الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأسيس منظمات للمجتمع المدني إحدى مستلزمات بناء النظام الديمقراطي

صاحب الربيعي

2008 / 6 / 2
المجتمع المدني


إن العائلة خلية صغيرة في المجتمع مكونة من أفراد يخضعون لإدارة مشتركة لأبوين مسؤولين عن التربية والإعالة، لكن حين يتوفر لأحد أفراد العائلة مورد مالي ينفصل اتوماتيكياً عنها ليخلق بدوره كياناً عائلياً مستقلاً.
وبهذا تتفكك العائلة الأساس إلى عائلات تشكل نموذجاً مصغراً لمجتمع مدني، تحقق كل منها رغباتها وتطلعاتها الذاتية. وترتبط بعضها مع بعض بصلات جزئية لتبادل المصالح المشتركة، لكن هذا النموذج المدني المصغر ينمو باطراد ليصبح مجتمعاً مدنياً واسعاً يحتكم في علاقاته لدستور الدولة.
يعتقد ((هيغل))"أنه حين يستقل أفراد العائلة الواحدة بعضهم عن بعض بحاجاتهم ورغباتهم يصبحوا جزءً من المجتمع المدني ذات الحاجات والرغبات العامة الذي تمثله الإرادة العامة للدولة".
إن المجتمع المدني ليس كتلة بشرية متجانسة الأهداف والغايات وإنما مجموعات بشرية تشترك بنظام اجتماعي يضمن حراكها السلمي كمجموعات متباينة مما يتطلب وجود آليات تنظيمية تؤطرهم للحفاظ على النظام الاجتماعي.
لايعد تأسيس منظمات للمجتمع المدني إجراءً ديمقراطياً دون وجود تشريع قانوني يؤطر عملها ويخضع القائمين عليها للمحاسبة والمساءلة القانونية فقد تنضوي تحت إطارها مجموعات عنصرية وإرهابية ومافيا لغسل الأموال...تسبب ضرراً بالغاً بالنظام الديمقراطي.
يقول ((مايكل بارنتي))"إن الديمقراطية نظام للسلطة مثل أي نظام آخر، فحرية الرأي والاجتماع وتأسيس منظمات للمجتمع المدني....لايعني شيئاً ما لم يخضع الجميع للمساءلة القانونية".
ولابد للمجتمعات التي تمر في طور بناء مستلزمات الديمقراطية أن تحصل على دورات مهنية مكثفة عن آليات تأسيس منظمات مستقلة للمجتمع المدني والتعريف بدورها وغايتها قبل منح التراخيص اللازمة لتأسيسها، لأن تسيسها لايخدم العملية الديمقراطية.
وعند حصول منظمات المجتمع المدني على دعم مالي من الدولة يوجب إشرافاً على أوجه صرف الأموال العامة وتفحص غاياتها وأهدافها، لتكون عوناً للدولة والمجتمع في نشر مبادئ الديمقراطية والنزاهة وليس العكس.
إن تنوع مهام منظمات المجتمع المدني كالمنظمات النقابية والمنظمات المتخصصة بالشؤون المدنية المختلفة كالبيئة، حقوق (الإنسان، المرأة، الطفل، والحيوان)...وغيرها تعمل كمجموعات تستهدف انتزاع مطالبها (الحقوقية-الاجتماعية) من السلطة أو تصحيح التوجهات السلبية للسلطة بأساليب سلمية.
فمساحة الحرية التي يكفلها الدستور يتيح لمنظمات المجتمع المدني المناورة مع السلطة لتحقيق مطالبها المشروعة ليس من خلال الاحتجاجات والاضرابات السلمية وحسب، بل من خلال مقارعة حجة السلطة القانونية بحجة قانونية موازية لانتزاع الحقوق.
مما يتطلب وجود كوادر مهنية كفوءة في قياداتها تتمتع بصلات وثيقة مع وسائل الاعلام لطرح رؤيتها ومطالبها فهي تستقطب في صفوفها الفئات الاجتماعية غير الراغبة بالانضواء تحت خيمة الكيانات الحزبية وترغب المشاركة في الحراك الاجتماعي لتحقيق العدالة الاجتماعية.
يرى ((مايكل بارنتي))"أن تعرض أي فئة اجتماعية لأوضاع غير إنسانية تتسم باللاعدالة والمساواة يمنح شعوراً بمراتبية المواطنة في المجتمع مما يعد إخلالاً بالمبائ الديمقراطية".
إن سعي الكيانات الحزبية في الدول المتخلفة لتسيس منظمات المجتمع المدني يتنافى ومهام وتوجهات الأخيرة ويسيئ للعملية الديمقراطية فالعقلية الحزبية، عقلية تسلطية تعتاش على مكاسب الآخرين لتوظفها في مشروعها السياسي.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية وسلام
امير الربيعي ( 2011 / 5 / 5 - 18:09 )
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
الاخ الاستاذ صاحب الربيعي لك مني تحية وسلام ,,,, كم نتمنى ان تنموا مثل هكذا بذور وافكار في تربتنا العراقية لتعلوا فوق القبلية والتطرف وتؤمن بظرورة مؤسسات المجتمع المدني ودورها التوعوي ,,
تحياتي واعتزازي . أ . امير

اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ