الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثير الرواسب الكامنة في النظام الاجتماعي

صاحب الربيعي

2008 / 5 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن العنصر الأساس في النظام الاجتماعي هو الكائن الحي المنضوي والمساهم في تعزيزه أو تقويضه، وبما أن حراكه الاجتماعي ناتج عن فعل اجتماعي وللفعل مسبب كونه ليس فعلاً عشوائياً وإنما فعلاً اجتماعياً يهدف لتحقيق هدف ما. فلابد من البحث في المسببات والمحرضات لهذه الأفعال التي في غالبها ليست بدافع مؤثرات خارجية وإنما ذات مؤثرات داخلية غير ظاهرة لكنها ملموسة تكمن في الذات وتعبر عنها بالفعل الذي ينتج عنه سلوك وممارسة للكائن في المجتمع.
وبما أن الفعل الاجتماعي هو سلوك وممارسة غير مقتصرة على الذات فإنها تمس مصالح الذوات الأخرى مما يتطلب البحث في جذورها باعتبارها رواسب كامنة، وقد يشترك راسب أو أكثر في الفعل الاجتماعي الذي يصنع السلوك والممارسة مما يتطلب تقصي تفاصيل كل راسب على حدة لتحديد نوع الفعل وطبيعة السلوك والممارسة العاكسة لماهية الراسب الكامن.
وبالنظر لإختلاف حجم وعدد الرواسب الكامنة في الذات من كائن لآخر فلابد من تصنيفها تبعاً للمسبب والفعل لتحديد السلوك المتوقع وتأثيره على النظام الاجتماعي تلافياً لمتاهة البحث في الرواسب الكامنة لكل ذات على حدة.
يحدد ((باريتو)) ستة رواسب كامنة في الذات:"الرواسب البيولوجية: تشمل الميول الوراثية، والعقد النفسية. والمشتقات: تشمل الايديولوجيات، وردود الفعل الكلامية-الحقائق الواقعية والخيالية. والحراك الاجتماعي وولادة الصفوات: تشمل نوع وحجم الرواسب في الذوات، كراسب الترابط والتجمع. وعلاقة الماضي بالحاضر: تشمل الديانات التي تعتبر أشكال متنوعة لجوهر واحد كونها تستند إلى العاطفة التي تؤسس لخضوع الطبقة الدنيا إلى الطبقة العليا في الماضي وتعبر عن ذاتها في الحاضر بخضوع الطبقات الدنيا إلى قادة النقابات والأحزاب السياسية وخضوع المجتمعات لسلطة العادات والتقاليد. والعوامل الاقتصادية: تشمل العوامل المؤثرة في طبيعة معيشة الفرد والجماعة وانعكاسها على السلوك. والبراهين اللفظية: تشمل استخدام الألفاظ والمصطلحات التي لاتتفق مع الحقائق والشعارات وكذلك استخدام التشبيه والبلاغة".
إن لكل راسب كامن آلية بالتعبير عن نفسه ووظيفة يؤديها في النظام الاجتماعي من خلال الذات، ليس باعتباره ميكانزم يشتغل بآلية ثابتة ومحددة التوجه وإنما راسب كامن يحرضه سبب، يصدر عنه فعل، يعكسه سلوك وممارسة، يؤثر في النظام الاجتماعي.
لذلك يتطلب الأمر البحث في وظيفة كل راسب وتأثيره في النظام الاجتماعي لتحديد انعكاسه (سلباً أو ايجاباً) على العناصر المنضوية تحت هذا النظام. بمعنى أكثر دقة أن الفعل الاجتماعي الذي ينتج السلوك والممارسة ليس عشوائياً وبدون دلالة حيث أن الراسب الكامن هو المحرك الأساس للأفعال الاجتماعية غير البرئية في أدائها السلبي أو الايجابي في النظام الاجتماعي.
يحدد ((نيقولا تماشيف)) ست وظائف للرواسب الكامنة في النظام الاجتماعي:
1-"الميل الغريزي لتأسيس الترابطات: تضم ثلاثة عناصر رئيسية (الميل إلى تاسيس الارتباطات بين العناصر المشتقة كالتفكير، الأبداع، الخيال، الأصالة، والعبقرية). والبحث عن الارتباطات والارتباطات الأفضل. والميل إلى الاعتقاد بأنهم ينجزون ما هو متوقع منهم.
2-غريزة استمرار الجماعة أو التجمع: تشمل العلاقات بين البشر، العلاقات الأسرية، العلاقة بالمكان، العلاقة بين الأحياء والأموات، تحول العواطف إلى حقائق موضوعية، التشخيصات، والحاجة.
3-الحاجة إلى التعبير عن العواطف بأفعال خارجية ومن أهم عناصرها: الحاجة الى فعل شيء ما للتعبير عن الذات الإنسانية من خلال تأسيس الترابطات المختلفة. واللجوء إلى طقوس معينة مثل التصفيق أو صيحات الغضب أو المرح للتعبير عن مشاعر وعواطف وتفاعلات داخلية. وحاجة الإنسان للتعبير عن عواطفه بأفعال خارجية يدخل في نطاقها التبريرات العقلانية أو التعبير عن الذات. وحاجة البشر لفعل شيء ما للتعبير عما يكمن في دواخلهم من رواسب.
4-الرواسب المرتبطة بالألفة الاجتماعية: تشمل الأشفاق على الذات ورفض المعاناة، الترهب والزهد، وعمق البعد القبري لدى الإنسان، والترفع، وقبول مشاركة الأخرين للفرد في ثروته الخاصة، والحاجة لقبول الجماعة واستحسانها، وعواطف الشعور بالتفوق على الآخرين، والشعور بالدونية بالنسبة للآخرين.
5-رواسب تكامل الفرد مع توابعه.
6-راسب الجنس: يتألف من الغريزة والترفع للسيطرة على الطبيعة البيولوجية، تحريمات الجنس في المجتمع، الحجاب، التنسك والزهد كأسلوب لإخفاء الرغبة الجنسية".
إن الفعل الصادر عن الذات (فعل ذاتي أو فعل اجتماعي) يختفي وراءه راسب كامن يحكمه مسبب ما يحرضه على انتاج فعل ما يعبر عنه بسلوك ما أو رد فعل لسلوك ما دافعه راسب كامن يتحرض بالفعل فيولد رد فعل على راسب مماثل في ذات مغايرة.
والراسب ليس نتاج زماني وإنما خزين لمورث (بيولوجي، تاريخي، ديني، وبيئي..) يحمل بصمات الأزمنة الغابرة في الذات الحاضرة ويختلف نوعه وحجمه بإختلاف سلسلة التطور البشري لكن تأثيره مرتبط بمستوى الوعي ودرجة المعرفة التي تولد رواسب جديدة أو تحطم سلسلة الرواسب القديمة غير المستجيبة للواقع لتحل مكانها مع الزمن لكنها لاتختفي من الذات تماماً فالتغييرات المختلفة التي تطرأ عليها تحتاج إلى مراحل زمنية ليست قليلة.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم