الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات انهيار النظام الاجتماعي

صاحب الربيعي

2008 / 5 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ليس لكل الكائنات البشرية نفس الإدراك والمعرفة لطبيعة النظام الاجتماعي وضرورته القصوى في الحياة، وإن انصياعهم للنظام ليس بدافع ذاتي وإنما بدافع الخشية والعقوبة التي يفرضها القانون ويقسرهم على الخضوع وإبداء الطاعة الكلية للنظام.
هذه الكائنات التي تحمل رواسب سيئة كامنة في ذاتها وتعاني من قلة الوعي والإراك تنحاز إلى غريزتها في رفض المدنية والقانون الذي يحكم الجميع، وتسعى جاهدةً لنخر النظام بسلوكها وممارستها اليومية وحالما يبدأ النظام بالتداعي تسعى لتنظيم نفسها على شكل مافيات الجريمة المنظمة للاستحواذ على المال العام وفرض الأتوات بالعنف والقتل لفرض أجندتها على المجتمع.
إن التباين الكبير بالسلوك والممارسة والرواسب للأفراد في المجتمع يدفع الذوات الأكثر تمدناً وعقلانية إلى التمسك بالنظام الاجتماعي بل العمل على تعزيزه، ففساد النظام الاجتماعي يدلل على غياب مظاهر الأمن والسلم الاجتماعي.
يعتقد ((ماكس فيبر))"أن البشر متبايون في النواحي الأخلاقية والعقلية والفيزيقية، مما يتطلب نظاماً اجتماعياً يستوعب هذا التباين الطبيعي".
إن مراحل تحول الإنسان الفطري إلى إنسان اجتماعي قطعت أشواطاً تاريخية طويلة تخللها برامج تربوية استمدت من منظومة القيم الدينية والعادات والتقاليد الاجتماعية نهجها في التربية المغروزة في لاوعي الإنسان منذ الولادة لتعليمه أسس ومبادئ النظام الاجتماعي ليكون عضواً صالحاً فيه يفيد نفسه ولايضر أقرانه من البشر.
هذا الحقن المتواصل لمبادئ النظام الاجتماعي في وجدان الفرد أصبح مع الزمن جزءً من بنائه الروحي لايمكن أن يعيش دونه، فتوازن الأفراد المدنيين يختل عند أختلال النظام وحدوث أنفلات اجتماعي. لأنهم أوكلوا الحاكم والنظام بحمايتهم والحفاظ على حقوقهم ولم يرتهنوا لرواسبهم الكامنة في الدفاع عن النفس عند تعرضهم للانتهاك والاعتداء.
بخلافه الإنسان الفطري (غير المتمدن) الذي فشلت التربية في ترويضه واعتاد على خرق القانون والاعتداء على الآخرين يؤمن بشريعة الغاب أكثر من إيمانه وثقته بالنظام الاجتماعي.
يرى ((ماكس فيبر))"أن البشر يحتاجون النظام إرادياً ولاشيء غيره لأنهم يصبحون جبناء ويصيبهم العصاب لو اهتز هذا النظام للحظة واحدة، فالمسالة الأساسية ليس كيف ندعم النظام لكن كيف نواجه هذه الآلية لنبقي أعلى نسبة من البشر أحراراً من هذا الحصار الروحي وبعدين عن أسلوب الحياة البيروقراطية التي تتميز بقدرة فائقة على التحكم والسيطرة؟".
في المجتمعات المتحضرة يثير انتشار أجهزة الضبط والتحكم بكثافة في الأماكن العامة الريبة والشك لاحتمال جود خرق للنظام من قبل مجموعة خارجة على القانون مما يمنح المواطن شعوراً بعدم الأمان فيهرب بذاته بعيداً عن مظاهر القوة والعنف.
وعلى العكس تماماً في المجتمعات المتخلفة فعدم وجود أجهزة الضبط والتحكم بكثافة كبيرة في الأماكن العامة يولد شعوراً بعدم الآمان والاستقرار لدى المواطن لأن خرق النظام أصبح حالة عامة وممارسة يومية للأفراد غير المدنيين.
إن الإنسان الأكثر مدنية يسعى إلى الالتزام بالنظام وتعزيزه ليكون الضمانة الأكيدة لحمايته من الخارجين على القانون ومن الذين مازال سلوكهم وممارستهم اليومية ناتجة عن رواسبهم السيئة الكامنة في الذات والمنحازة لطبيعتهم الفطرية دون العقل والمدنية.
إن أجهزة الضبط والتحكم حين تكون آليات لتعزيز النظام الاجتماعي وغير منحازة إلى السلطة ضد المواطن ويحكم سلوكها وممارساتها أنظمة قانونية فإنها تعتبر جزءً حيوياً من أستقرار النظام الاجتماعي، مما يفرض على الموطنين التعاون معها لإنجاز مهمها على أكمل وجه.
يؤدي أنهيار النظام الاجتماعي إلى إلغاء كل مظاهر المدنية في المجتمع وتحكم كائنات قاع المجتمع بمفاصل الحياة اليومية، فتبث الرعب والخوف في نفوس المواطنين. وإن استعادت النظام مرة أخرى ليست بالمهمة السهلة لأنها لاتتعلق بإعادة تشكيل أجهزة ضبط وتحكم جديدة، وإنما إعادة تشكيل منظومة الوعي الاجتماعي لكسب ثقة المواطن بالنظام.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ