الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين الاسلامي بين مواجهة الايديولوجيات الرجعية و مواجهة التطرف الغربي

المهدي مالك

2008 / 5 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 16 ماي الأليمة يشرفني ان اتامل في وضعية الدين الاسلامي الذي وصل الى مرحلة حساسة من تاريخه الحضاري و الفكري ..
ان ديننا الاسلامي الحنيف جاء رحمة للعالمين و جاء بقيم عظيمة تتجلى في الرحمة و المساواة و الاعتراف بالديانات السماوية و حقوق الانسان حتى في وقت الحروب حيث ان الرسول الاكرم عليه الصلاة و السلام قد حرم على المسلمين مجموعة من الاشياء مثل قتل النساء و الاطفال و الشيوخ و كما حرم هذا الرسول الاكرم هدم المؤسسات الخاصة بعبادة اليهود و المسيحيين ,
ان الدين الاسلامي يعاني اليوم من عدة مشاكل جوهرية تمنعه من القيام بدوره الحضاري في هذا العالم الواسع حيث لاحظ الجميع بان الهجوم على الاسلام بكل ابعاده اصبح كثيرا خصوصا منذ احداث الولايات المتحدة الامريكية التي خلفت مئات القتلى من مختلف الديانات و الثقافات و خلفت هذه الاحداث الارهابية كذلك نوعا من الخوف لدى المجتمعات الغربية من الاسلام كخطر يهددهم كحضارة متطورة فكريا , علميا , ديمقراطيا ,
و معها الحق في ما تعتقد لانها ترى اين وصلنا نحن المسلمين الان من مظاهر التطرف الاصولي المنتشر بشكل مخيف في جل مجتمعاتنا الاسلامية حيث مازال بعضنا يحرم على المراة قيادة السيارة ,
و ترى هذه المجتمعات اين وصلنا على مستوى التعليم حيث اصبحنا نستهلك التخلف بمختلف انواعه و الايديولوجيات الرجعية المساهمة بشكل كبير في جعلنا لا ننتج شيئا ذا قيمة للانسانية بل تجعلنا نأكل و نشرب الخ دون ان نفكر في مستقبل الاسلام المهدد بالزوال في ظل غياب مشروع فكري واقعي يعمل على انقاد هذا الدين من وضعيته الحالية التي لا تدعوا الى الخير بل تدعوا الى دق ناقوس الخطر , لكن السؤال المطروح ما هو مستقبل الاسلام كمشروع حضاري في ظل هذه المشاكل؟
ان وضعية الاسلام الحالية تدعوا الى التامل و الخوف في نفس الوقت لاسباب كثيرة كظهور تيارات ايديولوجيات تستعمل الاسلام لاغراضها الشخصية و ظهور العمليات الارهابية باسم الدفاع عن الاسلام و المسلمين و هذه الاخيرة تستهدف اساسا الابرياء من مختلف الاجناس و الديانات خصوصا اليهود و المسيحيين , و كما تستهدف هذه العمليات بعض الدول الاسلامية التي بدات مسارها في الانتقال الديمقراطي مثل تركيا العلمانية منذ عقود من الزمان , و المغرب الذي اصبح ضمن المخططات الارهابية لجماعات الاسلام الجهادي منذ 16 ماي 2003 بحكم انه بدا الاصلاح في شتى الميادين المتعددة و اصبح يتبنى رسميا الحداثة كمفهوم جديد على الدولة المغربية منذ الاستقلال ,
اذن العمليات الارهابية صارت تشكل خطرا حقيقيا على مستقبل الدين الاسلامي الذي صار يوصف لدى الغرب عموما بانه يدعوا الى الرجعية الفكرية و الايديولوجية و معاداة التعايش السلمي بين العالمين ,
و هذا مثير للقلق خصوصا بعد ما نشرته اغلب الجرائد الاوربية من الرسوم المسيئة للمقام الشريف نتيجة لهذه الاعمال الجهادية المنافية لقيمة الجهاد نفسها فهذه الاخيرة تهدف الى محاربة الاستعمار كما هو الحال في فلسطين او في لبنان او في العراق الخ فالجهاد يهدف الى الدفاع عن الاوطان و الاعراض و لا يهدف الى قتل الايرياء و تشويه الدين و مقدساته العظيمة .
ان الاسلام كمشروع حضاري اصبح اليوم يواجه مجموعة من التحديات المصيرية كبناء ايديولوجية متطورة تستطيع تحقيق المقاصد النبيلة لهذه الرسالة العالمية كالوحدة بين المسلمين مع الاحترام التام لاختلافاتهم المذهبية و الهوياتية الخ بمعنى ان كل بلد اسلامي له خصوصياته المختلفة عن بلد اسلامي اخر ,
و شخصيا اعتقد بان مشروع الوحدة الاسلامية لا يمكنه ان يرى النور حاليا لعدة اسباب موضوعية كسيادة الفكر السلفي المناهض للتعدد و الاختلاف داخل العالم الاسلامي , ثانيا سيادة التكفير الديني , ثالثا تخلفنا عن مواكبة التطور الحضاري النافع.
اذن هذه الايديولوجية المنشودة عليها ان تنطلق من منطلق مقاصد الاسلام الحقيقية و ضروريات المرحلة اسلاميا كالاصلاح الديمقراطي الشمولي و النهوض باوضاع المراة و الطفولة و الاشخاص دوي الاحتياجات الخاصة ,
غير ان هناك ايديولوجيات رجعية مازالت تساهم بشكل واضح في تراجع الاسلام الى الجاهلية القرشية و من بين هذه الايديولوجيات العروبة ,
و هنا اود القول انني لست ضد العرب كجنس و كثقافة و كفنون لكنني ضد العروبة التي قامت على اساس العنصرية تجاه كل الهويات الاسلامية الغير عربية خلافا لما يقوله نبي الاسلام عليه الصلاة و السلام لا فرق بين عربي و عجمي الا بالتقوى ,لكن العروبة نهجت منذ الدولة الاموية الى اليوم سياسات تخالف مقاصد الاسلام الحقيقية كنشر هذه الرسالة العالمية بلغات المسلمين المختلفة عبر العالم و الاعتراف بالهويات الثقافية لبعض الشعوب الاسلامية بل استغلت كثيرا الدين الاسلامي للسيطرة و القضاء على هذه الهويات الثقافية تحت ذريعة الحفاظ على الوحدة بين المسلمين تحت شعار العروبة و الاسلام أي العروبة كالعنصرية تحتل المركز الاول و الاسلام كدين و كشريعة يحتل المركز الثاني ,
غير ان الدولة الاسلامية في عهد الرسول الاكرم كانت تقر بالتعدد على المستوى الديني حيث هناك وثيقة الصحيفة التي تعد اول دستور مدني في تاريخنا الاسلامي اذ اعترفت هذه الوثيقة الدستورية باليهود كديانة و كمواطنين لهم حقوق و عليهم واجبات بينما العروبة لا تريد الاعتراف بالتعدد الثقافي رسميا بل تسعى الان الى اسكات ذوي هذه الحقوق تحت ذريعة العمالة للصهيونية كاتهام جديد يرمي الى اخفاء الحقائق و اخفاء فشل العروبة في جعل الغرب يدرك بان الاسلام هو رسالة سامية تهدف الى التعايش و التسامح حتى مع الشعب الاسرائلي المسالم و البعيد عن الصهيونية كايديولوجية مرفوضة اصلا من طرفنا .
اذن العروبة ليست حلا لمشاكل الاسلام بل تعتبر احدى مشاكله.
و كما قلت فالاسلام يحتاج اليوم الى ايديولوجية متطورة قادرة على رفع تحديات العولمة المتوحشة و تيارات الغرب المتطرفة التي تستغل حرية التعبير كقيمة جليلة لشن هجوم على هذا الدين العالمي و مقدساته العظيمة بمعنى ان هذه التيارات المتطرفة تروج لافكار تسيء كثيرا لحضارتنا الاسلامية و ادبياتها الاصيلة كحجاب المراة و الزواج كمؤسسة مقدسة تحافظ على الناس من الوقوع في الحرام الذي سينتج لنا مجموعة من الظواهر مثل اطفال الشوارع و بعض الامراض الخطيرة كالسيدا الخ ,
لكننا كمسلمين نتحمل المسؤولية الكبرى في هذه الاساءات المتكررة لديننا الحنيف حيث بعضنا لا يحترم مقدسات الاخرين بل يصفها بالكفر و الالحاد خصوصا في الدول المعروفة بتشددها الديني و عدم السماح لاخرين بممارسة شعائرهم الدينية بينما في الغرب عموما و فرنسا خصوصا تسمح للمسلمين في بناء مساجدهم ثم هناك المجلس الاسلامي الفرنسي مع العلم ان فرنسا هي دولة علمانية بالاساس.
و خلاصة القول اننا نحن المسلمين علينا القيام بمجموعة من الامور الاساسية اولا الاحترام التام لمقدسات الاخرين الدينية,
ثانيا الاصلاح او تجديد فكرنا الاسلامي الذي ظل لقرون يخدم مصالح الايديولوجيات الرجعية ,
ثالثا و الاهم هو التفكير في مشروع فكري اسلامي معاصر الذي يمكنه ان يواكب هذا العصر و تحدياته المختلفة و يمكنه كذلك ان يكافح التطرف الاصولي الخطير على مستقبل الاسلام بكل ابعاده.
و اختم هذا الموضوع المتواضع بالقول ان الاسلام قد انتشر بفضل رجالا امنوا برسالته العالمية التي لا تفرق بين ابيض و اسود و بين عرب و عجمي الا بالتقوى لكن اصحاب الايديولوجيات الرجعية جعلوا من الاسلام وسيلة للاستعمار الفكري و اقبار الهويات الثقافية المساهمة بشكل كبير في وصول الاسلام الى الصين و الى اسبانيا حاليا و الى الصحراء الكبرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل


.. 106-Al-Baqarah




.. 107-Al-Baqarah


.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان




.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_