الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى سادتي المعلمين والمدرسين : ياعجوز ألم تكوني كنة؟

غازي الجبوري

2008 / 5 / 10
التربية والتعليم والبحث العلمي


أطفال العراق شانهم شان الكثير من الدول التي عانت ويلات الحروب والاحتلال الأجنبي حرموا من كل مستلزمات الطفولة السعيدة . وقد أفرزت هذه الظروف أجيالا تعاني أمراضا عضوية ونفسية عديدة وانخفاضا كبيرا في مستوى الذاكرة والذكاء بسبب الرعب الذي خلفته تلك الحروب ولا سيما بعد احتلال البلاد فضلا على ماسببه الحصار الاقتصادي الجائر من نقص في الأدوية واللقاحات والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية الأساسية أسفر عن قتل ملايين المواطنين معظمهم من الأطفال نتيجة انتشار أمراض سوء التغذية وعدد من الأمراض والأوبئة والملوثات البيئية الخطيرة.
وقد انعكس ذلك على المستوى العلمي للطلبة لعدة أجيال نتيجة لهذه الظروف مع بقاء المناهج الدراسية الضخمة التي لاتتلائم مع الحالة النفسية والصحية لطلبة اليوم على وضعها السابق واستمرار الأوضاع الأمنية والخدمية المتردية ما أدى إلى رسوب أعداد كبيرة منهم .
وهذا كله نستطيع أن نتفهمه لأنه واقع مفروض على الجميع إلا أن مالا يمكن تفهمه ذلك التعامل الذي يبديه "بعض" المعلمين والمدرسين تجاه الطلبة وكأنهم ليسوا عراقيين أو يعيشون خارج العراق أو لم يكونوا يوما ما طلبة ويتطلعون إلى أساتذتهم كأنما يتطلعون إلى آبائهم من رعاية وإنصاف وتفهم لظروفهم .
فنجدهم متشددين في تطبيق المعايير العلمية والقانونية التي لايمكن تطبيقها إلا في ظل الظروف الطبيعية متذرعين بانشغال الطلبة باللعب واللهو وعدم متابعة أولياء الأمور لهم في حين أن الواجب القانوني والأخلاقي والوطني يلقي بالمسئولية عليهم وحدهم وعلى إدارات المدارس ودوائر التربية لأنهم تم تعيينهم لهذا الغرض ويتقاضون رواتب لقاء تعليم وتربية الأبناء وليس لأي شيء آخر، فإذا ماكان هناك خللا ما فذلك يدل على وجود خلل في وسائل واليات التربية والتعليم ويأتي دور الأهل بالدرجة الثانية عندما يتجاوز سلوك الطالب الحدود المسموح بها والتي تصبح خارج سيطرة المدرسة . فكيف يمكن أن نطلب من طلبتنا مستوى عال من الذكاء والذاكرة والنجاح والتفوق مع كل ماذكرنا من إشكاليات لأننا بذلك نصبح مثل ذلك الرجل الذي استأجر مزارعا ً فكان عندما يرسله إلى الأرض ليعمل فيها صباح كل يوم يعطيه رغيف خبز ورأس بصل وجود ماء (وعاء من الجلد) ويقول له :" رغيف خبز لاتقطع ... ورأس بصل لاتكسر... وجود ماء لاتفتح... وكل واشرب حتى تشبع."؟؟؟!!!
لذا فان المطلوب من هؤلاء المربين أن يستحضروا أيام دراستهم ويستذكرونها ويضعون أنفسهم محل الطالب اليوم ويتعاملون معه على هذا الأساس في ظل الظروف الحالية ويساعدون الطلبة في تخطي هذه الظروف الصعبة ولذلك فإننا نناشدهم ونناشد ادارت المدارس ومديريات ووزارة التربية أن ينظروا بعين العطف إلى فلذات أكبادنا وان لايكونوا عونا للزمن عليهم بل عونا لهم على الزمن من خلال السماح لجميع الطلبة بدخول الامتحانات الوزارية بغض النظر عن عدد الدروس التي رسبوا فيها وفي ذلك فوائد عدة دون أن يلحق أي ضرر بالمستوى العلمي لأنه لن يطلب أن يساعدهم احد بإضافة درجات فوق استحقاقهم برغم أن ذلك الطلب سيكون مشروعا أيضا للأسباب الواردة في هذه المقالة ، فمن ناحية سيستمر الكثير منهم بالاستعداد للامتحان وهو مايعد مراجعة لهم للدروس لمن يرسبون لسنة الإعادة وسيتعرفون على طبيعة الأسئلة كما ستتاح لهم فرصة قد يغتنموها للنجاح وفي كل الأحوال فان مصيرهم ستحدده لجان التصحيح الوزارية ، وكذلك السماح لطلبة الصفوف المنتهية وغير المنتهية بأداء امتحانات الدور الثاني بصرف النظر أيضا عن عدد الدروس التي رسبوا فيها ونختم مقالنا بتذكير أساتذتنا الكرام بالمثل الشعبي العراقي الذي يقول : ياعجوز ألم تكوني كنة؟ والكنة في اللهجة العراقية هي زوجة الابن حيث تعاني عادة من ضغوط وقسوة والدة زوجها وعندما تتقدم بالعمر وتزوج أبنها تعاملها بنفس المعاملة القاسية التي كانت ترفضها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في