الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاشيون قادمون إلي لبنان وغيره

مهدى بندق

2008 / 5 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الفاشيون قادمون الى لبنان وغيره
والأغلبية مجرد أقلية مفعول بها منصوب
تعني كلمة الفاشية – ذات الجذر اللاتيني Faces – الحزمة من العصي المترابطة ، وقد وظفها القادة والضباط الرومان رمزاً لقوتهم وتوحدهم، ثم صارت تعرض في الاحتفالات أمام الأباطرة دليلاً على سلطة الدولة ذات التماسك والهيمنة الشاملة.
ومن هذا الجذر اللغوي اشتق موسوليني، دكتاتور إيطاليا في عشرينات القرن الماضي كلمة Fascism يجدد بها فكرة الإمبراطورية الرومانية، ومؤسساً عليها مذهباً سياسياً يقول إن الأمة لا تعني الشعب الموجود في الزمان المتعين وحده، بل إنها – أي الأمة – تعود إلي الماضي السحيق لتشمل أرواح الآباء والأجداد الموتى، وكذلك تمتد إلي المستقبل لتضم الأبناء والأحفاد الذين لم يولدوا. وعليه فإن أعضاء الأمة – بهذا المعنى – لا غرو يمثلون الأغلبية، التي لا ُ تقارن بها أية ُ جماعة سياسية موجودة على أرض الواقع القائم مهما يكن عددها !
عليه فالأغلبية المفترضة – في عقيدة هذا المذهب – هي التي تتجسد فيها روح الأمة، متخذاً – هذا الروح ُ - من الأفراد المشخصين محض وسائل لتحقيق أغراضه "المبهمة" فلا عجب إذن أن يجد تعبيره الأمثل سياسياً فيمن يؤمن به إيماناً مطلقاً، وذلك هو الحزب الفاشي وحده دون سواه، شاء "الشعب" أم أبي !
ذلك هو التعبير الذي استخدمه – حرفياً – الشيخ حسن نصر الله قائلاً بصلف فظ : إن حزب الله يخوض الآن معركة الأمة ، شئنا أم أبينا، شاء اللبنانيون أم أبوا ( خطابه في 12 يوليو / تموز 2006).
والحق أن الرجل لم يخرج قيد أنملة عن السيناريو الذي كتبه له المؤلف الإيراني الفاشستي من نجح في سبك خلطة أيديولوجية شمولية Tatatalitariam فارسية وشيعية إمامية في آن، حدها الأقصى : إخضاع العالم لهيمنتها المطلقة ، والأدنى : ابتلاع الدول العربية والسيطرة على مقدرات شعوبها عبر تصدير ما تسميه بالثورة الإسلامية، وذلك برفع التناقضات بين هذه الدول وتلك الشعوب وبين أمريكا وإسرائيل الى مستوى الحرب، غير ملتفت الى ما أثبتته التجارب. وفي معامل موازين القوى الفعلية من حقيقة أن الخاسر في كل مرة إنما كان العرب.
بالمقابل ومن وجهة النظر العربية ، فإن الهزائم العسكرية لا تعني أن تتوقف كل أشكال المقاومة، بل على العكس حيث المقاومة لها ألف باب وباب، أوسعها الأخذ بأسباب التنمية الذاتية سياسياً واقتصادياً وثقافياً، فضلاً عن إحلال النظام الديمقراطي محل الأنظمة الديكتاتورية، تلك التي جلبت إلي شعوبها الهزائم والانكساريات المتوالية.
غير أن الفارسيين الجدد لا يعجبهم ، ولا يحقق أهدافهم الاستراتيجية أن يقوي العرب إلى حد أن يتمكنوا من حل تناقضاتهم مع الغرب بأساليب يرونها مناسبة لهم. فالأمة "الإسلامية" أكبر من العرب والعروبة ، هكذا القدس قضية إسلامية وليست قضية عربيةً، والقدس لا تسترد بالمفاوضات بل بإزالة إسرائيل من الوجود، فمن يزيلها ؟! حركة حماس بما ترفعه من شعارات مدوية تطالب بفلسطين من النهر إلي البحر، وبما تطلقه من صواريخ تقتل في كل خمسة أعوام سبعة من الإسرائيليين مقابل قتل إسرائيل للآلاف من الشعب الفلسطيني فضلاً عن حصاره وتجويعه. لكن حماس ليست وحدها لحسن الحظ، بل يساعدها في "نضالها" حزبٌ يوظف اسم الجلالة عنواناً له( دغدغة ً لمشاعر المتدينين الأبرياء ) يبدأ بغزو بيروت ، على طريقة موسوليني في زحفه على روما عام 1922، ويثنى بإسقاط النظم العميلة للغرب – من وجهة نظره – مثل مصر والأردن والسعودية ، وذلك بالتحالف مع القوى الداخلية فيها، المؤمنة بالفاشية في أعماقها بحكم الموروث الثقافي ، تلك التي صارت تعلن – من باب التقية المؤقتة – أنها توافق على الديمقراطية، مادامت آلية الانتخابات فيها ستحملها إلي مقاعد الحكم. بعدها ما أسهل وأحلي الرجوع في الكلام.
هذا التكتيك ليس افتراضاً نظرياً يمكن تفنيده بحجج مضادة بل هو واقع معيش. وآية ذلك أنه حين أصدر مجلس الأمن القرار 1706 متضمناً ضرورة تنفيذ القرار رقم 1559 لسنة 2004 والقاضي بانسحاب القوات السورية من لبنان وحل جميع الميلشيات ونزع سلاحها تأكيداً لسيادة الدولة اللبنانية ؛ اعتذر الشيخ نصر عن عدم تنفيذه للشق الخاص بنزع سلاح حزبه ,مؤكداً أن هذا السلاح موجه أولاً وأخيراً إلى العدو الإسرائيلي، فبهذا السلاح تم أسر جنديين إسرائيليين ! وليس مهماً أن قتلت إسرائيل بالمقابل 1000 لبنانيّ وشردت 15000 آخرين، المهم أن الرجل أقسم ألا يوجه سلاحه إلى مواطنيه مهما تكن الأسباب. ولكن متى برّ فاشستي ّ بقسمه ؟!
ذلك بعينه ما فطنت إليه اسرائيل الخبيرة ذات الدهاء، حين قبلت بالانسحاب من الجنوب عام 2006 تطبيقاً للقرار 1701 الذي أمّن لها حدودها الشمالية بإحلال الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل محل ميليشيات حزب الله في الجنوب. والمغزى كان واضحاً أمام إسرائيل.. فماذا سيفعل حزب الله بسلاحه في شمال لبنان إلا أن يخوض به المعارك السياسية، فارضاً به إرادته على الدولة والمجتمع ممهدا ً بذلك للحرب الأهلية ؟
وهذا هو ما حدث بالضبط في بيروت وطرابلس والجيل، فلقد انفجرت المعارك على خلفية إقامة حزب الله شبكة مواصلات سلكية خاصة به مناهضة للشبكة الحكومية الرسمية ، وهو إجراء لا يمكن أن تقبل به دولة ذات سيادة . ولكن ما أن اعترضت الحكومة حتى أخرج نصر الله السلاح من غمده ليغرسه في صدور الأشقاء والأخوة ، معتذراً عن الحنث - في قسمه - بأحكام الضرورة وأهداف المقاومة !
بهذا انهالت مطارق النيران والحديد على عظام لبنان الهشة ، فشحبت الوجوه ،
و اغرورقت العيون بدموع الندم ولات حين، ساعتها أفاق الناس على الحقيقة المرة، تلك التى عبر عنها فضيلة الشيخ محمد رشيد قباني مفتى الجمهورية اللبنانية بهتافه الملتاع " كنا نعتقد أن حزب الله مَعْنىُّ كما قال بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي ، فإذا بنا نراه قوةً مسلحةً تأتي لاحتلال بيروت وانتهاك حرماتها".
أما الحكومة فلقد وقفت عاجزة، وكذلك التزم جيش " الدولة " جانب الحياد ، ربما ليفوت على نصر الله فرصة إشعال حرب أهلية جديدة. وأما أغلبية الشعب اللبناني (الأقلية في عرف الحزب الفاشستي !) فها هي ذي تقعد حسرى تنتظر مصير روما على يد موسيليني اللبناني. وأما أمريكا وأوربا وخلفها دولنا العربية ، فلسوف تفاجئ بالإمام هتلر الفارسي قادماًَ وفي يديه قنابله النووية ملوحاً بحرب إبادة الكوكب، ما لم يُعط نصيبه من الكعكة المعجونة بدماء فقراء العالم ، والمخبوزة في أفران صُنع قرميدها من لحمهم الحىّ.
يسأل البعض من ذوى النوايا الحسنة "ولماذا لا نحتمي بالقطب الصاعد إيران – وهى على أية حال دولة إسلامية – من ظلم أمريكا وجرائم إسرائيل ؟ .
هنا لابد من استحضار التاريخ علي سبيل التذكرة، فلقد عمد أحمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة في الأربعينات ( وكان حزباً فاشستياً لا غش فيه) إلى الدفع بأناس سذج يهتفون : إلى الأمام يا روميل ، ظناً منهم أن روميل هذا إنما جاء بجيوش الحاج محمد هتلر ليخلصهم من الاحتلال البريطاني. ولم يكن هؤلاء الناس بمدركين للفظائع الجهنمية التي أنزلها هتلر بأهل البلاد التي غزاها ، و هم بعشرات الملايين, وكأنهم جميعا قد راحوا يرددون بيت المتنبي مترجما ً إلي كل لغات العالم البائس :
كفى بك داءاً أن ترى الموت شافيا
وحسب المنايا أن يكن أمانيـــا
تلك هي الفاشية وتلك هي فلسفتها وأدواتها ونتائجها واقرءوا التاريخ .. وإن لم تفعلوا فاعتبروا أنفسكم مجرد أقلية، يحكمها الغيرُ ، ولا علاقة لها البتة بمصائرها الذاتية ، شأن المفعول به المنصوب لا الفاعل المرفوع الهامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنيش: صاروخ الشهيد جهاد مغنية من تصنيع المقاومة الإسلامية وق


.. الأهالي يرممون الجامع الكبير في مالي.. درّة العمارة التقليدي




.. 121-Al-Baqarah


.. 124-Al-Baqarah




.. 126-Al-Baqarah