الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستلزمات بناء النظام الديمقراطي

صاحب الربيعي

2008 / 5 / 31
المجتمع المدني


إن النظام السياسي ليس قناعاً يمكن استبداله بقناع آخر متى شاءت الكيانات الحزبية، وليس مزاجاً ورغبة آنية لنخبة استولت (أو نُصبت!) على السلطة لاتفرق بين السلطة والنظام السياسي. إن الرغبة والقناعة لتبني النظام الديمقراطي لاتغدو سوى مفردات عاطفية قادرة على أشباع عواطف العامة من الناس ويمكن أن يوظفها أي سياسي جاهل في كسب المغيبين دون أن يعي ماهيتها وسُبل تطبيقها.
الشعارات السياسية لاتؤسس لنظام ولاتبني دولة مدنية لكنها قادرة على تحشيد المغيبين في كرنفالات احتفالية تمارس فيها طقوس الرقص حول شعار الديمقراطية كإنها المنقذ من الشرور. كما أن ممارسة أحد سُبل الديمقراطية كالإجراء الانتخابي مثلاً لايعني إطلاقاً وجودها على أرض الواقع، فهذا التبسيط الساذج للديمقراطية هو أقصى ما يمكن أن يستوعبه السياسي الجاهل في دول العالم المتخلف.
لذلك لايجوز إطلاق شعارات الديمقراطية دون وجود ممهدات حقيقية على أرض الواقع، تكون بمثابة قاعدة لبناء أسس الهيكل الديمقراطي. فالدول التي تعاني من مشاكل عرقية ونزاعات طائفية وضعف بأجهزتها القمعية ونسب عالية من الأمية وعدم تجانس ثقافي ولاعدالة اجتماعية، ولاتمتلك مؤسسات سياسية حقيقية ولانخب سياسية كفوءة لايمكنها الادعاء أنها تبني نظاماً ديمقراطياً بمجرد تنظيمها لكرنفال انتخابي تتراقص مجتمعاتها المغيبة على أنغام موسيقى نشاز لمنح الشرعية لسلطتها السياسية.
إن القاعدة الأساس لبناء النظام الديمقراطي مرتبطة بشكل مباشر ببناء هيكله العام، فوجود خلل ما في قاعدة البناء يؤدي لامحال لحدوث خلل وتصدع في البناء الديمقراطي ككل لذلك يتوجب التحقق من أسس البناء قبل الشروع بالبناء ذاته تحاشياً للإضرار المحتملة.
أما التهريج السياسي ونقل قوالب جاهزة للديمقراطية إلى مجتمعات غير مؤهلة ذاتياً وموضوعياً لقبول اشتراطاتها يتطلب تفحص غايات وثقافة النخب السياسية ومدى ارتباطها بأجندة خارجية، فالأضرار الناجمة عن التطبيقات الخاطئة للديمقراطية تجلب الخراب والدمار والضحايا عند فرضها بالاكراه على المجتمع الذي يفتقد لأبسط مستلزمات بناء النظام الديمقراطي.
يعتقد ((والتر مورفي)) هناك تسعة مستلزمات أساسية يجب توفرها في المجتمع لضمان نجاح بناء النظام الديمقراطي الدستوري:
1-"قوات مسلحة قادرة على التصدي للعدوان الخارجي أو لتلقين المعتدين والخارجين على القانون درساً لاينسى.
2-عدم وجود معارضة قوية للديمقراطية الدستورية في صفوف القوات المسلحة، ووجوب إبداء العسكريين المحترفين الاستعداد الكامل للتعاون مع حكومة مدنية تتولى السلطة.
3-وجود عدد كافٍ من النخب السياسية المؤمنة بالعملية الديمقراطية ذات مهارات وخبرات جيدة لإدارة حكومة فعالة.
4-وجود وسائل إعلامية مختلفة وفعالة تتيح للجميع فضح انتهاكات حقوق الإنسان وخرق بنود الدستور.
5-انعدام الأمية ومستوى مقبول من الوعي يصلح للعمل الديمقراطي وتوفر معلومات كافية عن متطلبات الترشيح والانتخاب.
6-تجانس اقتصادي وأثني وديني وثقافي مقبول يؤسس لشعب وليس لمجموعات متناحرة ضعيفة الصلات يجمعها الموقع الجغرافي.
7-اقتصاد قوي قادر على درأ خطر المجاعة والحرمان المدقع للسكان.
8-وجود منظومة ثقافية داعمة لقيم الديمقراطية الدستورية ومعززة للممارسات المدنية المتحضرة.
9-وجود شريحة متعلمة وواسعة من الطبقة الوسطى واعية لحقوقها وواجباتها في المجتمع".
إن النخب السياسية المنظمة لكرنفالات التهريج الديمقراطي بدافع عوامل خارجية لاتمتلك أبسط معرفة بمستلزمات بناء النظام الديمقراطي مما أدى لتعاظم الخسائر في الأرواح الذي لم يثر الريبة والشك والتساؤل عن الثمن المطلوب لفرضها قسراً على مجتمع يحتاج إلى فترة انتقالية ليست قليلة ليكون مؤهلاً لبناء النظام الديمقراطي.
إن هروب النخب السياسية للأمام لايجدي نفعاً، فالحل يكمن في تعطيل كرنفالات التهريج الديمقراطي والبدء بمرحلة انتقالية تعالج من خلالها مواطن الخلل بتهيئة مستلزمات بناء النظام الديمقراطي بما لايتعارض والواقع الاجتماعي فوجود نخب سياسية تنفذ أجندة خارجية وسيادة وطنية منقوصة يتعارض مع أحدى أهم مستلزمات بناء الديمقراطية.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ