الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الصفوات في الصراع الاجتماعي

صاحب الربيعي

2008 / 5 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لايمكن أن يحدث التناحر أو الصراع داخل المجتمع دون وجود نخب تعمل على حقن وجدان الفئات الاجتماعية بالشعارات العاطفية والإنسانية لتحفيز رواسبهم الكامنة وزجهم في الصراع مع الفئات الاجتماعية الأخرى لتحقيق أجندتها السياسية. والنخب السياسية في الغالب تكون تكون من صفوات المجتمع التي تتمتع بنفوذ (ديني، اجتماعي، مالي، وسياسي) في الأوساط الاجتماعية وقادرة على توجيه الفئات المُغيبة عن حقيقة الصراع بالاتجاه الذي يخدم مصالحها.
ويبرز دور الصفوات أكثر في المجتمعات المتخلفة التي مازالت ترزح تحت ظل القيم المتخلفة المكرسة لمفهوم الراعي والقطيع في ذهنية العامة من الناس الذي يفتقدون للثقة بالنفس ويشعرون بالعجز الدائم على العيش كذوات مستلقة في إدارة شؤونهم في الحياة دون وجود راعي يتولي ذلك ويفرض عليهم الطاعة والإذعان تارة عن طريق كسب عواطفهم وتارة أخرى عن طريق القوة والعنف.
يقول ((باريتو))"إن حركة التاريخ تستند لصراع الصفوات ودورتها ووجود الرواسب والعواطف الكامنة في الذات الإنسانية، فحين تفقد قدرتها على السيطرة بالشعارات الإنسانية والعاطفية على العامة من الناس تلجأ إلى استخدام العنف لفرض إرادتها عليهم".
إن الصراع بين الفئات الاجتماعية هو انعكاس لصراع وتقاطع مصالح الصفوات ذاتها، والصراع بحد ذاته تقاطع بالرؤى وبالتالي بأسلوب التفكير الذي يؤطره منهج يستند لرؤية تعبر عن مصالح فئة اجتماعية ما أو أشخاص محددين من ذات الفئة ومتضاربين بالمصالح المختلفة.
أي أن جوهر الصراع يستند لمصلحة لأشخاص لذات الفئة الاجتماعية أو بين صفوات من فئات اجتماعية متباينة فالمكاسب الناتجة عن الصراع تحصدها الصفوات والخسائر من نصيب العامة من الناس، لأن الأولى تحتكم لعقولها في إدارة الصراع والثانية تحتكم لعواطفها للمشاركة في الصراع.
يعتقد ((باريتو))"أن الصفوات تستغل الطبقات الدنيا للمجتمع عن طريق إشباع عواطفها الكامنة بالوعود لتحافظ على سلطاتها أو تكسب سلطات جديدة تفرض من خلالها المزيد من الهيمنة والتحكم على الطبقات الدنيا".
إن التطورات الهائلة التي طرأت على المجتمعات البشرية لم تنعكس على الصفوات وحسب، بل طالت الفئات الاجتماعية الدنيا فبرزت فئة جديدة متسلحة بالعلوم والثقافة واكتسبت سمات مقاربة للصفوات التقليدية. وأصبحت تطالب بنصيب ما في السلطة فلم تعد الأساليب الديماغوجية للصفوات التقليدية مجدية في التحكم بعواطف ورواسب الفئة الجديدة.
وعلى الضد من ذلك أصبحت الفئة الجديدة تهدد مصالح الصفوات التقليدية على المدى البعيد لذلك عمدت على استيعابها من خلال تقسام المصالح معها لإبقاء سيطرتها أطول فترة ممكنة على الفئات الاجتماعية المُغيبة.
يعتقد ((باريتو))"أنه إذا لم تجد الصفوات الحاكمة الأساليب المناسبة لاستيعاب الأفراد ذوي الطاقات الاستثنائية والبارزة من الطبقات المحكومة في الظرف المناسب فستحدث خلخلة في النظام السياسي والاجتماعي بسبب قدرة الصفوات الجديدة على إحداث صراع اجتماعي جديد يطيح بالصفوات الحاكمة لتولي السلطة".
إن أي نخبة جديدة (علمية، ثقافية، اجتماعية، ومالية...) تبرز في المجتمع تسعى لتحقيق مصالحها من خلال المطالبة بدور ما (حتى لو كان هامشياً) في إدارة شؤون الدولة والمجتمع طالما أنها قادرة على تأجيج عواطف الفئة التي تمثلها من المجتمع وقادرة على زجها في الصراع الاجتماعي لإجبار السلطة على تلبية مطالبها.
لذلك تعمد السلطات المستبدة وغير الراغبة في مشاركة الآخرين لها في صناعة القرار السياسي والاجتماعي على إضعاف كافة النخب في المجتمع والتعاطي بقسوة وعنف مع النخب التي تحظى بقدر من التأييد والتعاطف الاجتماعي.
وبخلافه في المجتمعات المتحضرة فإن السلطة تسعى لتشجيع الفئات الاجتماعية على تأسيس منظمات المجتمع المدني لإبراز نخبها بغية إشراكها في صناعة القرار السياسي والاجتماعي، لأنها تجد سهولة في التعامل مع نخب الفئات الاجتماعية دون إضطرارها للتعامل مع كافة مكونات الفئات ذاتها لإحكام سيطرتها على المجتمع.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدبابات الإسرائيلية تتوغل في حي الشجاعية وسط معارك عنيفة مع


.. إسرائيل تطلق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة وعشرات السجناء الآ




.. الديمقراطيون يدعمون بايدن رغم أدائه السيئ في المناظرة أمام ت


.. الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده بمعارك جنوب قطاع غزة




.. مستشفى فريد من نوعه لكبار السن بمصر| #برنامج_التشخيص