الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس وحزب الله والأيادى الغريبة خلفهما

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2008 / 5 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد انتابتنا مشاعر الفخر والفرحة حين استطاعت أجنحة حماس العسكرية أن تتصدى للعدوان الإسرائيلى المتكرر حتى اضطرت إسرائيل إلى الانسحاب من قطاع غزة فى عام 2005م وازددنا فخرا حين حقق مرشحو حماس نتائج طيبة فى الانتخابات الفلسطينية فى عام 2006م وكذلك عبرنا عن فرحتنا للبسالة والبطولة التى أظهرها مقاتلو حزب الله فى مواجهة القوات الإسرائيلية إذ لم ترهبهم الأسلحة الفتاكة والحديثة التى استخدمتها قوات الاحتلال وقد اعترف الجميع حينئذ أن الانسحاب الإسرائيلى من لبنان فى عام 2000م ومن قطاع غزة فى عام 2005م لم يكن ليتحقق لولا الضربات الموجعة التى وجهها مقاتلو حزب الله وحماس للكيان الإسرائيلى. لم نصدق الكتاب الذين شككوا فى هذه الانجازات. فمثلا لم نصدق الدكتور مأمون فندى حين قال فى مقاله بجريدة الشرق الأوسط الصادرة فى 5 مايو 2005م إن الانسحاب الإسرائيلى من جنوب لبنان جاء ردا على الانسحاب السورى من لبنان متجاهلا بذلك صمود مقاتلى حزب الله وقرار الأمم المتحدة رقم 1559 الذى يقضى بضرورة انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان وهو القرار الذى أيده رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريرى ثم دفع حياته ثمنا لهذا التأييد وكذلك لم نصدق نبوءة الكاتب الفلسطينى سليمان الوعرى حين قال فى مقال له فى شبكة المعلومات فى 9 سبتمبر 2007م إن حزب الله فى لبنان قد يوجه فوهات الأسلحة نحو اللبنانيين مكررا بذلك ما فعلته حماس فى غزة فى يونيو 2007م..

من الواضح أن الكاتب الفلسطينى لم يتوصل إلى هذه النبوءة إلا بعد أن عقد عدة مقارنات بين كل من حماس وحزب الله. فالطرفان يحملان السلاح بحجة مقاومة الاحتلال الإسرائيلى وتحرير الأراضى التى تقع تحت نير الاحتلال ويخوضان—من وقت إلى آخر—معارك ضارية مع القوات الإسرائيلية وكلاهما ينطلقان من مرجعيات دينية ويمثلان كيانات مستقلة داخل سلطة أكبر. فحركة حماس ظلت تعمل تحت مظلة السلطة الفلسطينية المنتخبة وحزب الله كان يعمل فى ظل حكومة ديمقراطية. لقد تحققت نبوءة هذا الكاتب خلال عام واحد مما يؤكد أوجه الشبه بين الطرفين اللذين أشهرا أسلحتهما ضد سلطة الدولة. لقد رأت العيون وسمعت الآذان مقاتلى حماس وهم يقومون فى يونيو 2007م بالهجوم المسلح على مكاتب فتح فى غزة حيث فرضوا سيطرتهم على مجريات الأمور وسعوا لمحو كل ملامح السلطة الفلسطينية ولطرد أعضائها بعد أن اتهموهم بالعمالة والتآمر. ولم يمض عام على هذا الحدث حتى قام مقاتلو حزب الله باحتلال بيروت الغربية فى 9 مايو 2008م واستطاعوا محاصرة منازل قادة الموالاة كسعد الحريرى ووليد جنبلاط موجهين اتهامات بالتآمر للسلطة الشرعية (نفس اتهامات حماس للسلطة الفلسطينية) لا لسبب سوى أنها أرادت أن تمارس حقها فى بسط السيطرة على جميع شبكات الاتصالات.

ورغم أن الكاتب الفلسطينى أشار إلى "أن هناك أيادٍ غريبة بدأت بالعمل في المنطقة، وأن اللاعب الإقليمي بدأ يلعب بلاعبين محليين بغض النظر عن مصالح الشعبين الفلسطينى واللبنانى" إلا أنه لم يشر صراحة إلى أن القوى التى تقف وراء حماس هى التى تساند حزب الله. لا شك أن هناك دورا سوريا وإيرانيا فى فلسطين ولبنان إذ ليس سرا أن يتخذ الرجل الأول فى حماس خالد مشعل من سوريا قاعدة لإدارة دفة أمور الحركة وكذلك لا يمكن إنكار أو تجاهل التواجد السورى المؤثر فى لبنان من خلال الدور الذى تلعبه أجهزتها المخابراتية خاصة بعد خروج القوات السورية من لبنان تطبيقا لقرارات الأمم المتحدة. لا مجال لغض الطرف عن النشاط الملموس والمحسوس لهذه الأجهزة التى لا تتردد فى رصد كل تحركات الشخصيات اللبنانية المناهضة لسياستها. لقد أرسلت المخابرات السورية تهنئة لجنبلاط بشأن بيض نعامته الجديدة ورسالة أخرى مفادها أنها على دراية كاملة بالسيارات المختلفة التى يستقلها وأنها تعرف عنه كل كبيرة وصغيرة. وكذلك لا يمكن أن نكف أعيننا عن الأيدى الإيرانية التى تختفى خلف سوريا وندرك ذلك التقارب الشديد بين هاتين الدولتين اللتين وجدتا ضالتهما فى حزب الله وحماس أملا فى درء الخطر الإسرائيلى أو الأمريكى. أما سبب اختفاء إيران خلف سوريا فهو أن سوريا دولة عربية خلاف إيران التى لا ترغب فى إثارة العواطف والحساسيات القديمة لدى الشعوب العربية التى تترقب الأطماع الإيرانية (الفارسية) فى المنطقة العربية بأسرها. فقط نذكر القارئ أن إيران مازالت تصر على استخدام عبارة الخليج الفارسى كلما تحدثت عن الخليج العربى.

والغريب أن سوريا التى تحرص على التواجد فى المناطق الساخنة مهددة هذا ومتوعدة ذاك لم تفعل شيئا تجاه التهديدات والانتهاكات الإسرائيلية المختلفة. لا نقصد التشفى حين نقول إن الطائرات الإسرائيلية استباحت سماء دمشق يوم الأحد 5 أكتوبر 2003م وأخذت تعربد في الأجواء السورية فتارة تشن غارات وتارة تلقى بقنابلها على الأراضى السورية ثم تنسحب دون أن تتعرض لأية مقاومة وكذلك قامت قوة كوماندوز إسرائيلية بالتسلل داخل ألأراضي السورية قبيل العدوان الجوي. والغريب أن سوريا اكتفت بالتهديد بالرد على العدوان في الزمان والمكان المناسب ولم نكن ندرى أنها عقدت العزم على الرد من خلال اختيار مواقع بعيدة عن الآراضى السورية (أى غزة وجنوب لبنان) حيث أخذت أجهزتها الاستخباراتية فى استقطاب القوى الفاعلة فى هذه المواقع والممثلة فى حماس وحزب الله. والسؤال الذى يؤرق مضجعى هو إذا كانت المخابرات السورية تتمتع بهذه المهارة وتعرف عدد بيض النعام فى مزرعة جنبلاط فلماذا لم تعلم بالضربة الجوية التى تلقتها دمشق؟ ولماذا لم تقم بحماية خصوصية رئيسها حافظ الأسد؟ لقد ذكرت صحيفة الصنداى تايمس (الصادرة فى 9 يناير 2000م) أن الموساد حصل بالتعاون مع المخابرات الأردنية على عينة من "بول" الرئيس الأسد حين قضى يوما فى عمان اشترك خلاله فى تشييع جنازة الملك "حسين بن طلال". واستطاع الموساد من خلال تحليل العينة تحديد الحالة الصحية للرئيس ومعرفة الأمراض التى يعانى منها والأدوية التى يتعاطها. كنا نود لو أن سوريا تصدت لمثل هذه الانتهاكات الإسرائيلية التى تترك جرحا غائرا فى صدر ووجدان شعبها. كنا نود لو لم تتعاون سوريا مع إيران فى حشد قضها وقضيضها لمساندة القوى التى تتحدى السلطة الشرعية مما يهدد سلامة ومستقبل الشعوب التى وضعت ثقتها فى هذه القوى الانقلابية.

وعلى كل فإن المشكلة تكمن فى عدم الاعتراف بأن الحكومات الشرعية هى السلطة الوحيدة التى من حقها امتلاك الأسلحة للدفاع عن كيان الدولة من خلال جيش يبسط سيطرته على كل أركانها. لقد كان من المفروض أن لا تسمح السلطة الشرعية لأى كيان آخر أن يفرض ثقافته ورؤيته أو أن يمتلك أسلحة أو قوات بعيدا عن سلطة الدولة بحجة الدفاع عن أراض الوطن. وفى ظنى فأن تحتل قطعة من أرض الوطن أفضل من أن تكون هناك كيانات مسلحة خارج عن سيطرة الدولة. فالاحتلال الأجنبى يمكن القضاء عليه سواء بالوسائل السلمية أو الحربية ولكن من الصعوبة بمكان القضاء على الاحتلال الداخلى، أى الاحتلال الذى تفرضه جماعات أو فرق من داخل أرض الوطن الواحد حيث ستعم الفوضى ويخيم الظلام وتختفى حمامات السلام إلى الأبد. وقد يتعاطف البعض مع حماس أو حزب الله ولكن لا بد أن نعرف أن هذه الكيانات ليست سوى دولة داخل دولة ولا يمكن أن ننتظر من هذه القوى أن تتخلى عن أسلحتها طواعية ولا ينبغى أن نقتنع بأن السلاح لن يرفع فى وجه أبناء الوطن. لقد شاهدنا ما ارتكبته عناصر حماس من قتل وسحل وتدمير لكل من أو ما ينتمى لحركة فتح والسلطة الفلسطينية وكذلك شاهدنا ما فعلته قوات حزب الله من تدمير وحرق الأخضر واليابس بما فى ذلك الهيئات التعليمية (كمؤسسة الحريرى التعليمية التى استفاد منها 34 ألف طالب) والمؤسسات الإعلامية (كقناة وصحيفة المستقبل).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري