الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النزعة العدوانية التي خلقتها الاغاني التعبوية

كاظم غيلان

2008 / 5 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عند تناول مثل هكذا محور فيه الكثير من الحساسية لابد من التأشير مقدما على (الحرب) بين من وقعت؟ ومادواعيها ونتائجها؟ ومن ثم الكيفية التي انتجت غناءً لها
بحدود التجربة العراقية ينحصر هذا الامر وتحديداً في حقبة ثمانينيات القرن الماضي حيث دارت رحى حرب شرسة مع ايران طالت ثماني سنوات بلغت خسائرها البشرية الملايين من الجانبين ناهيك عن الخسائر المادية وفي مقدمتها الاقتصادية.
واذا اردت ان استعيد الجانب المتسبب فلنناقش في الحالة هذه مضامين هذه الاغنية، فهي تدميرية من جانب وتأليهية من جانب اخر، فالتحريض على السوق لطواحين الموت المجاني تصدر هذه المضامين كـ(راح البس اهدوم الجيش والحك اخوي الوحدته) و(جنود الحك دكوهم دك) و(هاولكم وين يادجالين) دعوات صريحة منطلقة من روح عدوانية بايقاعات صاخبة شارك بها مؤلفوها وملحنوها ومنشدوها سوية لكنني اتوقف عند المؤلفين اولا واعني تحديداً الشعراء الشعبيين ممن انشدوا مبكرا هذا النمط السيئ كما في (منذور كل الشعب لعيون ابو هيثم) هذا التأليه اتسع اكثر مع بداية الحرب باعلى صراخ (اتقدم وحنه وياك اثنين جيشين لصدام حسين) فالحرب لم يكن للارض وقعا في حيثياتها لانها (قادسية صدام) بوصفه (بطل التحرير القومي) على العكس تماما من التجربة المصرية فمجموعة المطربين هناك ابان حرب حزيران 1967 انشدوا (وطني حبيبي الوطن الاكبر) وشتان مابين الانشاد للوطن والانشاد الصرائخي لقائد ارعن لم يحتل الجمال زاوية في منظومة عقله المهووس بالحروب والابادة والتدمير ومثلما ابتدأت الحرب هاتفة اغنياتها بتأليهه اختتمت كذلك في (بيان البيانات) بـ(سيدي شكد انته رائع) لان روعته تجسدت بـ(النصر المبين) واعود مرة اخرى للعناصر الصانعة لاغنية التأليه ونتساءل عن السبب الذي يدعو لمنح سيف علي بن ابي طالب (ع) لسيد مجرم مثل صدام (ياسيف الاسلام سيفك امانة..بيدين صدام سيف بامكانة) والتي عدها سعدون جابر اجمل اغنياته الثمانينية وذلك مااورده نصا في حوار نشرته صحيفة (الموعد) العام 2001!!
ان المضامين العدوانية التي اشبعت اغاني الحرب القت بظلالها على مجمل الغناء العراقي بما فيه العاطفي او الوجداني حتى بعد نهاية الحرب وكأن هذا (الفايروس) انتقل للاجيال اللاحقة مع وجود استثناءات نادرة جداً، وهذا ما نلمسه حتى يومنا هذا، فمغن شاب يسمعنا (بيوم الماشوفج انتحر!) الى اي حد تأثر بالخطاب العدواني وهل يعقل ان تخاطب الحبيبة بطريقة كهذه؟ وحتى كاظم الساهر نفسه ما الذي يدفعه ليغني لنا (حطم كسر والعب على اعصابي ثور وحول بيتي جهنم) انني هنا لا اريد الانتقاص من طاقات وابداعات المطربين العراقيين لكنني اشير لحالة انتشرت في مفصل الموسيقى والغناء واصبح المخيف من مجهولها في القادم من الايام في غاية الوضوح لاسيما في ظل انتشار الفضائيات وسهولة احتكار المطربين مع تعدد شركات الانتاج وغياب المؤسسة الفنية التي تتبنى حالة النهوض بالغناء العراقي فلم يعد بوسعها تلافي ما يحصل وهذه وحدها تؤكد موروثات النظام المباد وانعكاساتها على جميع مناحي الحياة العراقية اذ لم يحصل هذا على سبيل المثال مع الاغنية الخليجية التي راهنت على استمرارية نجاحاتها لتقف في صدارة مشهد الغناء العربي، فالذائقة ان لم تخضع لاشتراطات الجمال وتتمرن باستمرار على هذا الجمال لايمكن لها ان تتحرر من الموروثات التي اشرت اليها وهذا لا يتم الا من خلال الجهد الشخصي كما في تجربة المبدع كوكب حمزة .
واتمنى ان لا يفسر كل ما اوردتـه تحامـلا علـى الاخرين ولنا فـي القاعدة الشعبيـة والاحـترام الـذي اكتسبه الفنان فـؤاد سالـم الملـتزم خير دليل علـى مـا ذكرت فالخديعة صناعة مؤسسة تبذل كل جهدها وامكانياتها لاسقاط كل من يسهل اصطياده ولنا في مؤسسة تلفزيون (الشباب) انموذجا للخراب العارم بل ذهب الامر للاجهزة الامنية انذاك لتأسيس دوائر انتاجية متخصصة بتسويق العديد من التشوهات كما حصل في اوبريت (سيد الحكمة) وكيف لنا ان نقارن بينه وبين اوبريت (بيادر خير) على سبيل المثال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس