الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وديعة محمّد!!

سمير إبراهيم خليل حسن

2008 / 5 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


جآء هذا ٱلعنان "وديعة محمد" كشعار فىٰۤ "إعلان ٱلمنامة" ٱلصادر فى ٱلبيان ٱلختامى لمؤتمر ٱلوحدة ٱلإسلامية يوم 30 ديسمبر 2007. وكانت "جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية فى مملكة البحرين" هى ٱلتى دعت إلى هذا ٱلمؤتمر وعملت على هذا ٱلإعلان.
لقد جآء فى ٱلإعلان أنّ ٱلمشاركين فيه هم "نخبة من علماء ومفكّري الأمّة"!! وما هؤلآء إلا ملأ كهنوت بلاد ٱلمسلمين ٱلبخاريين ٱلذين ما زالوا يزعمون لأنفسهم أنّهم علمآء فى ٱلدين!! وفى كتاب ٱللّه قرن لقول ٱلكاهن مع قول ٱلمجنون!!
لقد طلب هؤلآء ٱلكهنوت من ٱلناس ٱلعودة إلى (الإسلام الأوّل قبل المذاهب والطوائف)!!؟ وبيّنوا سبيل تلك ٱلعودة بقولهم ٱلظّنون: (أنّ كلّ من شهد الشهادتين فهو مسلم). وأعلنوۤا أنّ مصادر ٱلإيمان هى: (القرآن الكريم والسنة النبوية المتّفق عليها والمطابقة لآيات القرآن والعقل والواقع وروح التشريع). وبذلك يوكّدون على شركهم لكتاب ٱبن برزويه ٱلبخارى وغيره من كهنوت ٱلسلف مع كتاب ٱللّه بزعمهم سنّة نبويّة فى كتاب ٱبن برزويه وإغفالهم لسنّته ٱلمسجّلة فى صحيفة ٱلمدينة.
وبفعل ٱلظّنِّ كنت أنتظر فى هذا ٱلإعلان حديثًا عن ٱلعنان "وديعة محمد" ٱلذى ٱتخذوه شعارا لإعلانهم ٱلقديم ٱلجديد. فقد ظننت أنّهم قد يذكرون "ٱلصحيفة" كوديعة كونها دستور دولة ٱلمدينة وهى ٱلهيئة ٱلاجتماعية ٱلأولى لدولة تقوم على هداية دين ٱلحقِّ وبيد رسول ٱللّه. إلآ أنّ ٱلإعلان لم يذكر شيئًا عن ذلك ٱلشعار "وديعة محمد" وتابع صانعوه فى تعريفهم للإسلام بصورة لا تفرّق بين ٱلدِّين عند ٱللّه وبين دين ٱلطوآئف قآئلين: (الإسلام هو الدين، وكلّ مذهب في الإسلام هو مذهب أو فرقة في دين واحد، لا يخرجهم عن هذا الدين هذا الانتماء المذهبي).
وطلب ٱلمعلنون وحدة بين طوآئف ٱلمسلمين ٱلبخاريين وفقا لدمغة مأمور نفوس كلِّ طآئفة!! وغفلوا عن توريد أى قول من ٱلقرءان يسند ما يدعون إليه. وطلبوا مؤازرة بعضهم فى تضليل ٱلناس عن دين ٱلحقِّ بقولهم: (بعض ما عند المسلمين من موروث يُفرّق ويُمزّق ويُكفّر ويُفسق أتباع الفِرق، يتمّ التجاوز عنه، ويُترَك عند أهله، ونعذرهم في أسبابه وفق ظروفهم، لذلك وجب النقدُ الذاتيّ لكلّ مذهب من داخلِه، والكفّ عن نقد الآخرين وطعنهم، وأيضاً الامتناع عن التبشير المذهبيّ والتبشير المضادّ.
فقد طالبوا بعضهم بٱلتآزر علىٰۤ أتباع كلِّ فريق ودعوا بعضهم إلى ٱلتعاون ضد ما يظنوه تحدٍ لسلطتهم ٱلكهنوتية على طوآئفهم فقالوا عن وسيلتهم إلى ذلك ٱلتعاون: (دراسة مسألة التقريب ضمن التحدّي العام الذي يواجه العالم الإسلامي المتمثل في التحدّي الحضاري، وتقوية مؤسّساته وتفعيلها في طهران والقاهرة وغيرهما، وأية مشاريع أخرى جادّة في سائر البلدان).
وكان خوفهم على نقص أو ضياع سلطتهم سببا لقبولهم مجتمعين بحدٍّ أدنى من ٱلتعاون فيما بينهم على متابعة تضليل ٱلناس وتفريقهم فى طوآئف تتبع كهنوتهم وتمتنع عن ٱلهداية بكتاب ٱللّه: (الاتّفاق على الحدّ الأدنى من البرامج الوطنيّة من أجل مواجهة تحدّيات العصر وقضاياه الأساسية مثل الاحتلال والقهر والتجزئة والتخلّف والفقر والتنمية والتغريب، إنّ الظروف السياسيّة ووقائع الدول ووتيرة المكائد لها أثر كبير في إذكاء الطائفيّة والمذهبيّة والاقتتال أو التعايش الطائفي والتسامح المذهبيّ).
وهم ككهنوت لا يدرون ولا يعلمون أنّ كهنوتهم ٱلزّاعم بعلم وعلمآء دين هو ورآء ٱلاحتلال وٱلقهر وٱلتجزئة وٱلتخلّف وٱلفقر وٱلتغريب. وقد أعادوۤا إعلان مفاهيمهم ٱلوطنية وٱلمذهبية وٱلعرقية فى دعوتهم للحفاظ على مكاسبهم ٱلكهنوتية ومكاسب ٱلطاغوت ٱلذى يستند إلى ما يزعمون به من علم فى ٱلدين: (البداية تشرع بوحدة الأوطان، ثمّ وحدة الأمّة الإسلامية، تدرّجاً في تحقيق الوحدة التي تجمع بين المسلمين جميعاً، وتعزيز الولاء الوطنيّ وتقديمه على الولاء المذهبيّ، باعتباره المشترك الأقرب للمواطنين، إذ تواجه وحدة الأمّة خطر التجزئة إلى فسيفساء طائفيّ مذهبيّ عرقيّ، حتى تأخذ إسرائيل شرعيّة جديدة من طبيعة الجغرافيا السياسية، لتكريس دولة قومية يهوديّة عنصريّة وهميّة على أرض فلسطين).
وهم بقولهم هذا يوكّدون على جهلهم بمفهوم "ٱلدِّين عند ٱللّه ٱلإسلام". فهم يظنّون أنّ ٱلإسلام هو فى وحدة ٱلمسلمين لدمغة مأمور ٱلنفوس فى قطيع هم رعاته. وقد أعلنوۤا أنّ عدوّهم ٱلذى يهدد سلطتهم على قطعانهم هو (العولمة المادية). وكأنّ ٱلدين أمر أخر غير مادىّ!! فٱللّه يقول للمؤمن ٱلمسلم للّه ربِّ ٱلعالمين: "لا تقفُ ما ليس لك به علم إنّ ٱلسمع وٱلبصر وٱلفؤاد كلّ أُولئِك كان عنه مسئولا" وهو نهى عن كلِّ أمر غير لا تدركه وسآئل ٱلإدراك لديه "ٱلسمع وٱلبصر وٱلفؤاد" أى نهى عن ٱتباع وقبول أىّ أمر غير مادىّ!!
لقد بين إعلان هؤلآء ٱلكهنوت جهلهم بأنّ ٱلأرض واحدة وأنّ ٱلتأثر وٱلتأثير أمر لا يمكن منعه وتوقيفه بإعلان مجانين. ولذلك يدعون فيه إلى وحدة ٱلظنون وٱلجنون وٱلكَفر على ٱلنفس ومنعها من ٱلتأثر وٱلتأثير بقولهم عن: (ضرورة وحدة الأمّة ضدّ مخاطر هيمنة العولمة المادّية لتُصبح الوحدة قطباً ثانياً في عالم متعدّد الأقطاب).
فأىّ قطب يمثلون بجنونهم غير قطب ٱلجهل وٱلتخلف وٱلفقر وٱلهون؟
لقد جآء فىٰۤ إعلانهم خطة عمل لكفرهم ومتابعة سلطة طاغوتهم بما يلى:
(1. تنبيه القنواتِ الفضائية العربية والإسلامية أن تمتنع عن التهييج الطائفي والأخبار والبرامج الحواريّة والاتّصالات الهاتفية التي تدعم خطة التمزيق الأمريكية الصهيونية، والدعوة لتأسيس فضائيات ومواقع جديدة تهتمّ بوحدة الأمّة عن طريق فتح نوافذ التعارف بين أرجاء العالم الإسلامي، ونشر الأخبار والوثائق والأفلام التي تجعل المتلقّي المسلم يستشعر بعزّته في الانتماء إلى أمّته الإسلامية.
2. الشروع في دراسات للتاريخ الإسلامي والثقافة والحضارة والأدب من أجل غرس فكرة الأمّة الواحدة، ووضع مشروع عام يقوم على أسس فكريّة وعلميّة يوجّه الأفكار والمشاعر والطاقات نحو استئناف مسيرة الحضارة الإسلامية.
3. وحدة المسلمين فرض، فينبغي التأكيد عليها، وتجريم مثيري الفتن من الخطباء والوعاظ والسياسيّين المهيّجين للفتن بين المذاهب قانونياً، وسنّ بعض التشريعات والقوانين التي تمنع الشقاق الطائفيّ بالأقوال والأعمال أو إهانة المقدّسات الواضحة لأيّ فريق، والتوقّف عن حملات التبشير المُضلِّل للفرق الأخرى، والمشهِّر بالمذاهب الأخرى، والانصراف للتبشير بسماحة الدين العالمي وأخلاقيّاته وشرائعه الحضارية.
4. توفير وإدراج كتب دراسيّة في المدارس والمعاهد الإسلامية والجامعات لمعرفة كيفيّة التعامل الحسن بين المسلمين، وبينهم وبين غيرهم من أتباع الديانات الأخرى، ومن بني الإنسان.
5. تنقيح المذاهب –حاضراً- مما يُؤذي أتباع المذاهب الأخرى، والعمل على رسم منهجيّة لتنسيق المواقف بين المذاهب المختلفة لبلورة موقف إسلاميّ موحّد على المستوى الإقليميّ والدوليّ بين يدي التطلّع إلى تحقيق الوحدة الإسلامية، واحترام التنوّع في مسائل فروع الاعتقاد فيما لا يتعارض مع جوهر عقيدة التوحيد.
6. تطوير هيكليّة وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي من أجل المزيد من التفاعل مع تحدّيات الأمة، وتشجيع ودعم كلّ مراكز الوحدة والمؤسّسات الإسلامية الداعية للوحدة بكلّ أشكالها، والإهابة بعلماء الأمّة ومفكّريها بترسيخ وتعميق ثقافة الوحدة ونهج رسول الله محمد (ص) في جمع شمل الأمة وتوحيد كلمتها، والتواصل مع الهيئات والجمعيّات المهتمّة بتوحيد طوائف الإسلام، والتعرّف عليها والتنسيق معها في الجهود والفعاليّات.
7. مناشدة وسائل الإعلام بكلّ منابرها ووسائلها العمل على توسيع ثقافة احترام المسلمين بعضهم لبعض، وتجنّب استخدام المصطلحات التي تؤجّج نيران الخلاف والتنازع بينهم، ودعوة الإعلام الرسميّ ومطالبته بوقف نشر فتاوى الفتن والتفريق بين أتباع المذاهب، واستنهاض مؤسّسات الإنتاج الفنّي والمسرحيّ بالعمل على إنتاج أعمال تخدم وتساعد على ترسيخ وحدة الأمة وتعزيز ثقافة المحبّة بين أبنائها.
8. التأكيد على وجوب التواصل، والتكافل الاجتماعيّ، وتوحيد مواقيت المناسبات الإسلامية، وتحبيب إقامة الشعائر الجامعة لبثّ روح الإلفة والتسامح.
9. التحلّى بثقافة الحرّية، كلٌّ من موقعه، فيدعو -بالحكمة وبالتي هي أحسن- لإصلاح كلّ أشكال التقديس لغير الله سبحانه، ودعم الحرّية الاعتقاديّة، والنّأي عن أيّ ترهيب فكريّ، وأيّ تبشير بالقوّة، مُنمِّطِ للاعتقاد.
10. التعارف بين العلماء ضروريّ لكسر الحواجز، العلماء المصلحون هم المدخل للحلّ، فيجب توجيه رسائل ومناشدات لهم تتضمّن توصيات المؤتمر، ليوجّهوا طوائفهم إلى كلمة السواء وتوحيد الكلمة، ودعوة الخطباء -عبر مراكز تأهيلهم وتوجيههم والرقابة عليهم- إلى تعليم الناس بمشتركات الدين وأخلاقيّاته وسلوكيّاته الحميدة، لا الخصوصيّات المفرّقة المُدينة لخيارات الآخرين).
وقد جآء فى دعوتهم مفهوم يتناقض مع ما يدعون إليه:
(11. دعوة الناس لاحترام قيمة الفرد، ونفي هيمنة الدولة والمجتمع على الفكر).
إلآ أنّه سارعوۤا إلى نقضه بقولهم: (واحترام الثوابت المشتركة، وتعزيزها، والدعوة إليها، وتعليم النشء عليها، كرسالة دعويّة وتعليميّة تُوجّه للأسَر ولقواعد أتباع المذاهب وللمواطنين عامة، والسماح للآخرين باختيار مقدّساتهم، واحترام خياراتهم ما دامت لا تتنافى مع روح الإسلام).
وما جآء بإعلانهم عن "وديعة محمد" هو خطة عمل لهم تُبقى سلطتهم على طوآئفهم:
(13. تأسيس موقع الكتروني تحت عنوان "وديعة محمد (ص) – شبكة أمان للوحدة الإسلامية" بهدف تحقيق هذه التوصيات، وتشكيل لجنة متابعة دائمة لتفعيل توصيّات المؤتمر مع الجهات المعنية، وإدارة كافة المشاريع المنبثقة عنها).
وبهذا يكون ٱلمعلنون قد وضعوا خطّة لمتابعة سلطة كهنوتهم على جميع ٱلشعوب ٱلتى تحمل ٱسم "مسلم" فتبقيهم فى جهلهم وتخلفهم وفقرهم وٱقتتالهم وتشرّدهم!! فمآ أعلنه هؤلآء ٱلكهنوت بفعل خوفهم من تأثير "العولمة المادية" على سلطتهم هو وحدتهم ٱلكهنوتية على ٱلرّغم من ٱفتراقهم فى طوآئف متناحرة متشاتمة متباغضة ومكفّرة لبعضها. وهم بتلك ٱلوحدة يأملون بقآء سلطتهم وبقآء جهلهم وجنونهم مصدرًا لطوآئفهم ٱلتابعة فى تشريع عيش جاهلين.
وفى ختام هذا ٱلمقال أنادى جميع ٱلأشخاص ٱلأحرار من سلطة مفاهيم ٱلكهنوت لأن يعملوا على إبعاد تأثيره عن شعوب بلادنا لعلّها تستيقظ من جهلها وتعمل فى ٱلسباق ٱلجارى فى ٱلأرض على موقع ٱلخليفة ٱلعليم ٱلذى لا يقفُ ما ليس له به علم وٱلذى يعلم أنّ ٱللّه بكلِّ شىء عليم.
كمآ أناديهم للعمل على صحيفة ٱلمدينة تعريفًا وشرحًا لما جآء فيها. فهى سنّة رسول ٱللّه ووديعته للناس ٱلأحرار من سلطة مفاهيم ٱلكهنوت وٱلتى يغفل عنها هذا ٱلكهنوت ولا يذكرها ويزعم بسنّة أخرى فى كتاب ٱبن برزويه ويجعله مصدرًا للإيمان يتقدّم على كتاب ٱللّه!!











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran


.. 85-Ali-Imran




.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني