الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيدرالية آخر اوراق الحركة القومية الكردية ام تراجيديا ومأزق الحركة القومية الكردية؟

سمير عادل

2004 / 1 / 14
القضية الكردية


   خلال ثلاثة عشر عاما 1991-2003 في كردستان العراق، عاشت الحركة القومية الكردية بخبز يومها. فتارة تعقد الاحزاب التي مثلتها الصفقات الجاسوسية والتآمرية مع الحكومات الفاشية في المنطقة ومن ضمنها حكومة البعث. وتارة تُستَخدم كعملاء ومرتزقة لتصفية مخالفي تلك الحكومات. واخيرا قبلت الحركة القومية الكردية على نفسها ان تكون الاداة السياسية والحربية والدعائية، ان لم نقل بعبارة اخرى، مطية للولايات المتحدة الامريكية، لشن حرب هيمنتها على العالم في تدمير المجتمع العراقي من جميع الجوانب وعلى جميع الاصعدة. وكانت كل تلك السياسات التي مارستها هذه الاحزاب قد عبرت عن انعدام افاق الحركة التي مثلتها، ونهاية النفق الذي وصلت اليه. تلك الحركة التي اعتاشت يوما ما وتقوت وتغذت على الظلم القومي، الذي فرضته وبشكل فاشي، الحركة القومية العربية ممثلة بحزب البعث ونظام صدام القومي الشوفيني.
ويبدو ان الفيدرالية هي آخر اهداف، بل هي آخر صفحة، من صفحات سجل الحركة القومية الكردية المتبقية. والحق يقال فلقد كلفتها ثمنا باهظا من سمعتها واعتبارها بل والمجازفة بكل تاريخها ومستقبلها عندما وافقت ان تكون جزءا من السيناريو الاسود الذي فرضته امريكا على جماهير العراق. فليس عبثا اذن ان يدعو المسؤول الثاني في الاتحاد الوطني الكردستاني نوشيروان مصطفى في مقال كتبه بعنوان (الكرد وقانون ادارة الدولة العراقية للفترة الانتقالية) الاحزاب القومية الكردية الى اعلان العصيان المدني وانسحاب الاعضاء "الأكراد" في مجلس الحكم العراقي وتعليق عملهم في الوزارات العراقية ومقاطعة الانتخابات المقبلة في حال رفض مجلس الحكم الانتقالي وسلطة الائتلاف اصدار قانون جديد حول اقامة الفيدرالية في كردستان العراق. وايضا تهيئة الاستعدادت لمواجهة اي ازمة اقتصادية ومالية وسياسية في كردستان العراق. وعلى الرغم ان عبارات نوشيروان مصطفى لا تعدو اكثر من فذلكة ومزايدة اعلامية امام منافسه مسعود البرزاني الذي استغل الاتفاقية التي وقعها جلال الطالباني عندما كان رئيسا للدورة الانتقالية لمجلس الحكم مع بول بريمر عن تنازله عن مشروع الفيدرالية القومية والموافقة على الفيدرالية الادارية للمحافظات، ليعلن عن شجبه لها ويستعملها كورقة لاستقطاب القوميين الاكراد وتحريك المشاعر القومية لدى جماهير كردستان. اذ ان الاحزاب القومية الكردية وعلى طول تاريخها لم تستطع ان تتكأ على غير العمالة لاحدى دول المنطقة. وعندما كنا في الحزب الشيوعي العمالي العراقي قد رفعنا شعار "استقلال كردستان" خلال ثلاثة عشر عاما مضى عن طريق استفتاء عام تقوم بها جماهير كردستان للادلاء برايها في حال انضمامها الى الدولة المركزية في بغداد او استقلالها، تجري تحت اشراف الامم المتحدة والمنظمات الدولية، كان القوميون الاكراد بمن فيهم قيادة هذه الاحزاب حاليا، يقولون لنا ان كلامكم صحيح، لكنكم تعرفون انه لا يمكن تحقيق هذا المشروع : فالاوضاع العالمية لا تسمح وان تركيا لا تقبل وايران ترفض وسوريا لا توافق وامريكا لا تريد ..الخ من هذه الترهات. فكيف لها الان ان تحقق الفيدرالية المزعومة وان نفس الذرائع القديمة ما زالت موجودة بل نجد الرفض القاطع من قبل ادارة بول بريمر، بينما تركيا وسوريا تجتمعان وفي صدر جدول اعمالهما الاتفاق المسبق في رفض الفيدرالية ووزير الخارجية السعودي يصرح لا نقبل بالتلاعب بالوحدة الجغرافية للاراض العراقية ..الخ. الانكى من ذلك فقد استعملوا الشعار المذكور  كتهمة وجهت لنا لنحاكم عليها بحجة الانفصالية والاخلال بالامن .
ان مسعود البرزاني على حق عندما يقول بعد ثلاثة عشرة عاما من سلطتنا في كردستان العراق واستقلاليتنا في كل شيء لا نقبل باقل من الفيدرالية. حيث كانت ثلاثة عشر عاما من السلب والنهب وفرض الضرائب على كاهل المواطنيين ودر الملايين من الدولارات في جيوب مسؤولين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني والاحزاب التي تملقت ودارت في فلكهما وتشييد القصور والفيلات واقتناء آخر الموديلات الفارهة من السيارات وتوزيع الاراضي على اقرباء اولئك المسؤولين.اما جماهير كردستان فكان نصيبها الحروب والفقر والحرمان وهروب مئات الاف من جنة "الديمقراطية" وهم يمشون في حقول الالغام او مختفين في حاويات السفن وشاحنات التهريب متحدين خطر الموت غرقا واختناقا الى انحاء العالم  بحثا عن حياة هادئة وعيشا كريما. فمن حق مسعود ونوشيروان ألا يقبلان بغير الفيدرالية القومية والجغرافية حيث لا يمكن ادامة الحياة التي تعودا عليها.
ان مدينة كركوك هي احدى اوراق المزايدة في الصراع بين ممثلي الحركة القومية العربية والكردية وعاصمة الفيدرالية القومية. فعشية الحرب الاخيرة التي شنتها الولايات المتحدة وعد جلال الطلباني القوميين الاكراد بالتصفية العرقية للقاطنين العرب في كركوك. وعندما خفت نجم جلال وتحديدا بعد اتفاقيته مع بول بريمر المذكورة، هدد مسعود البرزاني السكان العرب بمغادرة كركوك اثناء مقابلة صحفية. فكما سرقت اموال جمارك "ابراهيم الخليل" لتتقاسمها الاحزاب القومية الكردية مجتمعة لردح من الزمن، ثم لتدخل جيوب قادة ومسؤولي الحزب الديمقراطي الكردستاني لوحده بعد معركة "ام الجمارك" على غرار "ام المعارك" لصدام حسين بين الاتحاد الوطني والديمقراطي والتي دامت اربع سنوات، ستسرق اموال مبيعات نفط كركوك "قدس وقلب" كردستان. وبعبارة اخرى فبقدر ما جنت جماهير كردستان من حكم تلك الاحزاب ستجني بنفس المقدار من فيدرالية نوشيروان ومسعود البرزاني.  لذا فان تحريك ورقة كركوك عن طريق ارتكاب المجازر القومية بين الفينة والاخرى من قبل القوميين الاكراد المتمثلين بالاتحاد والديمقراطي الكردستاني والقوميين العرب وشراذم البعث وعصابات مقتدى الصدر ليس الا تحريك المشاعر والافكار آلاسنه في مستنقع القومية من اجل اقتسام السلطة والمال على حساب الابرياء من الاكراد والعرب.
فبغير الظلم القومي لاتستطيع الحركة القومية واحزابها ان ترى النور كما يقول الرفيق منصور حكمت. فبعد انهيار النظام البعثي القومي اصبحت افاق الحركة القومية الكردية هي الاخرى في مأزق، حيث اصبح الطرف الذي فرض الظلم القومي بابشع اشكاله في خبر كان . وبهذا تكون الفيدرالية هي العنوان الاخير الذي اختارته الحركة القومية الكردية في العراق والتي تستند من جديد على تقسيم هوية الانسان في بقعة جغرافية معينة وهي العراق على اساس قومي لادامة فصل جديد من عمرها وحياة احزابها السياسية.
فبقدر ما يدفع مشروع الفيدرالية القومية الى اسالة لعاب القوميين الاكراد، فانه بنفس القدر يستشيط غضب القوميين العرب الذين يريدون ان يحتكروا السلطة والثروة لوحدهم. وعلى هذا الاساس وبنفس القدر ايضا ترتعب فرائص الطرفين القوميين من بديل الحزب الشيوعي العمالي العراقي الذي يسحب البساط من تحت اقدامهم، وهو تشكيل حكومة علمانية لا قومية و لا دينية ودستورا يكفل جميع حقوق سكان العراق بشكل متساوٍ بغض النظر عن انتمائه القومي والديني وان تكون كركوك مدينة ذي هوية انسانية يستطيع كل من يرغب ان يسكن فيها ودفع تعويضات مناسبة للمتضررين من سياسة التعريب الشوفينية وحق جميع المهجرين في الرجوع اليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تقطع الطريق بين دمشق وبيروت أمام النازحين


.. مشاهد تظهر تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين اللبنانيين إلى سوريا




.. منظمة في ليبيا تمنح الأمل لذوات الاحتياجات الخاصة وتفتح أبوا


.. صور متداولة لوصول عدد من النازحين اللبنانيين إلى الحدود مع س




.. فيديو يظهر عددا كبيرا من اللاجئين السوريين يدخلون الأراضي ال