك حافظ الرومان ‏على مناصبهم ومكانتهم لدى الشعب ووجد القساوسة فى ذلك الدور الذى يمكنهم من السيطرة على مقدرات هذا ‏الشعب ومازالوا حتى الآن يمارسون هذا الدور فلا يمكنك كمسيحى مخطىء أن يقبل الله توبتك إلا من خلالهم ‏بجلوسك أمام قس الإعتراف لتعترف له بذنبك فيقوم هو بدوره بالصفح والعفو عنك وإخبارك بأن الفادى قام ‏بحمل جميع الذنوب والخطايا.‏
وبذلك يحافظون على مكانتهم التى لا يمكنك تجاوزهم بل وتوغلوا فى الحياة السياسية للأقباط بإدعائهم أنهم ‏يمثلون الشعب القبطى وأنهم هم الوحيدون الذين يمكنهم الحوار بإسم هذا الشعب الذى لم يستطع على مر التاريخ ‏أن يحكم نفسه بنفسه على الإطلاق.‏

دخول الإسلام مصر

كان دخول الإسلام مصر حدثا لم يحرك قبطى واحد ساكنا لمواجهته وذلك للأسباب الآتيه:‏
‏1-‏ وصل الحال بالأقباط خلال فترة الحكم الرومانى لليقين بأنه لو إنتصر المسلمون على الرومان فبكل ‏تأكيد لن يكون المسلمون أسوأ من الرومان.‏
‏2-‏ النكاية من الرومان الذين أذاقوهم كل أصناف العذاب والذل والهوان.‏
‏3-‏ التشبث بالأمل فى أن يكون الحكم الإسلامى أكثر عدلا من الحكم الرومانى لما قد سمعوه عن العدل ‏والمساواة التى ينشرها المسلمون فى كل البلدان التى دخلوها.‏
وعند هذه النقطة بالذات يجب علينا التوقف والتأمل ‏
قدم المسلمون للأقباط عرضا للتعايش سويا فى مجتمع واحد يغلفه الحب والإحترام بحيث يحتوى هذا ‏العرض على:‏

الأول: الدخول فى الإسلام وفى هذه الحالة يكون على الأقباط جميع الحقوق والواجبات التى على العرب .‏

الثانى:دفع الجزية فى نظير أن المسلمين هم المنوط بهم تجهيز الجيش والحرب للدفاع عن الوطن وحماية ‏الأقباط ضد أى عدوان خارجى وبذلك يدفع المسلم ضعف مايدفع القبطى من زكاة ومن أنفس تلتحق ‏بصفوف الجبش للدفاع عن الوطن وإعفاء القبطى من الإشتراك فى هذه الحروب . ‏

فإختار جزء منهم الدخول فى الإسلام وإختار الجزء الآخر دفع الجزية والتعايش مع إخوانهم المسلمين فى ‏سلام ومحبة متساوون فى جميع الحقوق الواجبات لهم ماللمسلمين وعليهم ماعلى المسلمين .‏

ويجب علينا أيضا التوضيح لنقطة الجزية التى كثيرا ما يتشدق بها بعض من هؤلاء المضللين الذين لا يبغون ‏إلا الفرقة والفتنة فمالا يعلمه الكثير من النصارى اليوم هو أن تعاليم الإسلام تلزم المسلم بدفع أنواع كثيرة ‏من الزكاة من زكاة مال وزكاة زروع وزكاة الفطر وغيرها من أنواع الزكاة المختلفة فلو قارنوا بين ما ‏يدفعه المسيحى من جزية وما يدفعه المسلم لوجدوا أن المسلم يدفع أضعاف ما يدفعه المسيحى وبذلك نرد ‏أيضا بأن المسيحين الذين إختاروا الدخول فى الإسلام كان عن قناعة وإقتناع بدليل تكبدهم أموال الزكاة ‏بالإضافة لإلتحاقهم بالجيش مما يعرض للتضحية بأموالهم وأرواحهم أيضا.‏

نقطة أخرى تثبت عدل الإسلام وسماحته:‏
فى هذا العصر وكما هو معلوم للجميع لم يكن يوجد منظمات حقوق إنسان أو ما شابه ‏
فماذا كان سيضير المسلمون لو أبادوا النصارى جميعا فى هذا الوقت ‏
ولكن وجود نصارى حتى الأن بما يقارب حوالى10 مليون مسيحى يثبت سماحة المسلمين و إنتهاجهم لمبدأ ‏حرية الإعتقاد منذ أكثر من 14 قرن‏

وطبقا للإحصائيات السكانية لمصر خلال الفترة من سنة 1897 الذى تم بواسطة الإنجليز وحتى إحصاء ‏سنة 1986 الذى تم تحت إشراف الأمم المتحدة نجد أن الأقباط قد حافظوا على نسبتهم لعدد السكان الكلى‏
وفيما يلى تفاصيل هذا الأحصاء
سنة 1897 كان عدد المسيحين 609511 نسمة بنسبة تبلغ 6.26 %‏
ووصلت النسبة فى الفترات التالية لما يلى
سنة 1907 كانت النسبة 6.3 %‏
سنة 1917 كانت النسبة 6.6 %‏
سنة 1927 كانت النسبة 6.76 %‏
سنة 1947 كانت النسبة 7.6 %‏
سنة 1947 كانت النسبة 5.8 % وذلك نتيجة الهجرة المتزايدة للمسيحين لأوربا وأمريكا

ثم كان إحصاء 1986 الذى بلغ فيه عدد الأقباط حوالى 4 مليون قبطى منهم 3.1 مليون أرثوذكسى والباقى ‏موزعون على الطوائف الأخرى
ومن غرائب هذا الإحصاء هو وجود تطابق تام بين نسب الوفيات والمواليد والمؤهلات العلمية ونسبة الأمية ‏ونسب الزواج بين كل من المسلمين والأقباط مما يدل على وحدة النسيج بين قطبى الأمة.‏

ولكن فى النهاية نقول:‏
عندما كانت مصر دولة فرعونية وثنية وعند دخول المسيحية مصر إختارت الأغلبية فى مصر الديانة ‏المسيحية ‏
وعندما دخل الإسلام مصر إختارت أيضا الأغلبية الديان الإسلامية.‏
إذا السؤال الآن لماذا نسمع الآن بعض من دعاة الفتنة والفرقة يدعو لعودة مصر لأصولها المسيحية ؟
ولماذا لا ندعو من باب أولى عودة مصر لأصولها الوثنية والفرعونية؟

فهل من مجيب؟










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 164-Ali-Imran


.. 166-Ali-Imran




.. 170-Ali-Imran


.. 154-Ali-Imran




.. 155-Ali-Imran