الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتح الإسلام .. من نهر البارد إلى العبدة

طارق قديس

2008 / 6 / 5
المجتمع المدني


وصل الرئيس اللبناني إلى بعبدا، ورحل الفراغ، واحتفل اللبنانيون كلٌّ على طريقته الخاصة بهذه المناسبة السعيدة، فمنهم من ألقى الخطابات العصماء من فوق المنابر، ومنهم من رقص في الشارع، ومنهم من أطلق العيارات النارية في الهواء، ومنهم من اكتفى بالتصفيق فيما هو يشاهد وقائع تنصيب الرئيس في بث حي ومباشر على القنوات الفضائية المختلفة.

وبعد أن قلب اللبنانيون هذه الصفحة، وقد شمَّروا الأذرع تأهباً لقلب صفحات جديدة، وقع انفجار في ثكنة عسكرية للجيش اللبناني في منطقة العبدة الشمالية نتج عن زرع عبوة ناسفة وتفجيرها عن بعد - وذلك بحسب ما أكدته الأدلة الجنائية ، وأقوال الجهات الأمنية - وقد تسبب الحادث بمقتل أحد الجنود ووقوع عدد من الجرحى بعد مضي قرابة الأسبوع على انتخاب العماد ميشيل سليمان رئيساً للبنان في حفل مهيب.

وفي خضم الحدث تخبط المحللون والناس إلى حين في دوافع الانفجارعلى حد سواء، فمنهم من أشار بأصابع الاتهام إلى الخارج، ومنهم من أشار إلى الداخل، ومنهم من أشار إلى الإثنين معاً، ومنهم من ضرب كفاً بكف دون أن يعرف حقيقة الحادث، ووقائع الجريمة.

ظل الناس في حيرة حتى تكشفت الحقيقة لهم حينما أعلنت جماعة (فتح الإسلام) مسؤوليتها عن الانفجار، وذلك انتقاماً لمسلحيها الذين قضوا في معركة مخيم نهر البارد أمام الجيش اللبناني، حيث قدرت وسائل الإعلام حينها عدد قتلى الجماعة بأربعمائة قتيل على الأقل، فانجلت الصورة بذلك الإعلان السافر، وأدرك اللبنانيون أن خطر مقاتلي الجماعة لا يزال قائماً، فهم لا يزالون على الأرض وبين الناس، ومعركة نهر البارد بالنسبة لهم كانت جولة قد خسروها، وقد عقدوا العزم على أن لا يخسروا الجولات التي تليها ، وأن يردوا للجيش اللبناني على ما فعله الصاع صاعين.

الحادث أتى مأساوياً على مسمع ومرأى المواطنين في بيروت ولبنان كله، لأنهم ظنوا أن حكاية (فتح الإسلام) قد انتهت من تاريخ البلاد، وقد آن الأوان لشهريار بأن يستمع لحكاية جديدة من حكايا شهرزاد، فحكايا الموالاة والمعارضة لا تنتهي، ووصلات الردح والشتائم بينهما لا تنقطع، فهي ملح الحياة اللبنانية، وزاد القنوات الإخبارية .. فمن له بعد أن قرأ حكاية الرئيس الجديد أن يعود إلى الوراء كي يقرأ حكاية النهر البارد!

إن عجلة الأحداث تتسارع، وزاد من تسارعها اتفاق الدوحة .. وقد أنهى مرحلة من زعامة الفراغ السياسي في سدة الحكم، فتمخض عن الاتفاق تنصيب الرئيس الجديد للبلاد، فدعا ذلك كل أبناء الوطن كي يلتفوا حول الرئيس الجديد، ويعبر كل على طريقته - كما نوهنا في البداية - عن فرحته بالوافد الجديد.

ولعل التفسير الأمثل لوقوع الانفجار في هذا الوقت تحديداً هو أنه بعد مضي فترة وجيزة من تنصيب الرئيس تذكرت جماعة (فتح الإسلام) أنها لم تعبر عن فرحتها بوصول قائد الجيش الذي حاربها وهزمها في نهر البارد إلى أعلى منصب في الدولة، فارتأت أن تعبر بذلك على طريقتها ، ولم ترَ أفضل مما فعلته طريقة لتحية العماد سليمان، فقامت بزرع تلك العبوة وتفجيرها ضاربة ثلاثة عصافير بحجر واحد، الأول هو إرسال تحية للرئيس في وقت مبكر كما قلت في السابق، وقبل أن يفتر الحدث، والثاني ضرب الجيش اللبناني في مكان لا يتوقعه ضربة مباغتة، والثالث إعلام الجميع بأن جماعة (فتح الإسلام) لا تزال على الأرض حية ترزق.

وعليه فإن ما يبدو بوضوح من تبعات ذلك الحادث هو أن الأيام المقبلة ستحمل معها أوقات صعبة سيضيف اللبنانيون فيها اسم (فتح الإسلام) على لائحة المشاكل التي يسعى الفرقاء السياسيون إلى حلها، وهم لا يزالون حتى الآن لا يعرفون كيف ستنتهي مشكلة تأليف حكومة الوحدة الوطنية بعد أن أعيد دفع الرئيس السنيورة إلى منصب رئيس الوزراء مرة أخرى!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا


.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟




.. جامعة فيرمونت تعلن إلغاء خطاب للسفيرة الأميركية بالأمم المتح


.. مسيرة إسرائيلية توثق عمليات اعتقال وتنكيل بفلسطينيين في مدين




.. لحظة استهداف الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين في رفح بقطاع