الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساحة الحرية أحدى مستلزمات بناء النظام الديمقراطي

صاحب الربيعي

2008 / 6 / 1
المجتمع المدني


تؤشر مساحة الحرية المتوفرة في المجتمع لفعالية الحراك الاجتماعي بشرط أن تكون مكفولة بتشريعات قانونية لايمكن للسلطة خرقها، فالحرية تعني رفع كافة الحواجز النفسية بين المواطنين للتعبير عما يكمن في داخلهم من هواجس حول السلطة والنظام، أي البحث بتفاصيل حياتهم المعيشية ومستقبل أجيالهم لإجبار السلطة تبنيها.
الحرية ليست مطلباً سياسياً وإنما مطلب قانوني-اجتماعي لأنها حق شخصي لذوات معرفة قانونياًً تنضوي تحت إطار المجتمع باعتباره ركناً أساسياً من أركان الدولة، فمساحة الحرية تحدد مدنية الدولة ومدى رسوخ النظام الديمقراطي.
يعتقد ((الياس مرقص))"أنه لايمكن جدياً الكلام عن الحرية بدون الكلام عن العقل والضرورة، وعن الحق والقانون، وعن المجتمع والدولة والفرد، وعن العرق والهوية، وعن الشغل والقيمة....لايمكن الكلام عن الديمقراطية بدون مفهوم الدولة، ولايمكن الكلام عن الدولة الديمقراطية بدون الكلام عن التقدم وعيش الناس وخبزهم. الديمقراطية تصور فلسفي-سياسي عن العالم، تدخل في صلبه وأساسه فكرة الاختلاف".
إن الديمقراطية الدستورية يجب تضمن حقوق الأفراد والجماعات المختلفة عرقياً وأثنياً للمشاركة في صياغة التشريعات الدستورية التي تؤمن مشاركتها الفعلية في صناعة القرار وتضمن حقوقها في التعبير عن آرائها دون قمع واضطهاد، فمساحة الحرية تؤشر لمدى إلغاء الحواجز السياسية-الثقافية والاجتماعية بين المكونات المتقاطعة بالآراء لايجاد مساحة ما للحوار بالنقاط الخلافية للوصول إلى مشتركات تضمن الحد الأدنى من حقوق الجميع ولاتغمط حقوق أي فئة اجتماعية مهما صغرت أو اختلفت بتوجهاتها مع الآخرين.
لذلك من المفترض أن تضمن التشريعات الدستورية كافة الحقوق والحريات في إبداء الآراء أو ممارسة الشعائر الدينية والعبادات لكافة المكونات الاجتماعية، وتلك الضمانات يجب أن تكون مُفعلة على الصعيد الاجتماعي وليست تشريعات فوقية تهم مجموعة نخبوية محددة، فتحديد الآلية المناسبة لتطبيق التشريعات الدستورية تعد الضمانة الأساسية لمشاركة كافة المكونات الاجتماعية في مناقشة وصناعة القرارات على المستوى العام.
يرى ((الياس مرقص))"أنه يجب الانتهاء من تصور مفاده: أن الحرية هي صفة العصفور أو صفة الفارس النبيل، يجب الانتهاء من تصورين (مع وضد) يتفقان في اعتقاد واحد: أن الحرية والحريات الديمقراطية والمساءلة الديمقراطية شأن يهم المثقفين".
كلما توسعت مساحة الحرية في المجتمع كلما كفلة مشاركة قطاعات اجتماعية واسعة في العملية الديمقراطية، فالحرية هي حقن متواصل لممارسات حقوقية في اللاوعي الجمعي للبوح عما يكمن في داخلها من آراء متقاطعة مع الآخرين لايجاد نقاط التقاء ومشاركة وإجراء تسوية للمصالح المتقاطعة لتتوافق التطلعات الواعية وغير الواعية في الذات في خدمة المجتمع.
يقول ((والتر مورفي))"إن سماح الديمقراطية لكل المواطنين بالمشاركة في العملية الديمقراطية الإبداعية والريادية في آن واحد، سيشجع الأطراف المتنازعة الإفصاح عن مصالحها علناً والكشف عن أهدافها والتفاوض لتسوية خلافاتها في أجواء سلمية. ويعد هذا الخيار أكثر عملية في البلدان المؤلفة من ثلاث مجموعات أثنية أو أكثر".
إن جوهر الديمقراطية الدستورية ضمان لحقوق كافة المكونات الاجتماعية من خلال تأمين مساحة واسعة من الحرية للحوار الشامل حول القضايا الجزئية الأكثر أهمية في المجتمعات التي تعاني من تناحر مكبوت في وجدانها يظهر إلى السطح حين تعصف بالمجتمع أزمات حادة فينزلق نحو الحرب الأهلية متعكزاً على أسباب آنية غير منطقية. والحقيقة أن ضرواة الحرب وعنفها تعكس الأسباب الكامنة في اللاوعي والمدفونة قسراً في الذات المُغيبة التي لم تحصل على الفسحة اللازمة من الحرية للتعبير عن هواجسها الكامنة لفترة طويلة من الزمن.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ