الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يصنع الدكتاتور ؟ .. في خصوصيات الواقع الصعب

مازن لطيف علي

2008 / 5 / 6
المجتمع المدني


يواصل الباحث العراقي سلام عبود نقده الثقافي الدؤوب لكثير من الاحداث التي يراها تستدعي الكتابة فبعد صدور كتابه الذائع الصيت “ ثقافة العنف في العراق “ الذي صدر نهاية التسعينيات وقد احدث جدلاً واسعاً في الوسط الثقافي العراقي بين مؤيد ومعارض ، صدر له حديثاً كتابه الجديد “من يصنع الدكتاتور_صدام نموذجاً” عن دار الجمل _المانيا ، يرى الباحث سلام عبود ان مراجعة تجربة البعث ، وإعادة الجدل حول التجربة هو القضية الأساسية في الكتاب ، والنقد الموجه لتجربة البعث هو مقدمة لإثارة جدل علمي، عميق, ثقافي الأبعاد، وليس مجرد جدل سياسي المرامي .

يقول المؤلف في المقدمة" يضم هذا الكتاب أفكارا عن موضوع محدد: الديكتاتور ونظام العنف. هذه الأفكار كتبت في أوقات مختلفة, بعضها حديث جدا وبعضها الآخر يعود الى ما قبل سقوط النظام الديكتاتوري. حينما قمت بجمع مادة الكتاب وإعادة النظر فيها مجتمعة, أحسست بأمر غريب, خلاصته أنني لم أستطع التمييز بيسر بين الأفكار التي كتبتها قبل السقوط وبعده. لذلك قمت بتعديل بعض الصيغ الزمنية لكي لا يساء فهم النصوص. بيد أن هذه الملاحظة جعلتني أفكر في أمر أبعد من حدود التأليف: لماذا نشأ هذا الإحساس عندي؟ الجواب الذي توصلت اليه يقول إن تناقضا كبيرا, ظاهريا أو حقيقيا, يسود الحياة التي تتناولها النصوص, تناقضا يخلط الحاضر بالماضي, الشانق بالمشنوق والمحتل بالمحرر. ووجدت أن هذا التناقض يبرز على النحو التالي: على الرغم من الزلزال الكبير الذي نجم عن سقوط الديكتاتورية وسيادة مرحلة العنف المطلق فيما بعد لم تتقدم عجلة الواقع الى الأمام. فالأحداث الجسيمة التي صارت موضع جذب لأسماع وأنظار العالم كله لم تغيّر, جوهريا, مبادئ وقوانين تسيير الحياة. فلم يزل العنف المقرون بالاستهانة بكرامة الإنسان وبالحياة الاجتماعية هو المسيّر الأساسي لمنطق الواقع, وهو القائد الأوحد, على الرغم من تنوع وتشعب مظاهره. إن السبب الحقيقي الذي يكمن وراء ذلك هو أن العقل الذي أعقب صدام لم يرتق الى مستوى مرحلة ما بعد السقوط سياسيا واجتماعيا وثقافيا, ولم يكن مؤهلا تأهيلا كافيا لتلك المهمة الخطيرة. لوحة الواقع قاتمة الملامح: غياب المشروع الوطني لدى بعض القوى, غياب أو تغييب المشروع الديمقراطي والتيار الوطني الديموقراطي الاجتماعي الحر, واعتماد جعات معينة على القوى الأجنبية إقليميا ودوليا, والاعتماد على الأشكال الأكثر تخلفا وبدائيّة في إدارة المجتمع والأزمات( التحاصص, الميليشيات, القبائل, الفساد المادي والأخلاقي), وغياب جدول عمل وأهداف معللة علميا, تنبع من خصوصيات الواقع الوطني, وتضع الإنسان العراقي في مركز اهتمامها الرئيسي. لقد سادت, قبل وبعد الاحتلال والسقوط, نظرية "أسوأ الاحتمالات". وهي نظرية اشكالية المحتوى, متخلفة الأسباب, . اعتاد هذا العقل أن ينظر الى الواقع من خلال مقارنات دونيّة بين شر وشر, بين قاتل وقاتل, بين محتل ومحتل, بين لص ولص: الى آخر هذه القائمة اللانهائية من المقارنات البليدة. فالشر والتخلف والعنف هي المعيار والمقياس, لا الخير والأمان والاستقلال والرفاه والسلام.هذا التناقض يخفي تحته سلسلة واسعة من التناقضات الاجتماعية والسياسية, لا سبيل الى فهمها من دون فهم ظاهرة الديكتاتورية على حقيقتها. إن كشف باطن الديكتاتورية ومحتواها الداخلي مهمة وغاية أساسية من غايات هذا الكتاب, هدفها فتح باب العقل وتحريره وإبعاده عن معايير الشر ومنطقه وشروطه القاتلة, وحثّ التفكير على الوصول الى لحظة تنوير مرتقبة تربط حاجات الإنسان الجوهرية بأفق الخير والعدل والحب والجمال والسلام". ويرى سلام عبود ان : إن مشروع العنف البعثي ومشروع العنف الأجنبي وجهان لعملة واحدة, فهما يشتركان في جوانب جوهرية, رغم تعارضهما الظاهر.وقد آن الأوان أيضا لمن سايروا حقبة صناعة الديكتاتورية, ممن لم يرتكبوا جرائم إنسانية أو مهنية, أن يقدموا لشعبهم وجها صادقا, جريئا, ناقدا لآثام الحقبة الديكتاتورية وجرائمها, لكي يتمكن الشعب من قبولهم بثقة كأعضاء في جماعته الكبيرة, ولكي يتمكن من إعادة تطبيع الحياة على أسس وطنية, وبناء المستقبل..ويرى الباحث سلام عبود انه لا يمكن للمجتمع أن يبني مشروعه الحضاري من دون الاجابة عنها إجابة واضحة وحاسمة. بيد أن الاجابة عنها تتطلب جدلا عنيفا. فما زالت هذه الأسئلة مغروسة في حياتنا لا كأسئلة نظرية، بل هي موجودة كبنى ومؤسسات فكرية وتنظيمية وإدارية، تفعل فعلها في مجرى النشاط اليومي، وتؤثر تأثيرا سلبيا في مجرى الجدل السياسي والاجتماعي. ويزيد من حدة تأثيرها اضطراب الواقع الاجتماعي العربي وهشاشته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً- رئيس تشيلي: الوضع الإنساني في غزة


.. الأونروا: ملاجئنا في رفح أصبحت فارغة ونحذر من نفاد الوقود




.. بعد قصة مذكرات الاعتقال بحق صحفيين روس.. مدفيديف يهدد جورج ك


.. زعيم المعارضة الإسرائلية يحذر نتنياهو: التراجع عن الصفقة حكم




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مسؤول الأغذية العالمي في فلسطين: