الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روسيا تدخل الصراع على كردستان

فالح الحمراني

2008 / 6 / 2
القضية الكردية


لابد ان يكون رئيس الوزراء الروسي السابق ورئيس غرفة التجارة والصناعة حاليا، السياسي المخضرم يفيجيني بريماكوف خلال زيارته مؤخرا لمنطقة كردستان العراق قد استعاد بحنين ذكرياته عن زياراته للاقليم في سبعينات القرن الماضي. وكان حينها يدير مباحثات لتقريب وجهات النظر بين الزعيم الكردي الراحل مصطفى البرزاني وبغداد، او يتقصى خلفياتها لينقلها لموسكو. وزار بريماكوف العراق مرات عديدة في مهمات خاصة بتكيلف من الكرملين، ولم يحالفه الحظ بالتفاهم مع ساسة العراق. فهل يكون صاحب المهام الخاصة هذه المرة قد اقترب من تحقيق الهدف من زيارته لكردستان العراق ولقاءاته بقياداته، وهل تنم كلمات الاطراء والمديح العسلية التي شمل بها زعماء الاقليم عن انه حقق الهدف من زيارته. وما هو الهدف من تحمل الرجل عبْ رحلة شاقة لكرستان العراق في وقت بات يعتذر فيه عن حضور الكثير من المحافل بموسكو بسبب وضعه الصحي؟.
الاهمية الاستراتيجية
ولم يكن بريماكوف هو الشخصية الاولى من هذا الوزن التي تزور كردستان من دون المرور ببغداد. كردستان اصبحت مزار الكثير من الساسة الدوليين ورجال الاعمال ووكلاء الاستخبارات والمافيات والعسكر والباحثتين عن فرص استثمار طيبة. كل يسرع من اجل الحصول على " قطعة من الكعكة الدسمة" قبل ان يتقاسمها الاخرون. والرهانات باهضة على خلفية تمتع كردستان بصلاحيات واسعة بعضها نص عليها القانون الاساسي واخرى قوانين محلية مركزية واخرى اجتهادات لتفسير هذا وذاك. وثمة في الافق القريب والبعيد، تفوح رائحة الانفصال الذي تدرك القيادة الكردية استحالته موضوعيا في الوقت الراهن، ولكن لايعرف احد ما يخبئه المستقبل وكيف ستدور الدوائر.فالمنطقة ذات اهمية استراتيجية هامة، وبالنسبة لروسيا اكثر نظرا لعلاقاتها بالقوقاز الاكبر وقربها من حدودها الجنوبية، والمنطقة غنية بموارد الطاقة التي جعلت من يسيطر على مسالكها يتحكم بالقرار الدولي، وكردستان ايضا غنية بالثروات الطبيعية. ويحتم الوصول لكل هذا التقرب من الزعماء التقليديين للاكراد، وهذا ما سعى له بريماكوف خلال زيارته مؤخرا لاربيل ولقاءاته مع رئيس الاقليم مسعود البرزاني والقيادات الاخرى، مستثمرا بذلك علاقاته السابقة مع الجيل السابق من قيادات الحركة الكردية.
لقد ظلت روسيا منذ انهيار النظام الديكتاتوري بالعراق تراقب عن كثب تطورات الوضع فيه، وراحت تبذل المحاولات وتجس النبض للعثور على وسائل لاستعادة شئ من نفوذها المفقود هناك. وسعت الدبلوماسية الروسية مد الجسور مع مختلف القوى العراقية وخاصة المعارضة للعملية السياسية بهدف استعمالها في لحظة المقايضات السياسية، كورقة للعب فيها مع اصحاب القرار في البلد. حتى انها دعت رئيس هيئة علماء المسلمين حارث الضاري ورئيس مجلس وزراء العشائر وغيرهم لزيارة موسكو. ولكنها ادركت ضعف نفوذ هذه القوى. ولم تفلح ايضا في اقناع الحكومة العراقية حتى بعد التنازل عن الديون السوفياتية المترتبة على بغداد، بان يظل مشروع تطوير حقل نفط القرنة 2 الواعد لشركة " لوكويل" رغم ان النظام السابق كان قد فسخ العقد المذكور قبل سقوطه بأشهر.
على خلفية ذلك يلوح ان موسكو التجأت الى استخدام ما تعتقد به " ثقل " بريماكوف لاستعادة في بضع ما فقدته، وليس من بغداد وانما من كردستان. فالزعماء الاكراد لهم نفوذ بالدولة العراقية سواء من خلال تمثيلهم بمؤسسات السلطات المركزية او في الاقليم، ويمكن الاستفادة من كل ذلك مقابل دعم موسكو الذي بحاجة اليوم اكثر من وقت مضى. ولذلك فان بريماكوف قدم " العربون" بتصريحاته عقب مباحثات لاسيما ما نسب اليه من ان الحل الافضل للخلافات حول مدينة كركوك هو عودتها لاقليم كردستان.
بوابة كردستان
لقد كان إقليم كردستان دائما ساحة للصراع الدولي الذي اشتد في نهاية القرن الماضي. فتركيا تنظر للاقليم بعيون المفترس وتعمل على ان تتلائم التطورات هناك مع اسراتيجيتها العامة وان تحتفظ بنفوذها، وتسارع لتوجيه جيشها ومقاتلاتها للمنطقة متعكزة على مختلف الذرائع، في حال الشعور بخطر على مصالحا، وايران كثفت في السنوات الاخيرة من مواقعها هناك وحولت ممثليتها الديلوماسية الى مقر استخباراتي للكشف عما يدور وراء الكواليس. واشارت معطيات مختلفة الى وجود اسرائيلي بصورة غير مباشرة من خلال شركاتها التي تعمل تحت لافتات صورية او عناصر استخباراتها الذين يؤدون مختلف المهام بما في ذلك التي لها علاقة بالدول المجاورة، ناهيك عن الدول الكبرى التي تريد ان تسير كردستان العراق وفق مشيئتها وما يخدم مصالحها في العالم.
ان روسيا التي استعادت شئ من حيوتها وشرعت بمد نفوذها من جديد في مختلف انحاء العالم، لايمكن ان تنظر من دون مبالاة لما يجري في كردستان العراق الذي كانت لها به علاقات تقليدية. واذا ما فشلت من دخول العراق من خلال بغداد فانها تدخل للعراق من بوابة كردستان ودخول الصراع الدولي لنشر النفوذ هناك وافتتحت لذلك قنصلية لها في اربيل ، وليس من المعروف بعد فيما اذا ستدخل تفاهمات بريماكوف مع القيادة الكردية الى حيز الوجود واذا ما كانت بوابة كردستان ستتسع " للدب الروسي" القادم. لكن المعروف ان دخول روسيا حلبة الصراع على الساحة الكردية سيزيد حتما من احتدامه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بقبول مقترح -خارطة الطري


.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان




.. إسرائيل وافقت على قبول 33 محتجزا حيا أو ميتا في المرحلة الأو


.. مظاهرات لعدة أيام ضد المهاجرين الجزائريين في جزر مايوركا الإ




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يتظاهرون في باريس بفرنسا