الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الحجاب

مفيد ديوب

2004 / 1 / 13
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ثارت ثورة العرب المسلمين لدى اتخاذ الحكومة الفرنسية إجراء يمنع ارتداء أي لباس يرمز للتمييز الديني بما فيها الحجاب في المؤسسات والدوائر الرسمية,واعتبر رجال الدين ذلك إساءة إلى الاسلام والمسلمين من الغرب 0
بالرغم أن هذا الموقف برمته لا يملك أية مشروعية . مع التقدير للأهمية الخاصة لمسألة الحجاب لدى رجال الدين المسلمين
وعدم مشروعية هذا الموقف قائمة على أن المسلمين المجودين في فرنسا هم رعايا الدولة الفرنسية وهم ملزمون بتطبيق القوانين السائدة هناك ,ولهم المجالات الكافية للدفاع عن حقوقهم ــ والتي يدفع المناضلين العرب حياتهم أحيانا للحصول على جزء بسيط من هذه الحقوق في بلادهم ــ وهنا يصبح الموقف من مسلمي الخارج هو تدخل في الشؤون الداخلية ,وكان يمكن أن يكون الموقف ذاته صحيحا لو كانت هذه الحكومة تفرضه على المسلمات  وتستثني الديانات الأخرى من العلامات الخاصة . أو تطلب الحكومة الفرنسية ذلك في خارج حدود بلادها .
من جانب آخر ,يسأل المسلمون ورجال الدين أنفسهم ,هل حقا هم جادون بأن يقدموا للعالم ـوخاصة الغربي والذي يتعرض فيه الإسلام إلى أعنف هجوم لتشويهه ودمجه مع تعاويذ الإرهاب ــ صورة حضارية ,آخذين بعين الاعتبار كيف يرى الآخر العرب والإسلام وما هي زوايا الرؤيا التي يرى بواسطتها ؟؟  أم أن ذلك لا يهم ؟ ونحن من القوة بحيث لا نحتاج للآخر وتقييمه ؟
وهنا يطرح السؤال الأكثر تحدي والأكثر وضوحا ,وهو هل رجال الدين يريدون أن يتعاطوا مع مشكلات شعوبهم تعاطي على درجة عالية من المسؤولية ؟ أم أن مشكلات باتت لا تتصدر أولوياتهم ؟ وهذه التحديات الخطيرة على شعوبنا والمهددة بقذف هذه الشعوب على قارعة الطريق الحضاري والإنساني ,أمر لا يعنيهم ؟ أو أن ذلك الخطر الداهم  لا يستشعرونه البتة ؟ أو أنهم لم يصلوا بعد أن خطابهم القديم قد ساهم بكل الهزائم التي لحقت بهذه الشعوب ؟ أم أن مصالحهم الضيقة الصغيرة تشابكت مع مصالح النظم السياسية العربية ,وباتوا يتعاونون معها ضد شعوبهم ,ويريدونها متخلفة وتحت السيطرة ؟؟!!
يبدو أن كل العناصر الذكورة أعلاه متشابكة وتدفع بنا إلى قناعة جارحة ـوإن كنا لا نريدها ـتبدو أنها الأقرب إلى الحقيقة وهي أن رجال الدين والقائمين عليه باتوا يشكلون إعاقة حقيقية أمام تطور هذه الشعوب إلى الأمام ,وإعاقة أمام الحلول الممكنة للمشكلات .
ثارت ثورتهم ودفعوا الآخرين إليها بسبب منع الحجاب لفتاتين مسلمتين فرنسيتين في فرنسا ,لكن مشكلة /100/مليون امرأة عربية مسلمة في بلادنا يعانين من الظلم ,وأكثر من /60% منهن من الفقر والجوع والأمية والاضطهاد النفسي والجسدي والمجتمعي !فهذا لا يثير ثورتهم ولا حتى حك أدمغتهم وإجهادها قليلا بالأسئلة والبحث عن الأجوبة ,كما لا تثير الأرقام المرعبة لتقارير الأمم المتحدة والجامعة العربية للتنمية عن شعوبنا ,أية نخوة وطنية أو شهامة مجتمعية فيهم ,والتي تقول فقرة أخرى أن ثلثي أطفال العرب لا يكملون مرحلة التعليم الأساسي ,إضافة إلى الفقر والعمل الشاق أو التشرد !!
كما لا تثير الأرقام الأخرى المخيفة حميتهم المزعومة على الدين والمتدينين ,مثل نسبة العاطلين عن العمل ,ونهب المال العام والفساد والإفساد ,وآلية توزيع الثروة ,والقمع ومصادرة الحريات !!
إذا كان هؤلاء يتصورون بأن تحرير الأرض من الغاصبين ,أو إزالة الجوع والفقر والجهل ,سيتم من وراء دعواتهم وابتهالاتهم إلى الله ,فهم يخدعون أنفسهم ويخدعوننا ,لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم 000ما لم ينتقل رجال الدين من موقع تمجيد الواقع الظالم للإنسان ,إلى موقع تمجيد حقوق البشر والدفاع عنها ,وإيجاد الحلول لمشكلاتهم .
وخلاف ذلك لا طريق أمام المسلمين سوى تجاوز أولئك ( الإعاقات), وتحويل مجرى ثورتهم وغضبهم على المشكلات الكبرى وأسبابها .
                                                                                                     








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لوحة كوزيت


.. شاعرة كردية الحرية تولد الإبداع




.. اطفال غزة يحلمون بالعودة إلى ديارهم


.. ردينة مكارم المرشحة لعضوية بلدية حمانا




.. المهندسة سهى منيمنة