الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تعريف القرآن للسماء هو الحقيقة المطلقة؟

مستخدم العقل

2008 / 5 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من أهم الأسباب التي تؤدي الى الإرهاب الديني عموماً (والإسلامي على وجه الخصوص) هو الظن بامتلاك الحقيقة المطلقة. فالذي يظن أنه على حق والآخرين على باطل سيجد نفسه تبعاً يتجه لإقصاء هؤلاء الآخرين وتسفيه آرائهم وستسيطر عليه النظرة الدونية تجاههم مهما كان هو نفسه متخلّفا فكرياً وعلمياً عن هؤلاء الآخرين. فالظن بامتلاك الحقيقة المطلقة كان هو منبع كل الشرور الدينية (وماأكثرها) من فظائع حروب اليهود مع الحيثيين وحتى التفجيرات الإرهابية المعاصرة، مروراً بالطبع بالفتوحات الإسلامية والحروب الصليبية ومحاكم التفتيش والتبشير الديني (الإجباري) الإسباني في دول أمريكا الجنوبية. فالسيناريو لم يختلف كثيراً في كل تلك الفظائع وهو أن يتوهّم طرف ما أنه يمتلك الحقيقة المطلقة فيحاول فرضها بالقوّة على الآخرين.

من أجل ذلك فقد كتبت هذا الموضوع بهدف إفساح المجال للمسلم المتعصّب لكيّ يعيد مناقشة قناعاته ليرى بنفسه إن كان مايظنه حقيقة مطلقة هو بالفعل كذلك أم أنه قد يكون محل شك وأن معجزة القرآن قد تكون مجرد وهم صنعه التاريخ ووسائل الإعلام ومرتزقة الفضائيات. بالطبع فإنه من نافلة القول أن أقول إن الهدف من طرح الموضوع ليس هو إخراج المسلم من دينه (فذلك لايعنيني في شيء) ولكنه زعزعة فكرة امتلاك الحقيقة المطلقة التي قد تؤدي به الى التعصّب الديني وازدراء الآخر.

هناك العديد من الآيات القرآنية التي تتحدث عن السماء في القرآن والتي تؤكد دون شك أن أن نظرة القرآن للسماء هي أنها كسقف الخيمة (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا ) وأن من دلائل عظمة الله هى خلقه لهذا السقف وإقامته دون أعمدة (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) وكذلك قوله تعالى (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ) وكذلك من دلائل عظمته عدم وجود أي شقوق في ذلك السقف (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) وكذلك قوله تعالى (فارجع البصر هل ترى من فطور). ويتمادى القرآن الكريم فيقول إن من دلائل رحمة الله هي أنه يمسك هذا السقف فلا يقع على الأرض كسقف الخيمة وذلك في الآية (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ). كذلك فإن هذا السقف (أي السماء) لايفتح إلا بإذن الله (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ)، ولكنه حين يفتح سيكشف الأهوال الكامنة وراءه (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ).

وكذلك فإن هناك العديد من آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن السماء والأرض وما(بينهما) وهو مايتوافق تماماً مع تصوير السماء كسقف (مثل سقف الخيمة مثلاً) يعلو عن الأرض وبالتالي يكون مابينهما هو فضاء تلك الخيمة نفسه، فالآية 65 من سورة مريم تقول (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)، وكذلك الآية 6 من سورة طه (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى)، والآية 16 من سورة الأنبياء (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ). كذلك هناك العديد من الآيات القرآنية الأخرى التي تؤكد نظرة القرآن للسماء باعتبارها سقفاً، فعلى سبيل المثال نجد الآية الأولى من سورة الانفطار تقول (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ) بحيث لايمكن تفسير انفطار السماء إلا باعتبارها شيئاً صلداً جامداً كالسقف، وكذلك فإن الآية 7 من سورة الرحمن تقول (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) ومرة أخرى لايمكن تفسير رفع السماء إلا باعتبارها شيئاً صلداً جامداً كالسقف.

وبالطبع فإن القرآن لم يكن الوحيد الذي وقع في ذلك الخطأ، فجميع الحضارات في ذلك الوقت البعيد كانت تظن أن السماء هي مجرد سقف. بل أن بعض الحضارات (كالمصرية واليهودية) اعتبرت ذلك السقف مرتكزا على أربعة أعمدة لانراها لكونها موجودة في أطراف الأرض. وفي كتابه الهام بعنوان (تاريخ صراع العلم والاديان في العالم المسيحية) يقول الدكتور اندرو ديكسون إن قدماء المصريين اعتبروا أن الأرض مسطحة ذات شكل دائري وأن السماء هي سقف معدني هائل يرتكز على أعمدة توجد في أطراف العالم الأربعة، وبالتالي فإن القرآن - كالعادة - لم يخرج كثيرا عن الفكر السائد في وقته.

أما عن تصوير السماء في الأحاديث النبوية فهو يؤكد تماماً نظرة القرآن للسماء (كسقف مثل سقف الخيمة) ولكن بطريقة أكثر وضوحاً، ففي صحيح البخاري يقول الرسول (يقبض الله الأرض يوم القيامة ، ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض) أي أن الله سيطوي السماء كما نطوي صفحة الكتاب أو رقعة الجلد التي نكتب عليها أو غطاء علبة السردين. وفي صحيح البخاري كذلك يصف الرسول فترة أول نزول الوحي عليه قائلاً بالحرف (ثم فتر عني الوحي فترة ، فبينا أنا أمشي ، سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء ، قاعد على كرسي بين السماء والأرض ، فجئثت منه ، حتى هويت إلى الأرض ، فجئت أهلي فقلت : زملوني زملوني ، فأنزل الله تعالى : { يا أيها المدثر - إلى فاهجر })، وبالتالي فطبقاً لذلك الحديث الصحيح فإن الملك كان قاعداً على كرسي بين الأرض والسقف (أي السماء). أما الحديث الذي لم يدع مجالاً لأي شك في نظرة الرسول (وكذلك القرآن) للسماء فهو الحديث الصحيح من صحيح البخاري والذي يقول فيه الرسول (فرج سقفي وأنا بمكة ، فنزل جبريل عليه السلام ، ففرج صدري ، ثم غسله بماء زمزم ، ثم جاء بطست من ذهب ، ممتلئ حكمة وإيمانا ، فأفرغها في صدري ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي فعرج إلى السماء الدنيا ، قال جبريل لخازن السماء الدنيا : افتح ، قال : من هذا ؟ قال : جبريل)، وبالتالي فطبقاً لذلك الحديث الصحيح فإن جبريل قد أخذ الرسول معه حتى بلغا السماء فنادى على البواب ليفتح لهما الباب، وهذا الوصف يتوافق تماما مع كون السماء هي سقف به أبواب يمكن فتحها.

فهل يُعقل أن يقتل إنسان نفسه لكيّ يقتل الآخرين من البشر من أجل كتاب يتحدث بلغة عصر راح من آلاف السنين بعد أن أثبت العلم الحديث خطأ تلك اللغة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات موجعة للمقاومة الإسلامية في لبنان القطاع الشرقي على ا


.. مداخلة خاصة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت




.. 108-Al-Baqarah


.. مفاوضات غير مباشرة بين جهات روسية ويهود روس في فلسطين المحتل




.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك