الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلامويون وقداسة الخطاب الديني..

عبده جميل اللهبي

2008 / 5 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اذا كان المسلمون لم يفلحوا طيلة ألف وخمسمائة سنة في إبرام الصلح بين هذه الاسلامات المتعددة المتعادية فهل سيفلح في عقد صلح بينه وبين الغرب والتيارات المدنية الحديثة..

بالطبع ستكون الاجابة بالنفي، بسبب يبدو معروفاً للجميع من أن الاسلام أختلف إختلافاً جذرياً عما كان عليه في السابق..

فالحضارة الاسلامية قديماً..كانت تظم في طياتها حضارات وأفكار متعددة وثقافات متنوعة أشتملت على يهود ومسيحيين ولادينيين وملحدين . وساهوا جميعهم في بناء الحضارة الاسلامية ابان القرنين الثاني والثالث عشر الميلادي..

ومن يقرأ قصص ألف ليلة وليلة مثلاً سيلاحظ فيها نفس التعايش المشترك مع هؤلاء الاطياف ، وسيلاحظ حضارة أشتملت على الغناء والبهجة والرقص والتماثيل والفكر الفلسفي وغير ذالك من عناصر التفتح والتنوع والتلاقح والتسامح..

حتى الاسلامات المتعددة كانت تتحاور وتتناظر ،فكم الى اليوم بلغتنا مناظرات ومراجعات تصحيح بين السنة والشيعة أو كتلك المناظرات التي جرت بين المعتزلة والاشاعرة في صدر الاسلام..

أما اليوم فقد سافر الاسلام بعيداً ، وأبتعد حتى جبال أفغانستان وأصبح غريباً حتى عن المسلمين أنفسهم..فالاسلام الذي يدعوا الى أن الله يهدي من يشاء وجعل للأنسان حرية الاعتقاد هو نفسه الذي يقيم حد الردة ويقتل الكافر..

والاسلام الذي يقول في نبيه بأنه على خلق عظيم هو نفسه الاسلام الذي يقول فيه أيضا أنه عبس وتولى اذ جأه الاعمى..

وإسلام يقول أن النبي كان يهوى الغناء ويستمع الى المغنيات هو نفسه الذي يحرم الغناء والسماع الى المعزوفات..

وبرغم إتفاق المسلمين منذ البداية على أن القران حمال أوجه شأنه في ذالك شأن كل نص يقبل التأويل والقرأت المتعددة والتفسيرات والشروحات المختلفة ويتمازج مع كل عصر وزمان..

إختلفوا اليوم فيه وبدا كل فريق يدعي الحقيقة المطلقة وينسبها الى نفسه دون غيره ويسلبها من الاخرين، زد على ذالك انهم إعتمدوا ولازالوا يعتمدون على تفسيرات وشروحات برهن العلم الحديث على فشلها وكذبها الطازج عليهم. مثل قول ابن كثير في تفسيره على أن الارض واقفة على قرن ثور وتجرها عجلتان من الحديد..

ولم يلتفتوا مطلقاً ولوا من باب المراجعة الى التفسيرات المعاصرة التي حاولت التوفيق بين العلم والتراث بين الماضي والحاضر ، برؤىً عقلانية ومناهج أكثر منطقية وقرباً من الواقع والعصر..

إرتبط الاسلامويون اليوم "بخطاب ديني "ساذج يصفق للسلطات القامعة ويدعم إستدامتها بالنص المقدس وأستئثارها بالسلطة والرأي والحكم والتسلط على الافراد وإخضاعهم للخوف والتبعية ..الامر الذي تسبب بأزمة حقيقية في الحرية والديمقراطية في العالم العربي والاسلامي..

قد لأكون مبالغا اذا قلت أن الخطاب الديني الساذج صار سائدا بين المسلمين ومدعم من السلطات ..

فاليوم الواعظ "عمر خالد "صار أكثر حضوراً من المفكر الاسلامي جمال البناء وشهرة منه..

وأن ال..."حسن نصر الله" أكثر حضوراً وشهرة أيضا من داعي الحوار والتسامح" محمد حسين فضل الله"..

يراهن الخطاب الديني على تفوقه وحضوره عند الاسلامويين على الفكر الديني ، ولقد إكتسب ذالك في مرحلة تاريخية حرجة من التاريخ العربي، وفجوة خلفها خلفها الاستعمار بعد مضيه ..ليترك الارث العثماني الظلامي يأخذ مداه ويتسع في مرحلة تأزم فيها الفكر وتدحرجت الكرة من مرمى العقل الى مرمى النقل وأحتلت خطاب الاخوان المسلمين التحريضي على العنف والقتل والتكفير..

وأكتفى الخطاب التقليدي بمضغ ولوك المعلبات المستوردة من القرن الرابع الهجري، وجعل" كل محدثة بدعة وكل بدعة ظلالة وكل ظلالة في النار"مغلقاً الباب أمام كل مجدد وصاحب مشروع حداثي..

مذعناَ لسلطة النص ،وسلطة السلف ، الى الحد الذي جعلهم يقوضون الحدود الدنيا للعقل. بل وتعدواذالك الامر الى تكفير العقلانيين وتخوينهم ورشقهم بأبشع وأحقر التهم..

إذا كان العرب والمسلمون قد وضعوا لأنفسهم مهمة كبيرة وراهنة . لاسيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وهي تحسين صورة العربي المسلم أمام الغرب فإن السبيل الى ذالك ليس بإعتماد الميزانيات الضخمة للمهرجانات وعقد المؤتمرات والندوات وفتح المدارس الدينية في الغرب..

بل يكمن الحل في تحسين الاصل لا الصورة ونقد الخطاب الديني وغربلة التراث غربلة جادة وتغيير ممارساتنا السياسية البدائية ومناهجنا الثقافية التقليدية لنغير بذالك صورتنا من عيون أنفسنا قبل عيون الاخرين وأن نحترم الاخر المختلف ونقابلة الرأي..

فالدين بحقيقته لم يكن له هدف سوى تنظيم علاقة الانسان بالسماء . أما الارض فينظمها الناس بحسب أحتياجاتهم . وكما قال المثل المصري قديماً"الدين لله والوطن للجميع"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah