الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطور الوعي السياسي في العراق

وصفي السامرائي

2008 / 5 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تمر علينا الذكرى الثامنة والثمانين لثورة العشرين, كحدث كبير اختلف حوله الباحثون فمنهم من اعتبره مجرد تمرد عشائري مساح اعتادت العشائر على القيام به زمن الدولة العثمانية, بينما يرى البعض الاخر اله ثورة بما للكلمة من مدلول.كون الاحداث قد شملت العراق كله,بعد ان حصل تعاون وثيق بين اهل المدن و العشائر وهذا لم يحصل من قبل,و قد اصدرت الفتاوى بتاييده .
و لفهم ملابسات الحدث لايد من التطرث الى العوامل الاجتماعية التي سبقته والتي ادت الى تطور الوعي السياسي مما ساعد على تخمير فكرة الثورة.

كان لدخول بعض المخترعات الى العراق كالبواخر النهرية و محطات التلغراف و مراكز البريد , والتي كانت بمثابة رفع الحواجز التي كانت تحجب المجتمع العراقي عن تيارات الحصارة الحديثة واخراجه من الركود الفكري الذي كان يعيش فيه.
في سنة1869حدث امران كان اهما الاثر البالغ تجاه تطور المجتمع اولهما مجيء مدحت باشا واليا على العراق و المعروف عن هذا الرجل انه ادخل الكثير من معالم الحضارة الى البلد كالمدرسة و المستشفى و المطبعة و غيرها.و الامر الثاني فتح قناة السويس لتاثيرها الاقتصادي الكبير و الحضاري.
يقول يوسف غنيمة في كتابه-تجارة العراق- عن تاثير القناة في العراق ما نصه:
ان هذا المسروع وحده احيا تجارتنا و ربطها باوربا لا بل بعالم الحضارة اجمعه ,او بعبارة اخرى انقلها عن بسمارك وهو قوله ان قناة السويس هي النخاع الشوكي في المملكة البريطانية. و يقول الاب انستانس ماري الكرمليفي ذات المصدر ايضا و خصوصا بالنسبة للبصرو:......وكانت تجارتها شيئا زهيدا لا يستحق الذكر ولما حرقت الترعة ,,,,اي قناة السويس, و بدا عبورها تغييرت الاحوال تغييرا عظيما وارتفعت تجارتها ارتفاعا عظيما.
كان من اهم نتائج فتح قناة السويس-بالاضافة الى خطوط البواخر و التلغراف-زيادة الصادرات العراقية. ويكفي لتوضيح ذلك ان الصادرات العراقية كانت قبل فتح القناة تناهز ما قيمته 150الف دينار,الا انها ارتفعت الى ما يقارب ال 3 مليون دينار سنة 1913. وقد ادت زيادة الصادرات الى زيادة الواردات .يقول يعقوب سركيس: ان العراقيين اصبحوا يجلبون من اوربا عوضا عن اثمان صادراتهم بضائع كثيرة من منتجاتها الصناعية.
من اهم المنتجات المستوردة المضخات الزراعية و مكائن الثلج و طحن الحبوب وغير ذلك. وقد ظهرت حرفتان شعبيتان هما المكينجي والفيترجي.
ان هذا التطور الاقتصادي كان من العوامل القعالة في ظهور تطور اجتماعي مواز اه فسكان العراق قد ارتفع عددهم من مليون في منتصف القرن التاسع عشر الى الضعف في سنة 1914.و كذلك تحول الكثير من الرعاة الى زراع مستقرين,فقد دلت الاحصاءات ان البد كانو في سنة 1867 يشكلون 35 بالمئة من سكان العراق بينما كان اهل المدن يشكلون 17 بالمئة. وظهرتقرى لم تكن موجودة ومن يريد الاطلاع على اسمائها يراجع كتاب لمحات اجتماعية للدكتور علي الوردي.
ان ظهور هذا العدد من المدن في فترة محدودة له دلالته الاجتماعية ,فهو يشير الى سيطرة الحكومة من جهة والى نمو الحضارة من جهة اخرى.والملاحض ان معظم هذه المدن تقع على نهر دجلة.وكان هذا من نتاج خط البواخر النهرية هناك لان هذه المدن بدات في الغالب تزود البواخر بالمؤن والوقود والطعام ثم نمت جلاء ذلك عوامل احرى.
طبقة الافندية:
ظهرت في العراق طبقة اجتماعية جديدة اطلق عليها الافندية وهم عادة من متخرجي المدارس الحديثة, وصاروا يحلون محل الموظفين القدماء في الدوائر الحكومية تدريجيا. وكان لهم الاثر البالغ في ادحال الحضارة الحديثة الى المجتمع العراقي.
وصف لونكريك هذه الطبقة بقوله : انهم كانوا يعرفون القراءة و الكتابة من غير ان يكون لهم دراية فوق ذلك, وكانوا يقلدون الاوربيين بملابسهم , ويصرون على التكلم بالتركية بين العرب, ويحتقرون العشائر, و يكثرون من ذكر المصطلحات العلمية و الفنية.
كان تحدثهم بالممصطلحات الحديثة مثل الاوطسجين واالمقروبات يثير في اذهان الناس تطلعا نحو افاق جديدة و يحفزهم على الجدل في قضايا لم يالفوخا من قبل. اضف الى ذلك ان الافندية في كل بلدة يحلون بها كانتلهم حاشية من وجهاء تلك البلدة يفتخرون بكونهم يجالسون الافندية و كان العامة يطلقون عليهم لقب اهل الجبب..
و كان للافندية اثر اجتماعي اخر هو ميلهم الى التجديد في الملبس والمسكن و ما شابه. فهم اول من استعما الملابس الافرنجية والطربوش , كما انهم اول من استخدم الاثاث الحديث و اتخذوا الملعقو والسكين في نتاول الطعام. و قروا الصحف و المجلات و حلقوا لحاهم. وقد تابعهم في ذلك بعض الوجهاء من اهل الجبب.اما العامة واكثر رجال الدين فكانوا ينظروت الى تلك الامور نظرة ازدراء وتحريم اذ هي تؤدي الى التشبه بالكافر.
يتبع في الحلقة القادمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا