الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غادرتنا ابتهاج خوري، العلم والمشهد العكي النابض بالحيوية والنضارة

عايدة توما سليمان

2008 / 5 / 11
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


فاجأتنا أم منذر في رحيلها، ولم نكن نظن أنها ستقوم يوما بالاستسلام لأي شيء وحتى لو كان هذا الشيء يوصف بالحتمي.
تعرفت على عكا قبل عشرين عاما، وكما شاهدت بأم عيني أن هنالك أسوارا وبحرا وفنارا وأزقة لا تعرف عكا بدونهم تعرفت الى حقيقة أخرى هي حقيقة وجود أم منذر علما ومشهدا عكيا ينبض بالحيوية والنضارة، بالعناد والصلابة وبتلك المحبة الطافحة للبلد والناس والوطن ولكل ما هو إنساني. فهل يختفي بحر عكا وهل تتهاوى أسوارها؟؟ فكيف يتوقف ذاك القلب العامر عن الخفقان.
كنا نحسبها لن تغيب وستبقى تسهم في كل معركة انتخابات وستبقى تحذر الشباب أن عليهم الادلاء بأصواتهم قبل أي شيء يوم الانتخابات وإلا نسوا أنفسهم كما حدث لها ذات انتخابات مرفقة القصة دوما "وكما تعرفون كل صوت مهم لنا".
كنا نحسبها لن تغيب وهي الحاضرة دوما لهموم هذه المدينة، والحاضرة شاهدة على معاناة أهلها والمصرة أبدا على مراعاة أطفالها. فمن سيستجيب لاطفال الروضة ينادون "تيتا" يا أم منذر؟
ابتهاج خوري أو أم الفقراء كما يحلو للبعض أن يلقبها في عكا حملت هم الوطن منذ عادت "متسللة" الى قريتها البعنة من بيروت حيث كانت تتلقى العلم، عندما فاجأتها وفاجأت شعبا بأكمله نكبة رسمت في قلبها وذاكرتها أخاديد كررتها دروسا سياسية وانسانية تحكي من خلالها قصة شعب بأكمله لكل من أراد او لم يرد أن يسمع.
كنا نحسب أن ذاك الجسم النحيف قد قد من الصخر بعناده وعصيه، منذ ذاك الكف الذي الصقته بوجه الضابط العسكري الذي جاء لترحيلها، وما زالت أصداؤه تتردد بين جبال البعنة، وقصته تتحدى شوارب بعض رجال تخاذلوا أيامها. منذ ذاك الوقت ومرورا بالعودة من سهول جنين، حيث قذف بها العسكر يومها، متسللة مرة أخرى وحتى الرحيل الذي لا عودة منه، نجحت أم منذر في التسلل الى قلب كل من عرفها. هي واحدة من أولئك البشر القلائل الذين قد يستفزونك او يغضبونك أو يستنفرون رفضك ولكن وبدون شك ومع كل هذا يثيرون فيك مشاعر الاحترام والتقدير.
أم منذر، تلك الشيوعية الصلبة، النسوية الثائرة، الوطنية حتى النخاع والأممية في الدم، الحزينة لألم شعبها الفرحة بالامل بالعدالة الحتمية، صمدت في كل المعارك زوجة لشيوعي مطارد وعضو بلدية لم يوصد بابه في وجه أي كان، ومناضلة عنيدة تتظاهر وتحتج وتصرخ في وجه الظالم، وامرأة ترفض كل القيود فحين تقبع في منزلها، تفعل ذلك لتخطط للانجاز القادم، روضة لأطفال عكا الفقراء وحضانة لتسهل عمل النساء ومهرجانا في يوم الطفل العالمي حولته الى تقليد سنوي ينتظره الاطفال وتنتظره في كل عام لترسم من جديد البسمة على وجوه سرقت منها الطفولة. تلازم أم منذر منزلها لتحوله غرفة عمليات تدير منها حملات الإغاثة لشعب يئن تحت الحصار لشعبها، شعبنا الفلسطيني الذي عاشت وعايشت مأساته كل صباح مع صفحات "الاتحاد" وكل مساء مع نشرات الأخبار، ورغم كل ذلك لم تحد قيد أنملة عن أيمانها بأخوة الشعوب وارتباط المصير ونجاعة العمل العربي اليهودي المشترك.
كنا نخطط لتكريمها ولكنها كالعادة كانت أسرع منا وقد لا أغالي لو قلت أنها لم تفضل يوما أن تقف ذلك الموقف، إنسانة يجري تكريمها وتكريم تاريخها الطويل فهي كما كانت تقول دوما نقوم بكل ما يجب أن يقوم به صاحب أو صاحبة ضمير حي وطني أممي. أسرعت أم منذر ففاجأتنا قبل أن نفاجئها بأي تكريم. واليوم ورغم الشعور الذي يلازمني بأننا لا نفي رفاقنا ورفيقاتنا أبناء وبنات الرعيل الأول حقهم وحقهن بالتكريم لا يسعني إلا أن أعتبر ما قيل في هذه المقالة غيضًا من فيض وتحية متواضعة لأم منذر ولرفاقنا ورفيقاتنا الذين فارقونا وأولئك الذين ما زالوا بيننا ننعم بحكمتهن وحكمتهم وبكل ما اجترحوه من معجزات.
تحية إكبار لك يا أم منذر ولكل رفيقاتنا اللواتي لم يعرفن أبجدية ومقالات وشعارات النسوية ولكنهن مارسنها فعلا وإنجازات ومشاريع وحياة متساوية متكافئة، لم يطلبن المساواة وإنما انتزعنها من براثن الرجعية والغيبية وحولنها الى نهج حياة الى مدرسة لجيلنا وللأجيال القادمة علنا نعي ونفهم ونمارس.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي


.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس




.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع


.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد




.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي