الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يفرقه الله لا يجمعه انسان

سينثيا فرحات

2008 / 5 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اضطر اسفة للأنخراط في حوار ديني مع حكم ديني كما هو الحال في دولتنا المؤمنة المتدينة المتمسكة بقيم النصوص الدينية و تقنينها و تشريعها الي ابعد الحدود حتي تضمن دولتنا المؤمنة الموحدة ان ادق تفاصيلك الخاصة تكون مصيرة بنصوص و ايات "نزلت" في دول اجنبية منذ مئات و الالف السنيين اكثر علماً من عقلك المتهم بالقصور و عدم الصلاحية في ادارة حياتك الخاصة و تاريخك المصري المتهم بالكفر و الشرك و الوثنية، نعم، النصوص الدينية الاجنبية التاريخية تعلم عن حياتك الشخصية اليومية اكثر منك، و ان قلت غير ذلك فأنت كافر و ملحد و مرتد و صليبي و يهودي و صهيوني و ماسوني و شيوعي و وثني و مشرك و عميل و امبريالي استيطاني توسعي و مجرم و منحرف و مجنون و ماجوسي و ساحر و مشعوذ و ضال و مغضوب عليك و خسأت.
و لفضل الله عندنا المادة(98و) مخصصة لتطبق عليك عقوبات مشددة ان تسول لك نفسك الواهنة لتطعن في النصوص التي تحكم حياتك اليومية الخاصة او ان قررت ان تدافع عن نفسك ضد القوانيين الثيوقراطية المهيمنة التي تحدد لك دينك و دين ابائك و اولادك و فيما تفكر انت و ذريتك متين سنة قدام و كيف تدفن و مع من و من يرثك و يرث كم، و ما حكم الجنين المسلم ان توفي في رحم زوجتك ان كانت غير مسلمة، و ما حكم نظر صديقتك المشركة الي شعركِ المؤمن، و كم حسنة جنيت البارحة و كم تخسر من انسانيك كل يوم؟
و ان كنت بهائي يكون اكبر طموحك ان يكون لك ورقة عليها اسمك عندما تولد و اخري لكي تكرم بالدفن عندما تموت!

و الان ان كنت مسيحي تحدد لك الدولة من يشارك معك سريرك الليلة.
تزحف الثيوقراطية لسريرك الليلة و كل ليلة و كعبد مطيع تملي عليك من يشارك معك جسدك، جسدك غنيمة الثيوقراطية الدستورية و هيمنة الدولة البوليسية و توازنات البترودولار الوهابي و ان اعترضت لدينا الامن...
و ما ادراك ما الامن!
و المؤسف في ذلك كله موقف الكنيسة الارثوذوكسية المصرية اقدم كنيسة في التاريخ و بدلاً من ان تلعب الكنيسة الاثوذوكسية دور ريادي تنويري ككافة الاقليات العددية عبر تاريخ الامم المختلفة تذاحم لكي يكون لها دور في محنة الثيوقراطية الدستورية المؤلمة التي نعيش اسفل درجها.
فتاريخ العالم لا يتغير بالعقل الجمعي يا سادة، لا يتغير بحكم الاغلبية المطلق و لا نهج الحكم المطلق، الاقليات ان كانت اقليات اقتصادية او عرقية او دينية هي التي غيرت مسار علم العالم و علم الاجتماع الديني و السياسي لتشكل خرائط جديدة بعيدة عن التعسف الظلامي القاسي و حرق الساحرات و الذي يمارس في دول المطلق حتي الان و ان كانت في صورة جز العنق في ميدان عام و ليس الحرق عشان الحرق غير شرعي، المهم...

الاقباط في مصر هم من حفظوا اللغة المصرية الوحيدة المعروف نطقها فبدلاً من ان يطالبوا بمطالب مدنية لتريح نضالهم التاريخي مع الذمية و الاضطهاد يطالبون بمطلب لتأصيل الدولة الدنية!! بدلاً من المطالبة بقانون مشترك و تطبيق شامل للأعلان العالمي لحقوق الانسان و تطبيق مواثيق الحقوق المدنية و السياسية و تطبيق مواد الحريات و المادة 151 من الدستور المصري التي تلزم الحكومة المصرية بتطبيق المعاهدات الدولية و المساواة بين المواطنيين بشكل كامل دون الصاق بهم القاب و ادوار و احكام لم يختاروها لانفسهم تطالب الكنيسة بتأصيل عكس ذلك كله، و بدللاً من ان تفكر بشكل برجماتي و لو للحظة واحدة في الثمن الباهظ الذي يدفعه الاقباط في محاولة العيش مع قانون الطلاق تعمل من اجل زيادة عزابهم و محنتهم و ترهول بهم في خندق تحولهم الي الاسلام من ما يتسبب في اهوال لأي اسرة مسيحية بسبب وضعهم القانوني الجديد حيث يتم قهر الاطفال لأعتناق احد الاباء الدين الاصلح و بالطبع الدين الاصلح هو الاسلام بالنسبة للقانون المصري، و تمنع عائلة الشخص الذي اسلم من الارث اذا توفي لانهم مشركين بحسب التعريف الفقهي للمسيحيين و لا يجوز المشركيين و غير المسلمين ارث مسلم، و لو لم يعلم الاولاد ان عن اسلام احد ابائهم او علم و رفض ان يسلم قهراً له و غلبة يحبس بتهمة التزوير في اوراق رسمية، مثلما حدث مع شادية و تزج به الشريعة الاسلامية في السجن مع القتلة و المجرميين كعقوبة لرفض اعتناق الاسلام.

و هذا كله من اجل ماذا؟

من اجل ان ما يجمعه الله لا يفرقه انسان، و لماذا لا يمكن ان نطبق تلك القاعدة "الفقهية" بالعكس؟
ان "ما يفرقه الله لا يجمعه انسان"، ام ان العمل الالهي في تلك الحالة تقتصر قدرته في اتجاه واحد و ليس الاتجاهين؟
اي ان الله فقط يستطيع ان يكون جامع و لا يستطيع ان يكون مفرق؟ و ان عمل التجميع هو مهمة الهية و علم الفرقة هي فقط مهمة بشرية و لا يجوز خلط المهام الوظيفية بين الاثنين؟
اليس قول ان الله يجمع تلك الزيجات الفاشلة التي تسعي للخلاص من خلال بترها بالطلاق اهانة لله؟ لان حاشا لله ان يجمع فشل و شقاء و علاقات مريرة خربة.
لماذا لا نكون ايجابيين و نعديها و نمشي حالنا و الجوازة اللي اتوفقت يبقي ربنا باركها و اللي فشلت يبقي نصيبهم كدة و الدنيا تمشي؟؟

لماذا تصر الطائفة الارثوذكسية علي "إلحاق واقعة لا نصّ على حكمها ، بواقعة ورد النّصُّ بحكمها" هل فجأة وجد "القياس في الاصطلاح الأصولي" في المسيحية؟
الاسنباط و الاستدلال الارثوذكسي لتلك القاعدة "الفقهية" لا يتماشي مع النص المسيحي! لان المسيحية ليست بها شريعة لكي يكون بها فقة يا سادة! و لا تغيروا افضل ما في المسيحية لأسباب سياسية تضر بكم في الاساس.
معاملة النصوص الدينية عامة و النص المسيحي خاصة بحرفية مطلقة و تقديس الكلمة دون كل السطر و تقديس السطر دون القطعة و القطعة دون المضمون يظلم النص المسيحي بل اي نص ديني او لا ديني و في تلك الحالة عندما يكون الامر يمس الحياة اليومية لملايين البشر من الحكمة ان نتعمق في معاني الاشياء و لا نبني قوانيين تعسفية لما هو غير قانوني في جوهرة و غير تعسفي بطبيعته، ان النص المسيحي نص مشبع بالنسبية، فقد اتي المسيح بتعاليم قلبت موازين المألوف و المتوقع و المتعارف عليه الي النقيض، فالمسيح ساوي بين الزانية و راجميها و اقر عدم ادانته لها و قال عن المرأة الفقيرة التي اعطت الاقل انها اعطت الاكثر، و النسبية في طرح المسيح الصادم للشريعة اليهودية في قوله : "العشارون والزناة يسبقونكم إلى ملكوت الله." حيث وضع رؤية نسبية مغايرة لمطلقات التفكير الديني حيث ما كان يصنف بالخطئ الزاني و السارق كان اقرب للفضيلة من رجال الدين! و من ما هو نستطيع جميعاً فهمة خاصة و نحن ضحايا لنظام الثيوقراطية الدستورية، حيث رجال السياسة هم القائمين علي الحكم الديني و ليس الكهنوت الاسلامي او المسيحي.

و من المؤسف ان يتغاضي انصار المؤبد لمن يريد الانفصال عن بقية الاية التي يتشدقون بها و التي انتهي الحوار بين السيد المسيح و الفريسيين فيها عن الزواج دون طلاق بقول السيد المسيح:
" مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ " قاصداً عدم الطلاق!!!!!!!! اذن لماذا التعسف؟ اذا كان قول المسيح واضح وضوح الشمس، لماذا تنظرون اليه في صيغة لا تقربوا الصلاة؟؟؟
هل تعتقدون ان ذلك في صالح المسيحيين و المسيحية؟ لان من الواضح انه يذيد في معدلات المتحوليين للأسلام لكي يواجهوا اهوال قانونية من نوع اخر تلحق باسرهم من حرمان التوريث و الاسلامة عنوة او السجن للأبناء!
الائحة 38 التي رفضتها الكنيسة الارثوذكسية و التي كانت تسهل اجرائات الطلاق لم تكن حتي كافية او تمثل المطلب الافضل!!! و لو انها احسن حالاً مئات المرات من الان، فالمطلب الصحيح لكل المسيحيين هو دولة مدنية بقانون احوال شخصية موحد علماني لنلحق بباقي العالم المتحضر بدلاً من ان نسعي لتأصيل الحكم الديني التفريقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في