الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقد الاجتماعي والسياسي بين الدولة والمجتمع

صاحب الربيعي

2008 / 5 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن النظام الاجتماعي والسياسي أساسه عقد قانوني بين الدولة والمجتمع بما يضمن واجبات وحقوق الفرد تجاه الدولة والمجتمع، فقد تحُجب الحقوق وتكرس الواجبات على المواطنين وتصبح الدولة ممثلة بالسلطة تفرض ما تشاء من الواجبات على المواطنين دون الحقوق. فخرق العقد من أحد الطرفين المتعاقدين يمنح الطرف الآخر الفرصة لعدم الالتزام به مما يؤثر سلباً على علاقة المواطن بالدولة، وكذلك على علاقة المواطنين بعضهم مع بعض.
إن إخلال الدولة بشروط العقد يحجب الحق عن المواطن لمحاسبة الدولة مقابل فرض التزامه بالواجبات تجاهها فتتحول السلطة الممثلة للدولة إلى سلطة قمعية تفرض هيمنتها بالعنف على المجتمع، أي أن السلطة تبتلع الدولة وتغيب المجتمع لتنفرد بالقرار السياسي باعتبارها جهة غالبة تضطهد جهة مغلوبة على أمرها.
هذا الإخلال بمفهوم العقد الاجتماعي والسياسي بين الدولة والمجتمع ينسف مفهوم الدولة ويضعف دور المجتمع وتصبح السلطة تمثل الدولة والمجتمع معا وبذلك يختل مفهوم السلطة ذاتها لتصبح عبارة عن مافيا كبيرة (كيان حزبي، عصابة، مجموعة من العسكر، عائلة، وعشيرة..) تستغل آليات وموارد الدولة لفرض إرادتها على المجتمع.
إن العقد الاجتماعي هو العقد المبرم بين الحاكم الممثل للسلطة وبين الفرد كعضو في المجتمع حيث يعمل الأول على حماية الثاني مقابل التزامه بالواجبات وانصياعه لكافة القرارت العامة التي يصدرها الحاكم.
يعرف ((هوبز)) العقد الاجتماعي:"بأنه تفويض أفراد المجتمع الحاكم لحمايتهم وسلامتهم من الآخرين".
هذا التفويض في الحماية يمنح الحاكم الحق في استخدام العنف لفرض النظام الاجتماعي ولايجوز للأفراد مواجهة إجراءات الحاكم العنفية طالما تسهم في تعزيز النظام الاجتماعي، أي أن وسائل العنف تكون حصراً بيد الدولة ولايجوز لأي جماعة أو فرد في المجتمع حيازة وسائل العنف واستخدامها في فض النزاعات بين المجموعات أو الأفراد المتخاصمين وإنما يتوجب عليهم الاحتكام إلى الدولة التي تفرض سُبل الحل بالقوة على الجميع.
لكن هناك من يجد أن تفويض الفرد للحاكم بحمايته مقابل إنصياعه وطاعته وقبوله، يعتبر تفويضاً غير مقيد بحدود ما. فالحاكم ليس شخصاً يتم الاحتكام إليه في فض المنازعات بين الأطراف المتخاصمة وحسب، بل يمثل السلطة التي بدروها تمثل إرادة الأفراد في المجتمع مما يستوجب تفويضاً مقيداً بالقانون للحاكم لإدارة شؤون الدولة والمجتمع.
يعتقد ((روسو)) أن العقد الاجتماعي:"يعني بأن يضع كل فرد شخصه وجميع قوته وضعاً مشتركاً تحت إرادة السلطة، وبالصفة الجماعية اعتبار كل فرد جزءً لايتجزأ من الجماعة لتعزيز إرادة السلطة العليا والقبول بمبدأ العقاب على كل فرد يخرج عليها".
أما آلية استخدام العنف من قبل الحكم ضد فرد أو جماعة لفرض النظام فيحكمها القانون، أي مصادقة الفرد على العقد السياسي بينه وبين الدولة (الممثلة بالحاكم أو السلطة) وبهذا تم تحديد صلاحيات الحاكم في استخدام العنف، حيث يتطلب استخدام العنف مُسوغ قانوني لفرض أو تعزيز النظام الاجتماعي.
فالقانون هو الآلية التي يعتمدها الحاكم لاستخدام العنف ضد الخارجين على القانون وبذات الوقت يعتبر القانون الآلية التي يعتمدها المجتمع ضد الحاكم عند خروج العنف عن إطاره الشرعي ليصبح عنفاً مفرطاً ضد السكان.
يعرف ((هوبز)) العقد السياسي:"بأنه الصلاحيات القانونية الممنوحة للحاكم لإدارة شؤون المجتمع".
إن هذا التفويض السياسي للحاكم عبر القانون لإدارة شؤون المجتمع لايضمن بشكل كافي حقوق المواطنين مقابل القيام بواجباتهم تجاه الدولة خاصة عند استخدام الحاكم التفويض (الحق) بشكل تعسفي لخدمة مصالحه أو لإنفراده بالقرار السياسي فيضر بالنظام الاجتماعي ويلحق الأذى بالمواطنين.
مما يتطلب الأمر البحث في تحديد الصلاحيات القانونية الممنوحة للحاكم، أي ضمان حقوق المواطنين مقابل القيام بواجباتهم مع وجوب عدم استخدام الحاكم للتفويض بشكل تعسفي ضد الموطنين.
يعتقد ((روسو)) أن العقد السياسي:"هو تنازل الفرد عن جزء من سلطانه وممتلكاته وحريته (مادامت هامة للمجتمع) إلى الحاكم الذي لايفرض على مواطنيه أي قيود لاقيمة لها. فقوة الحاكم وهيبته وسلطته مطلقة ولايمكن المساس بها أو تجاوزها إلا إذا تجاوزت القيم العامة للمجتمع".
إن اختلاف الرؤى للعقد الاجتماعي والسياسي يعود بالدرجة الأولى إلى صلاحيات التفويض للحاكم، فهناك من يجد أن التفويض يجب أن يكون مطلقاً ولايجوز تقيده أو الاعتراض عليه باعتبار الحاكم يمثل الأداة المعززة للنظام الاجتماعي.
وهناك من يؤمن بأن التفويض المقيد للحاكم لتعزيز النظام الاجتماعي باعتباره كاسائر البشر يمكن أن يخطأ ويصيب مما قد يعرض المصالح العامة للخطر، فعند وجود آلية لمقاضاته على أخطائه تجاه المجتمع يجعله يقظاَ وأكثر حرصاً على اعتماد السُبل القانونية في إدارة شؤون الدولة والمجتمع بصورة صحيحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ