الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدينة الصدر والحلول المستوردة

يحيى الشيخ زامل

2008 / 5 / 11
حقوق الانسان


غالباً ما نجابه نحن المغلوبون على أمرنا حلولاً مستوردة من هنا وهناك ، حلولاً تحكمنا وتضع لنا الطريق لمواصلة العيش لمجرد العيش دون أن نثير قلق الآخرين بل علينا أن ننفذ ما يقولون وأن نؤدي الطاعة والواجب و أن نهرق دمائنا فوق أرض الوطن ، ، وطناً يطالبنا بالمزيد من الدماء، وطناً مثل جهنم يصرخ هل من مزيد ، وطناً كالقصاب يسلخ جلودنا ويشرب في أخر الليل نخب دمائنا ، ويتربع عند الصباح على رؤوسنا مثل كل الأباطرة التي تتدلى كروشهم من البذخ والترف ، وطن خالياً من كل المعايير الوطنية .
ظننا لجهلنا أن وحده الرئيس المقبور يستبيح دمائنا ويوزع رجالنا ونسائنا وأطفالنا في مقابره العلنية والسرية ، وحينما سقط الموغل بالدماء حد الإسراف والتبذير بحل ( مستورد أيضاً ) ، أشرأب الوطن مرة أخرى يطالبنا أن نكون طعاماً للعبوات والمفخخات والهاونات الجائعة ، فهي مثل غيرها حلولاً مستوردة تطالب بحقها بتقرير المصير ...... وحدهم فقراء العراق ليس لهم الحق بإستيراد أي حلول ..... وحدهم فقراء مدينة الصدر يرزحون تحت وابل نيران العدو والصديق .
لا أدعي بمقالي هذا سأضع حداً لهذه الحلول المستوردة،وكما يقول ( العائد من السلفية إلى أحضان الاعتدال) عبد الله القصيمي : إن الكتاب لا يغيرون .....والناس لا يفعلون الشيء لأنهم دعوا إليه أو برر لهم فعله ،ولكنهم يفعلونه حينما يجدون أنفسهم ملزمين بفعله ..... إن الظروف والضرورات هي التي تصنع سلوكنا وتصنع اتجاهاتنا الفكرية والروحية ورغبتنا في الإصلاح ....وإن الناس لا يقتنعون بالفكرة لان تلك الفكرة صحيحة بل لأن ظروف الاقتناع قد وجدت وهم لا يحولون الفكرة التي اقتنعوا بها إلى سلوك إلا إذا كان مستطاعاً تحويلها ) ، أي إن أرادة التغيير نفسها هي المحرك الوحيد الذي تنبعث من تجاربنا وتنهض من ركام القنابل والبيوت المهدمة لتشعرنا بعارنا بصراحة .
قتل الإنسان للإنسان من أكبر الجرائم ، وقتل المسلم للمسلم من أكبر الجرائر..... فمن تردعه كلمات تراصفت بخجل خلف شرطي الكمارك لمنعها للوصول لإيجاد حلا غير مستورد .... حلا يجده العراقيين أنفسهم ونابعا من ضميرهم الذي سيردم بأطنان الدولارات إن لم يستعد للنهوض لإنقاذ هؤلاء المساكين ولو على هياكل مقدساتنا وآمالنا وأحلامنا التي صنعناها بأنفسنا ....نعم الوطن والشرف والمقدسات التي صنعتها لنا الأفكار المستوردة سابقاً وكنا رافضين لها في حينها لعلمنا المسبق أن قطعة من الأرض والنخيل والماء مقطوعة من أرض مترامية الأطراف تتكلم لغة واحدة وذات مصير واحد والتي سميناها فيما بعد ـ وطن ـ هي نفسها التي رفضناها بالأمس باعتبارها جزأً مبتوراً من الأرض الأم ، ليتواصل حز رؤوسنا فوقها مع أن أكثرنا لا يملك فيها شبراً ملكاً صرف ، ومع انه وما تحتوي من ثروات كانت من اكبرالأسباب في موتنا وتلاشينا وتواصل المؤامرات علينا فهل تستحق كومة من تراب وبضع جرائد من النخل وجدول من ماء كل هذا الموت والدمار ... مع ان الله يقول على لسان نبيه (ص) : إن حرمة الدم المسلم أعظم من المسجد الحرام في الشهر الحرام في اليوم الحرام .
إن كل الذين ينتظرون الحلول المستوردة يعتقدون أن لا يطأهم أذى هذه المحنة ، وكأن صكوك السلامة والأمان قد كتبها القدر باللوح المحفوظ بلا رجعة ،وكأن هذه الأشلاء المبتورة والعيون المفقوءة هي من الطين بلا أحساس وبلا جذور وبلا ألم .
لو قيض لشعب ان يقاس بما تمنحه الأرض التي يعيش عليها لعرفنا ان وطننا من اكبر الجاحدين وانه كان الذريعة وفي كل زمان لقتلنا وإنهائنا من الوجود ، وحتى جنة الله التي وعد المتقون بها بلا وجود الإنسان هي خراب ولا تساوي شيئاً في حسابات كل المخلوقات العاقلة وغير العاقلة .
فالوطنية لا تعني أن يعيش الوطن بلا مواطن ، فكل القوانين العالمية لحقوق الإنسان تقول أن الإنسان هو مصدر القانون والحريات ،ونحن وحدنا أوجدنا تلك المفاهيم الفضفاضة وألبسناها لكل الأصنام والأوثان في قيمنا وأعرافنا وتقاليدنا والتي إصابتنا في مقتل .
يرى أكثرنا أن الحكومة أبو الشعب الشرعي وإذا خالف أحد أبنائها هذا الأب لا يعني أن يقتله ومعه عشرة من الأبرياء عمداً أو خطأً بحجة هذه الأبوة التي لم يكن للطرفين حرية اختيارها ، والحلول العنيفة وأن نجحت في مكان ما لا يعني أنها تنجح مرة أخرى في مكان أخر .
وحكوماتنا وتاريخنا وأسمائنا ومكان ولادتنا لم تكن باختيارنا أيضاً بل هي مفروضة علينا شأنا أم أبينا ، ووحدنا نتحمل تبعات هذه العلاقات المتشعبة والمتشابكة ووحدنا نستطيع بحلولنا الداخلية والغير المستوردة أن نجد لها الحلول ..... ولنجرب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 


.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال




.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني


.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط




.. خالد أبو بكر يرد على مقال بـ -فورين بوليسي-يتهم مصر بالتضييق