الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زمن الوأد وجاهلية المرأة العورة

علي رشيد

2004 / 1 / 16
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ها نحن نعود إلى زمن الحريم ، إلى زمن الوأد وجاهلية المرأة العورة وتهافت الشياطين لاستمالتها لفاحشة قد تنكس فروسية الذكورة وترتدّ بفحولتها .

إنه نصاب الخوف والخذلان الذي أنبت تراجعنا وهزائمنا وأطاح بآدميتنا ، نصاب السيد الأعظم ، والقائد الأوحد ، الملهم ،الواهب ، العارف ...
 وما لا حصرله من متاهة الوعي المزيف.
نصاب مقابرنا المختومة بأنين ضحاياها وقهقة القتلة ، نصاب مدننا المسحوبة من خرائط النور إلى ظلمات الخراب وخيبات الجوع واستبداد الجاهلية .
خمسة وثلاثون عاما من فاحشة سلطة الرعب وتدجين الوطن  ليتقبل قوانين القهر و إشاعة ثقافة  لا أسمع .. لا أرى .. لا أتكلم .
 وعلى مقربة من شعار التدجين هذا ، كان صراخ الضحايا يلوي أعنة الضمائر المنسوجة على هيئة صمت .
 كان الصمت تناصا فكريا مع مأثرة السلامة .
 السلامة في أن تغمض عينيك وأنت تعايش جيشا من مجدوعي الأنوف ومقطوعي الآذان  ، ومشوهي السجون ، أن تأكل وتشرب أوتتسامر وعلى مقربة من رؤوس محزوزة (بأمر القائد المؤمن بدموية العدالة وطغيان القوانيين ) لنساء أفضين بأحزانهن وجاهرن بالنحيب من زمن أغبر أفقدهن الزوج والأبن والأخ .
كان الصمت الخيبة ديدن الفحولة في وطن ينظم فيه السلطان مهرجانات الإخصاء ، إخصاء للفكر وللرجولة وللدين والقوانين وللرأي والحلم والطفولة وللوطن بمعناه الأشمل في متاهة الأقصاء ... للجحيم .
ثم جاءت الحرب لتغرز فوضاها وتعلن عهدا جديدا يعيد صياغة عهد حديث الرحيل ، عهد يتبارى به أنصاف الرجال ( ممن خدم الطاغية طيلة مدة حكمه اللعنة) ، يتبارون على الرقص فوق محنة الوطن المحتل ليعيدوا صياغة زمنهم وبمفاهيمه الأزلية ، الوقوف في الصف الأول من الصورة وبأقنعة أخرى .
عهد طقوس جديدة للموت المفخخ ، والجريمة المفخخة ، والوطن المرسوم على هيئة عبوة أو سوط يجلد تاريخه وحضارته ووعيه الأول .
 عهد يرسمه من قفزوا إلى الصدارة ليعيدوا القيم والأخلاق ومعايير الحكمة لعتمة ستفسد مودة وطن لا زال ينشب أظافره في صخرة يتشبث بها نهوضا إلى ماضي بيانه الأول وتعاليمه الأولى وحضارته وقوانينه المعرفية وكلّ ماصادره زمن الطاغية الأوحد ودساتير القبيلة وتحجرها السقيم .
وهاهو قانون غاب آخر يجيز عهد الإماء وعبودية المرأة ونقصان وعيها .
 قرار يشار له بالرقم 137 الصادر عن مجلس الحكم المؤقت ، قرار إلغاء قانون الأحوال الشخصية ، لا أعرف كيف يمكن لمجلس حكم مؤقت ( المفروض جاء بديلا عن زمن التسلط والألغاء الذي أشاعه الطاغية )  أن يصادر حرية ووعي وكيان واستقلالية المرأة وأن يسنّ قرارا تعسفيا  فوقيا وبدون مرجعية أخلاقية أو قانونية ليسقط حق المرأة العراقية في استرداد كرامتها التي أطاحت بها  حجافل الظلام والاستبداد ضدها وطيلة سنين القهر الصدامي .
 المرأة  العراقية كانت تنتظر زمنا ينتصر لها ولآدميتها التي سحقت بكلّ كم العذاب والغياب الذي أنتجته سنين عجاف من الإساءة والتنكيل والتغييب الجسدي والفكري لكيانها المقدس .
 المرأة التي لم تكن تنتظر أن يمارس ضدها تميز وسحق لقدراتها في زمن كان من المفروض أن يؤرخ لعراق دون طغاة أو برابرة، دون ضحايا أو مغيبين ، دون احتقار أو تطرف . عراق يجيز للإنسان أن يجاهر بحريته وأن تجاهر المرأة بتواجدها وفاعليتها الاجتماعية والحياتية .
لا أعرف هل الظلامية التي أقرّت 137 قد أعمتها بصيرتها من النظر إلى واقع هذه المرأة التي ناضلت طيلة عقود طويلة ضد انسحاق العراق تحت قوى الاستبداد والطغيان .
 ناضلت في صفوف أحزاب وتجمعات ونقابات .
 خرجت بتظاهرات واعتصامات ضدّ الاحتلال  والرجعية والدموية والسياسات الارتزاقية ، وطيلة تاريخ العراق الحديث ومنذ تأسيس الدولة العراقية . ألم تكن في الصدارة لمحاربة الطاغية وزمانه المر في جبال كردستان العراق وفي أهوارالجنوب ومدن الوسط .
ودفعت حياتها ثمنا للمباديء أسوة بكل العراقيين في سجون التنكيل والمقابر الجماعية وفي دوائر الشيطان حيث الاغتصاب المنظم لها ولزوجها وأخيها وابنها .
ألم تشتتها المنافي وتثقل كاهلها  لملمة الأسرة من غول المنفى ومخافة الانسحاق .
لا أعرف هل جاء قرار 137 ليؤكد صواب الطاغية وأهليته بتعميم الدمار والعتمة التي رسمت حدود الوطن ، وهاهم  يكملون دورة الظلام .
أم إن القرار أحد استحقاقات الاحتلال والتي ستجلب استحقاقات أخرى تضاف لقهر العراقي وعذاباته اليومية ، وهامشية العيش تحت سقف وطن لايحمي ولايشبع بل ينتج ثقافة الموت الملغم والتقسيم الملغم وإنتاج أبطال جدد ومهرجين صدارات وغربان للجلوس على خرائب وطن كظيم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهرب من الزواج.. ينتشر بقوة.. وقد يستدعي تدخل طبيب!


.. 16 امرأة يتهمن الساحر الشهير ديفيد كوبرفيلد باعتداءات جنسية




.. لا تشكو المهر وغلاء الأسعار قد تكون مصابا بفوبيا الزواج | #ا


.. مصر.. سائق يحاول اغتصاب فتاة في القاهرة • فرانس 24 / FRANCE




.. يارا لابيدوس: قصّة امرأة عبّرت الموسيقى عن حنينها وعن جذورها