الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توسلات المستمعين لم تشفع في استمرارية إذاعة المواطنة

عبيد ولد إميجن
(Oubeid Imijine)

2008 / 6 / 3
المجتمع المدني


أخيرا ستطلق حكومة ولد الواقف، رصاصة الرحمة على جسد إذاعة المواطنة وذلك في مشهد مهيب يحضره أصفياء وأصدقاء الفساد الإداري والمالي والمنتدبون عنهم من كل حدب وصوب، وفي الحقيقة القاطعة لن يحضر الجنازة أصحاب المأتم الحقيقيون الذين ساكنتهم برامج وحوارات المحطة غير المعهودة في تاريخ الإعلام الموريتاني المسلوق من أخمص قدميه إلى قمة رأسه.
في مخططات هؤلاء المساكين المغلوبين على أمرهم يبدوا أن النهاية كانت متوقعةً، لذلك لم يفاجئهم أمر الحل أو التوقيف لكن ما ليس متوقعا من قبل المراقبين هو غياب الإرادة التي تمثلها رئاسة الدولة من حيث نجدة هذه المحطة الوطنية بامتياز، التي تشهد تكالبا غير مسبوق عليها من قبل المستفيدين من الحسابات السرية والاعتبارات الضيقة والتأويلات النشاز.
و لقد تضاربت الأنباء حول من يملك القرار الأخير في توقيف محطة المواطنة؟؛ أهي الحكومة؟ والتي لم يمض على تعيينها الزمن الطويل حتى تتمكن من دراسة واستقصاء جدوائية محطة إذاعية بهذا الحجم وتلك الأهمية، أم أن القرار من توقيع الإذاعة الوطنية؟ إن كان القرار متخذا من لدن الحكومة فتلك طامة كبرى فالمفروض هو تعزيز قدرات المحطة لا إلغاؤها نهائيا، وإن كان للإذاعة الوطنية ضلع أو وشاية في رفيقة دربها التي قاسمتها السراء والضراء، فتلك رزية ما بعدها رزية؛ إذ تدين الإذاعة الوطنية للمحطة بالكثير من الإنجازات الفنية وعلى جميع الصعد، وإن كان الاثنان معا هما من عملا على استصدار قرار التوقيف والإغلاق والمنع فتلك لعمري مكيدة مدبرة من أجل وأد حرية التعبير بعد أن بدت بشائر تلوح على ولوجها، إذن يبدوا الأمر بالغ الخطورة حين يرتاب المتابعون لهذا الشأن في سلامة إجراءاته؛ ذلك أن إسكات المنابر الحرة لم يعد مقبولا في دولة تنشد القانون و تنظر لقيام المؤسسات، ولئن تسنى لي كمستمع، يومها، إلهاء الحراس والدخول إلى محفل الجنازة قبل إطلاق الرصاصة الأخيرة على محبوبتنا لانتهزت الفرصة السانحة عبر ميكرفون المحطة لتقديم ما يلزم الحاضرين من جلد للذات، ولأشهدت خلق السماوات والأرض على عفن التابوت وقذارة حامليه وليوارى أنطوان لحد خلف ساتره .
وللأمانة فإن التفرد الذي حافظت عليه هذه المحطة هو الذي يدفعنا للذود عنها، لاسيما وأنها بنت طيلة بثها رصيدا معتبرا في حقل التميز الإذاعي بشبه المنطقة، حيث أشادت بذلك كل التقارير والاستطلاعات المجرات حول تجربة المحطة، والتي كانت مزيجا بين الجرأة في تناول القضايا المسكوت عنها أصلا كالرق ومسألة الإرث الإنساني، والفساد وبين السبق في طرق وتحليل القضايا المهمة شعبيا عبر تامين الآراء المختلفة وفي إشراك المستمع في تمحيص المادة المقدمة إليه، في حين كانت القنوات الإذاعية الوطنية تتسابق لاجترار آيات المديح والتفخيم، والزعيق الغنائي الهابط، و لاستعراض عظات وحكم لا تقدم شعبا ولا تحترم رأيا، وبصفة عامة كانت المحطة تصنع رأيا عاما حول آمال وآلام المواطنين المعدمين، و تشارك في ترسيخ قيم المدنية في قلوب وعقول شرائح عريضة من شعبنا كانت بالأمس القريب لا تقيم وزنا، ولا اعتبارا لهذا الوطن السليب وهو في أيدي الوثنين وعبدة الطاغوت، في حين كانت القنوات الإعلامية الوطنية الأخرى تشارك سفاهة في هدر الإمكانات والموارد من أجل (خاطر) عشرات البرامج اللقيطة و العجفاء.
لقد غدا توقيف المحطة أمراً محتوما ابتداء من ليل الخميس الموافق للثاني عشر من الشهر الجاري، وعلى ذلك فليعر كل مستمع آذانه للقادم إليه في جوف الحوت، والدعوة مفتوحة لأصحاب البطون الملآ من أجل حضور جنازة محطة المواطنة.
و الآن، يجدر بنا أن نكرس جهودنا من جديد للجوهري من الأشياء، على الأقل للبقاء حتى لا نمنع من الوجود.
صحفي مستقل – وناشط جمعوي موريتاني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقرير: شبكات إجرامية تجبر -معتقلين- على الاحتيال عبر الإنترن


.. عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة: إما عقد صفقة تبادل مع حما




.. للحد من الهجرة.. مساعدات أوروبية بقيمة مليار يورو للبنان


.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_




.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف