الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رد علي الأستاذ محمد الشهابي : قضية صَلب المسيح... الفِكر العربي يحتاج إلي تصحيح

أسعد أسعد

2008 / 5 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تحياتي للأستاذ محمد الشهابي و أشكره للإهتمام الذي أبداه و الوقت و الجهد الذي قضاه في الرد علي مقالي المتواضع بشأن تصحيح الفِكر العربي بخصوص قضية صَلب المسيح.
و أستأذنك يا قارئي العزيز أن أبدأ بمقدمة غير سارة للمدافعين عن التاريخ العربي. لأن الخلط بين دوافع تكوين الإمبراطورية العربية (كنوز الشام و إيوان كسري و خيرات مصر) و بين دوافع التبشير بالدين الإسلامي قد أوقع المسلمين اليوم في إشكال فكري في التعامل مع الآخر فلا يري فيه إلا كافرا أو جاهلا أو متعصبا أو كارها للإسلام و المسلمين. و هذا الفكر قد أكسب بعض الكتّاب المسلمين نظرة إستعلائية و كأنهم هم وحدهم الذين يملكون الحقيقة أما الباقون فهم قاصرون عن التفكير طالما إنهم لا يتّبعوا الدين الإسلامي كما فهمه العرب و فرضوه علي الشعوب التي غزوها.
حروب النبي محمد لإخضاع الجزيرة العربية مؤرّخة و موثقة و الحروب التي قادها الخليفة أبو بكر من بعده لتثبيت المملكة تصفها كتب التاريخ و المراجع الإسلامية بكل دِقة. و جميع رموز الإسلام العربي لهم باع في القتل و التنكيل بالأعداء و علي رأسهم خالد إبن الوليد الذي لُقّب بسيف الله أو سيف الإسلام المسلول. فلما إكتملت القاعدة الحربية إنطلقت الجيوش العربية إلي الشام و العراق و مصر و شمال إفريقيا تحت شعار لا إله إلا الله محمد رسول الله , بل لقد عَبَر طارق بن زياد و جيوشه البحر المتوسط ليغزو أسبانيا الآمنه تحت نفس الشعار. و قد تم جمع القرآن و الأحاديث النبوية في هذا الجو من الحرب و التوتر و القتال بين فِرَق المسلمين بعضهم بعضا و بينهم و بين العالم المسيحي من جهة أخري. و ما يزال الفِكر الإسلامي يعاني إلي اليوم من عدم القدرة علي إقرار ما هي نصوص الحديث و السنة النبوية الصحيحة و ما هي التفاسير القرآنية السليمة .
لقد إستولي العرب علي كنوز الروم و إيوان كسري و نهبوا خيرات مصر بدعوي تحريرها من الظلم الروماني. و نتيجة هذه الفتوحات و السيطرة و الإحتلال فقد نشر العرب الدين الإسلامي تحت ظلال السيوف و في جو من المعارك و الحرب و إستعلاء الجنس العربي علي بقية الأجناس حتي الذي صار منهم من المسلمين. لقد طمس العرب الحضارات التي كانت قائمة آن ذاك و أجهزوا علي ما كان قد بقي منها فتلاشت حضارة ما بين النهرين و وئِدَت الحضارة المصرية , و كانت تعليمات الخليفة عُمر إبن الخطاب إلي قائده عَمرو إبن العاص حين واجه كنوز العلم و المعرفة في مكتبة الإسكندرية "إذا كان ما فيها يوافق كتاب الله فما حاجتنا إليها..." و نهب العرب أرض مصر فأرسل عَمرو قافلة محملة بأسلاب مصر كان حجمها هائلا فكما قيل كان أولها في مصر و آخرها في ديار الخليفة العربي.
و الحقيقة إنه إذا نظرنا و قيّمنا هذا الزحف المذهل و سرعة إنتشار تلك الإمبراطورية فلا نملك إلا الإعجاب بذلك الإنجاز الذي سيبقي في التاريخ و الحضارة البشرية علامة مميزة. فكيف إستطاع هؤلاء البدو الرحل أن يقيموا مملكة مترامية الأطراف في زمن قياسي. إن من لا يعترف إن ذلك الإنجاز بمقياس ثقافة العصر و تتابع تاريخ الشعوب و الحضارات يعتبر أعظم إنجاز في التاريخ فإنه يتجني علي قدرة العرب القتالية و العسكرية و مهاراتهم التي إكتسبوها في زمن قصير جدا.
و المصيبة أن يعزي ذلك الإنجاز العربي الرائع في المهارة العسكرية القتالية و الرغبة في توطيد أرجاء الإمبراطورية إلي أن الغرض منه كان هو نشر الدين الإسلامي و الدعوة إلي الله. يا قاري العزيز ألا يؤدي هذا بأبسط مفكر أو باحث و أبسط قارئ لأن يستنتج إن الدين الإسلامي هو دين قائم علي العنف و القتل و السلب و النهب , الأمور التي هي من خصائص العمليات العسكرية و المعارك الحربية. فيثور الكتّاب العرب و يعلو صراخهم و يتوعدون بالويل و الثبور و أعاظم الآمور و يتهمون من يخُلص إلي هذا الإستنتاج بالتجني و الجهل و كراهية الإسلام و يحاولون أن يثبتوا إن الجيوش العربية كانت حمائم سلام تحمل أغصان الزيتون. المصيبة إن العرب يزيّفون حتي تفسير التاريخ و إذا ما وقعوا في شر تفاسيرهم راوغوا إلي تفسير آخر. و المثال هو : يقول العرب و ما يزالوا إن اليهود لم يقتلوا المسيح و إنما صُلِبَ شخص آخر بدلا عنه , و لما أصدر الفاتيكان و ثيقة براءة اليهود من دم المسيح صبّوا اللعنات علي رأس البابا الصهيوني عميل اليهود و علي الكنيسة التي تحالفت مع الشيطان و باعت دم مسيحها.
و الحقيقة التي يجب أن نضعها نصب أعيننا إن مناهج التفسير الإسلامي للقرآن ذاته و مناهج الحديث و السنة النبوية قد جُمِعَت و وضِعت أسُسِها في أزمنة إمتداد الدولة العربية و تحت ظلال الفتوحات العسكرية. كانت المسيحية في الذهن العربي حين ذاك هي الدولة الرومانية و مؤسساتها الدينية , فهي إما نصرانية مشركة كما ورد في القرآن عن ديانة و عقائد قبائل النصاري العربية أو محاربين روم يتقلدون الصليب و يرفعون شارته علي أسلحتهم حتي إن العرب لم يفرقوا بين قادة الروم العسكريين و قادتهم الدينيين. فالعرب واجهوا دولة رومانية رسمت الصليب علي السيوف و الرماح و الخوذات و الدروع. و استمر الصراع قرونا طويلة حتي أتي الصليبيون من أوروبا غزاة يقتلون و يسفكون الدماء لا يفرقون بين مسلم و مسيحي و يهودي و كل ذلك تحت علامة الصليب و بإسم المسيح و الكنيسة. فهل يوجد عاقل في تلك الأجواء يفسّر إنجيل المسيح بالمحبة و هل يوجد من يستمع إليه. و هل يوجد عاقل آخر يستطيع أن يفسّر رسالة الإسلام بالسلام و يجد من يصدّقه و يقبل كلامه.
يا قارئي العزيز لقد مات المسيح علي الصليب بمشورة و مكيدة اليهود و بجبروت و سلطان الرومان لكنه هَزَم الكل من سياسيين و عسكريين و قادة دينيين و علي رأسهم جميع الشياطين, بل هَزَمَ الموت ذاته بالقيامة من القبر ظافرا علي الشر و العنف و القتل و سفك الدماء , ليدعو البشرية كلها للسلام و الحب و التمتع بحياة الطهارة و النقاء , التي يهبها الله لكل من يقبل أن ينكر ذاته و يضع كبرياءه و تمسّكه بصلاح نفسه في التراب أمام الله و يحمل صليبه و يتبع المسيح. فيصر العرب علي إبقاء نار الحرب مشتعلة فرفعوا شعارا "ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم" دون أن يفهموا أبعاد النص و القصد منه و لا المعني الأبعد من قراءتهم السطحية لسياق آيات القرآن. إن العرب يرفضون تكامل الآيات القرآنية ذاتها ما دام ذلك يُبقي نيران الحرب مشتعلة بينهم و بين الصليبيين. بل و يرفضون بالأكثر تكامل النص القرآني مع التاريخ و مع ما سبقه من النصوص الدينية و يصرون علي إن الإسلام جاء ليصحح ما قبله و كأن ما قبله هو الجهل و الظلام و الكفر و التزوير و التزييف و التحريف , و السبب في هذا كله كما يدّعون هو أنه قد تحالف اليهود و النصاري في إنكار نبوة محمد إبن عبد الله النبي العربي , و لماذا لأن اليهود و النصاري يكرهون العرب أكثر مما يخافون الله و يتقونه , فكراهيتهم للعرب جعلتهم يُهلِكون أجيالا من أمتهم و شعوبهم في سبيل إنكار أن يكون للعرب نبي... و عجبي.
الأستاذ محمد الشهابي يتهمني بأن دراستي للقرآن غير كافية و لا تؤهلني للخوض في مثل هذه النقط و المسائل اللغوية. و أنا أتساءل يا عزيزي أنا أدرس من القرآن ما يخص المسيح يسوع , لأن المسلمين يتهمونني إنني نصراني أعبد ثلاثة آلهه و إني أجعل لله صاحبة و أنني أدّعي علي الله إنه إتخذ ولدا و إن المسيح و أمه مريم شركائه , بل و إني أضع الله من دونهم في الربوبية. فماذا تريدني أن أدرس من القرآن... الزواج و الطلاق و ملكات اليمين... الإسراء و المعراج و شهر رمضان... الزكاة والرّبا و الإنفاق ... أم الجنة و حور العين ...
ثم إن الأستاذ الشهابي يلفت إنتباهي إلي ضرورة أن أخلع عباءتي العقائدية حينما أتعرض لمثل هذه المسائل الخلافية حتي أتجرد من تعصبي لمذهب أو دين معيّن حتي لا أؤثر علي القارئ و أعرض الموضوع بحيادية ... و أنا أسألك يا سيدي الفاضل هل تخلع أنت عباءتك الإسلامية العربية و أنت تناقش هذا الموضوع ألم تكن عربيا متعصبا حتي النخاع و أنت تنتقد حتي بريدي الإليكتروني لأن فيه إسم المسيح , و تتخذه دليلا علي إني أتخذ لنفسي موقع المهاجم للإسلام و هو نفس منطق العرب الذين هدموا الحضارات المجاورة لهم. ألم تدفعك مشاعرك أن توجه لي إتهاما باطلا مثل هذا... أين هو هجومي علي الإسلام في مقالي الذي أنت تنتقده؟ أنا ناقشت قواعد لغوية و تفسير و لم أدين النص ولم أقل عنه شيئا كأن أتهم النص بأنه مزوّر و محرّف و مزيّف كالإتهامات التي يوجّهها المسلمون إلي الكتاب المقدس. أنا أهاجم الثقافة العربية و أنتقدها بشدة لأنها هدمت حضارات و عاشت طفيلية علي نتاج و عقلية بل ودم و عرق شعوب أخري و لك الحق أن تختلف معي فأنا قد أخطئ و قد أصيب في هذا الرأي لكن أنظر فهذا ما خرجَت لنا به الثقافة العربية من الإسلام...بول البعير ...رضاع الكبير...ملكات اليمين...قتل و ذبح و تفجير غير المسلمين .. بل و المسلمين المخالفين... ألا تري ياعزيزي إني قد أملك و لو بعض الحقيقة في إدانة الفكر العربي و طريقة تداوله للدين.
و تعالي ياصديقي ندرس الآية التي أنت تزعم بحسب نص قولك عنها"وأرد عليه بأن هذه الآيات واضحة لا تحتمل أى تأويل أو مواربة فالله سبحانه وتعالى يخبرنا بأن مايدعيه اليهود والنصارى فى مسألة الصلب ماهو إلا ظن أو لنقل وهم" و طبعا كلامك سليم إلا أن الفرق بيني و بينك أنك تعني إن الظن أو الوهم هو عن شخص المسيح بينما أنا أقول إن الظن و الوهم كانا عن قتل المسيح الذي كان في فكر اليهود هو ملاشاته من الوجود لأن قَتَلَة المسيح لم يكونوا مؤمنين بقيامة الأموات. فتقول الآية:
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً
و سؤآلي الأول لك هو : كيف يمكن أن يقول اليهود إنهم قتلوا المسيح؟ و المسيح في الديانة اليهودية هو حُلمهم و رجاؤهم و مخلّصهم المنتظر.
و السؤآل الثاني هو: هل كان اليهود الذين قالوا ذلك يؤمنون إن عيسي إبن مريم هو المسيح؟
و هذا يضعنا أمام إحتمالين , إما أن يكون القرآن قد أخطأ التعبير فنسب لليهود ما لا يؤمنون به , و هذا ما ستستبعده أنت و سأوافقك عليه أنا أيضا . أما الإحتمال الثاني فهو إن اليهود قد قالوا ذلك إستهزاء بالنصاري الذين إتهمهم القرآن بأنهم إتخذوا عيسي و أمه إلاهين من دون الله. فقول اليهود عن المسيح عيسي إبن مريم في هذا النص لا يمكن أن يكون صحيحا بل هو تفاخرا و تعاليا علي النصاري. و هذا ما قصد القرآن أن ينفيه و يوبّخه أي التّعالي و التّكبر و معايرة النصاري الذين كانوا أقربهم مودة إلي المسلمين.
أما ما قتلوه و ما صلبوه فالقرآن يقصد نفي إتمام الفعل كما قصده اليهود أي إهلاك المسيح و ليس تبديل شخص المسيح, لأن النص لم يرد فيه أي ذكر لشبيه للمسيح مطلقا. لأن فعل صلب المسيح و لو أنه تم تحت إرادة و مشورة اليهود إلا أن الفاعل و الأداة المنفذة للحكم كانت هي كتيبة الإعدام الرومانية. و هذا يذكّر اليهود بذلّهم (لإذلال كبريائهم و إدّعائهم) لأنهم تحت الحكم و الإحتلال الروماني لم يكن في إستطاعتهم تنفيذ أحكامهم بأنفسهم , فالقرآن يقصد الرد علي إستعلاء اليهود بتذكيرهم بمذلتهم. ثم نفي القول "ما قتلوه و ما صلبوه" لأن الأحكام الدينية اليهودية كانت تقضي بقتل من إستحق القتل أولا ثم بعد موته تعلّق جثته علي خشبة و هو ميت إذا كانت جريمته تستحق ذلك. أما القتل بصلب الإنسان حيا مباشرة فهو حكم روماني و ليس يهودي. و أضاف القرآن "وما قتلوه يقينا" لأن المسيح قام من الموت يا صديقي و لم يهلك كما أراد له اليهود.
ثم المقطع التالي عن شبّه لهم و إختلفوا فيه و إتّباع الظن... هل كان القرآن هنا يتكلم عن النصاري أم عن اليهود و عن اليهود فقط؟ و إذا فرضنا إن الله كان يريد خداع اليهود بسبب عدائهم للمسيح فهل خدع الله أتباع المسيح أيضا؟ فيكون إذا نسب المسلمون هذا الأمر إلي المسيحيين أتباع عيسي (أي أنه - أي المسيح - شبّه لهم – أي للمسيحيين أيضا) فيعتبر هذا إفتراء علي القرآن و تأويل النص ما لم يقله. ثم أنت تقول "إذا فكاتب المقال يقر بأن ذكر( لكن شبه) بدون الهاء تدل على أن هذا الفعل المبنى للمجهول هو عائد على حالة الإلتباس والوهم التى وقع فيها كل من شهد هذه الواقعة". و هذا كلام غير صحيح لأن الإلتباس و الوهم لم يقع علي "كل من شهد الواقعة" بل بحسب النص القرآني فقد وقع علي اليهود فقط و هم الذين فعلوه لأنفسهم (أي الإشتباه و الظن) و لم يفعله الله لهم. أما المسيحيون أتباع عيسي و باقي شهود الواقعة فلم يكن لديهم أي وهم و لم يُشبّه لهم و لم يكن لهم في المسيح المصلوب أي إلتباس و خاصة وجود مريم أم المسيح شاهدة عند الصليب و قد إشتركت في دفن جسد إبنها مع باقي أتباعه الذين كانوا واقفين عند الصليب عندما أسلم المسيح روحه و هو يقول "قد أكمل".
و سؤآلك عن أين الفاعل يا عزيزي فقد أوضحته لك أنه "كتيبة الإعدام الرومانية" و ليس اليهود. اليهود إستخدموا الرومان لقتل المسيح و القرآن يتكلم عن فعل القتل و ليس عن الحكم الذي أصدره اليهود علي المسيح.
ثم دعنا نناقش فهمك و تفسيرك لكلمة الوفاة , و لقد أورَدتَ لنا هذه الآيات:
كما قال تعالى: { وَهُوَ ٱلَّذِى يَتَوَفَّـٰكُم بِٱلَّيْلِ} الآية. وقال تعالى { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأٌّنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَٱلَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى" مَنَامِـهَا}
و لقد تجاهلت أنت تماما النص "ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأٌّنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا" لقد قَرَنَ القرآن هنا الوفاة بالموت أما أنت فتنفي ذلك و تدّعي إن الوفاة تعني النوم فقط. أليس بمثل هذا الفكر الذي يلوي عنق حتي القرآن العربي تأتي الكوارث العربية في تفسير القرآن العربي؟
لقد ظن اليهود إنهم قتلوا المسيح ... لكن الحقيقة هي إن الله هو الذي توفاه لأن المسيح صلي من علي الصليب قائلا "يا أبتاه في يديك أستودع روحي" و هو قال عن نفسه في موضع آخر "لي سلطان أن أضعها و سلطان أن آخذها أيضا" . القتل بيد الإنسان أما التوفي فبيد الله وحده سبحانه تعالي و تنزّه سبحانه جدا عما يتهمه به العرب من تهمة الغش و الخداع.
يا أخي إن الظن الذي يحيط باليهود في عقيدتهم عن المسيح الي اليوم ليس إنهم قتلوه هو أم لم يقتلوه بل هو أنهم لم يصدّقوا بقيامته من الأموات , بل و إدّعوا إن تلاميذ المسيح سرقوا جسده و الحراس نيام. فعقيدة اليهود إلي اليوم هي هل مات المسيح حقا أم كان مغمي عليه ثم قام و هرب , و هم حتي بعد أن فعلوا فعلتهم هذه فقد حاولوا التنصل منها , فحين واجه تلاميذ المسيح المجمع اليهودي بهذه الفعلة قال لهم رؤساء اليهود " «أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا بِهَذَا -لاِسْمِ؟ وَهَا أَنْتُمْ قَدْ مَلَأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هَذَا -لإِنْسَانِ».نفس اليهود الذين هتفوا أمام عرش الوالي الروماني الذي أراد أن يطلق المسيح فرفضوا و هتفوا "دمه علينا و علي أولادنا" و يأتي العرب بعد سبعماية سنة من جريمة صلب المسيح ليبرؤا اليهود منها .
و أستسمحك أن نترك اليهود في حالهم الآن و نحلل النص القرآني. أنت و المسلمون جميعا تؤمنون إن الله رفع عيسي إلي السماء... حسنا و أنا أؤمن بهذا أيضا لكن سؤآلي لك هو متي حدث هذا الرفع أقبل أن يتوفاه الله أم بعد أن توفاه الله؟ النص القرآني يقول صراحة في لغة عربية سليمة"إني متوفيك ورافعك..." فالوفاة حصلت للمسيح قبل رفعه فإذا قلت أنت أو أي مفسر آخر مهما كان باعه إن الله رفعه دون أن يتوفاه فأنت تخطئ التفسير عامدا متعمدا و هذا هو الفكر العربي و أنت تداري خطأك في تفسير الآيات الأولي بخطأ أفدح في تحريف الآيات الأخيرة. ثم لقد تكلم المسيح كما جاء في نص القرآن بحديث إلي الله فقال "فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم" و هذه العبارة كلها فعل ماض أي أن المسيح كان يتكلم عن أمور حدثت له و إنتهت , أي أن المسيح ساعة تحدّث بها إلي الله كان قد توفاه الله و بعثه حيا و قبل أن يرفعه إليه لأن الله لا يرفع أمواتا. و هذا يطابق قول المسيح عن نفسه "و سلام علي يوم ولدت و يوم أموت و يوم أبعث حيا" . فيكون رفع المسيح بعد أن بعثه الله حيا بشهادة القرآن في لغة عربية صريحة و واضحة أمّا لي عنق الآيات و تحريف الكلام عن موضعه فهذا شأن العرب و هم جد ماهرون و بارعون فيه.
أخي العزيز إذا كنت تصر علي عدم موت المسيح و قيامته فأنت تضع نفسك باختيارك في مصاف الذين ليس لهم فيه إلا إتباع الظن. و هذا ليس من الإيمان و ليس من الإسلام في شئ. فإذا أصريت أن تدّعي إن المسيح لم يُصلب فأرجو أن تجيب بأمانة علي هذه الأسئلة :
1 – هل وقعت حادثة الصلب التي كان مقصود بها قتل المسيح عيسي إبن مريم؟
2 – من الذي صُلِبَ ؟ إذا قلت إن الذي صُلِبَ ليس هو المسيح؟ فهل لديك الدليل و البرهان علي من هو المصلوب؟
3 – هل تعتقد إن المسيحيين يبدّلون دينهم بتزييف الواقعة و التاريخ؟ أم إن الله خدع المسيحيين؟ و إذا كان الله قد رفع المسيح إلي السماء حتي لا يقع في أيدي الأعداء و هذا في نظرك برهان علي قوة الله... فكيف يبدل المسيحيون دين القوة و النجاة من الموت بدين الذل و البهدلة و عار الصليب؟ هل يوجد دين أو مذهب يكذب من أجل الأحقر و ليس من أجل الأعظم و الأفخر؟
4 – لماذا يكذب المسيحيون في هذه القضية؟ و إذا قلت أنهم لم يكذبوا فهل تعتقد إن الله تركهم في ضلال أكثر من سبعماية سنة حتي يأتي القرآن بهذه العبارة "ولكن شبه لهم"؟ ثم يترك العرب يفرضون علي المسيحيين هذا التفسير الخاطئ للقرآن؟
يا أخي إن صلب المسيح لا ينكره إلا شيطان كما وبّخ المسيح نفسه تلميذه بطرس حينما قال له "حاشاك يا رب أن تُصلب" فوبّخه المسيح قائلا"إذهب عني يا شيطان" فهل ترضي علي نفسك أن تدين بدين الشيطان دونا عن دين الإسلام الصحيح المبني علي صدق إنجيل المسيح؟
سلام و نعمة من رب السلام و إله النعمة و المحبة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرد على الأستاذ أسعد أسعد
د. أحمد سرحان ( 2011 / 12 / 25 - 17:10 )
أخى الفاضل الأستاذ أسعد
جزاك الله خير على إسلوبك البحثى والتمدن فى الرد على الأستاذ محمد الشهابى وأنا أؤيدك الرأى فى بعض الردود وفهمك الواعى لنصوص القرآن الكريم ولكن أحب أن أضيف أن الفكر الإسلامى الموجود الآن ليس نابع من أصل معانى القرآن ولا أحكامه . كل هذه الإختلافات فى التفاسير من كتب أخرى من التراث أو المرويات الإسلامية وهى صناعة يهودية من الألف إلى الياء . وقد أجاد اليهود فى تزييف كتب التفاسير فى الدين الإسلامى وأيضاً فى الدين المسيحى وهى التى ولد من باطنها الإختلافات الذى وقع فيها المسلمون والمسيحيين فمثلاً هناك الأناجيل الأربعة المعتمدة من الكنيسة .وأيضاً هناك أناجيل أخرى لم يعترف بها مثل أناجيل بطرس ومريم المجدلية ونوماس.
فأعمال الظهوريين مثل إنجيل بطرس وهو أحد الاناجيل التي لا تعترف بها الكنيسه باعتبار انها لاتتوافق مع عقيدة بولس وقد اكتشف هذا الإنجيل بمقبرة بمنطقة أخميم في مصر عام 1884 الذى كتب فيه أن يسوع بذاته لم يتألم علىالصليب إطلاقاً وقال أيضاً أن يسوع قال ( ولكنهم لا يسنطيعون إيذائى وأنت يا بطرس ستقف فى وسطهمن لا تكن خائفاً بسبب جبنك، عقولهم سوف تغلق لأن الغير مرئى


2 - تكملة الرد على الأستاذ أسعد أسعد
د. أحمد سرحان ( 2011 / 12 / 25 - 17:47 )
قد إعترضهم - وعندما قال هذه الأشياء رأيته وكأنهم يقبضون عليه وقلت ماذا أرى يا سيدى، إنه أنت الذى يأخذونه ، وأنت الذى تقبض بيدى ، أو من هذا الشخص السعيد الضاحك فوق الشجرة ؟ وهناك شخص أخر يضربون على يديه ورجليه قال لى المخلص ( الذى تراه سعيدأ وضاحكا فوق الشجرة هذا هو يسوع الحى ولكن الذى يدقون فى يديه ورجليه المسامير هو جزءه الجسدى ( البديل ) الذى وضع فى المهانة الشخص الذى جاء إلى الوجود فى شبهه ولكن أنظر إليه وإلى ) وعندما نظرت قلت سيدى لا ينظر إليك أحد فانهرب لهذا المكان.- أليس هذا مكتوب فى إنجيل بطرس ومع الإعتبار أن هذا الإنجيل غير معتمد ومرفوض من الكنيسة كيف إستطاع قادة الكنيسة الأولى إتخاذ قرار أى الكتابات صحيحة .بالنسبة إلى الرسل وأيهما ليس كذلك. ليس هناك دليل واحد يثبت أن من كتب هذه الأناجيل جميعها المعتمد منها والمرفوض أنا الرسل هم الذين كتبوها
يوجد فيلم وثائقى يتحدث عن الكتب المفقودة هذا هو
http://www.youtube.com/watch?v=TsH3X6pfdDg
ولكن يا أخى أسعد ليست هذه هى قضايانا المهمة . إن جميع الأديان من عند الله واحد والله قد أرسل سرائعه فى الأرض عن طريق الرسل والرسل هنا وسيلة


3 - تكملة الرد على الأستاد / أسعد أسعد المحترم
د. أحمد سرحان ( 2011 / 12 / 25 - 18:10 )
الإنطباع النظرى للكتاب المقدس هو إنه واحد تضمن مجموعة كتب موحدة والتى تنظم نظرية اللاهوت بداية بإنجيل متى الدى يركز على اليهودية لمحات مرقص الحيوية كتفاصيل شاهد عيان إلى التصوف المتألق ليوحنا ورؤياه لليسوع المتجسد ه)ه هى الكتابات التى يفترض أنها الحقيقة.
أما بالنسبة لموضوع رضاعة الكبير وملكة اليمين وتفجير غير المسلمين ه)ه بدع كتب التراث وليس القرآن ولا العقيدة الإسلامية الحقيقية كما قلنا من قبل
وعندنا آية رقم 62 سورة البقرة تؤيد هدا الكلام : -
( إن الدين أمنوا والدين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) صدق
الله العظيمً
أنا أشكر لك ه)ا اللقاء وإلى كل مناقشات جدية وبناءة لإحترام قدسية الديانات والشرائع

اخر الافلام

.. ترمب يغازل المانحين اليهود بالورقة الفلسطينية ويطلق سلسلة من


.. حلمي النمنم: فكر الإخوان مثل -الكشري- | #حديث_العرب




.. 40-Ali-Imran


.. 41-Ali-Imran




.. 42-Ali-Imran