الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تديين الشرق الأوسط .. إلي أين ؟

عصام عبدالله

2008 / 6 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في نهاية السبعينات من القرن الماضي ، وبالتحديد في عام 1979 ، ظهرت حركة دينية أصولية في الولايات المتحدة الأمريكية عرفت بإسم "الغالبية الأخلاقية" بزعامة القس جيري فولويل رائد الكنيسة التلفزيونية في العالم، والذي توفي العام الماضي 2007 .
وتزامن في العام نفسه (1979) نجاح ثورة الإمام الخميني في إيران ، وصعود نجم رئيسة الوزراء مارجريت ثاتشر وحزب المحافظين في إنكلترا ، وتوقيع معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية في كامب ديفيد بالولايات المتحدة .
الوحيد الذي تنبه لتزامن هذه الأحداث التي ستغير وجه المنطقة ، كان الداهية " هنري كيسنجر " مستشار الأمن القومي الأمريكي ، ووزير الخارجية الأشهر في مرحلة الحرب الباردة ، حيث أعلن في نهاية عام 1979 : أن الصراع في المستقبل سيكون بين الهويات والأديان .
ومعروف أن الرئيس الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحيم بيجن التقيا " فولويل " وطلبا منه المساعدة في إنجاح عملية السلام ، وانه هو الذي شجع إنشاء مجمع للأديان السماوية الثلاثة في سيناء .
كما أنه أيد، وحركته ، انتخاب رونالد ريجان حاكماً لولاية كاليفورنيا ثم رئيساً للولايات المتحدة الأميركية ، وأيده أيضا في مشروع "حرب النجوم". وظل حتي وفاته من أكبر المؤيدين لتنظيم القاعدة ، ورفض بشدة وصف ما حدث في 11 سبتمبر عام 2001 بأنه عمل إرهابي يستحق الإدانة المطلقة ، وعلي حد قوله : " فهذا هو القصاص الإلهي، لأن المؤمنين لم يغيروا ما بأنفسهم، ولا سبيل للنجاة مما يحدث، وما سيحدث، إلا بالتوبة عن المعاصي " ... وكأنه يصادق - من حيث يدري أو لا يدري - على مزاعم "القاعدة" ، وكل قاعدة ، بأنها تنفذ إرادة الله وعدله في الأرض .
وعقب أحداث سبتمبر 2001 ، كتب كيسنجر مقالين متتاليين في مجلة شؤون خارجية الأمريكية ، نعي فيهما موت معاهدة ويست فاليا عام‏1648 ، التي حددت قواعد اللعبة الدولية بعد حرب الثلاثين عاما في أوروبا‏ ، مؤكدا علي أن العالم دخل مرحلة جديدة بظهور التنظيمات المستقلة عن الدولة والقادرة علي تهديد الأمن المحلي والعالمي‏ ، مما يعني تآكل مفهوم الدولة بالمعني التقليدي‏,‏ ونهاية التصور القديم لمفهوم السيادة الوطنية‏.‏
وحسب كيسنجر فإنه ينبغي ابتكار تصورات جديدة ونظريات حديثة تتواكب والمرحلة الانتقالية التي يمر بها العالم من القديم إلي الجديد‏ ، إذ أن الخط الفاصل الذي كان يميز بين الصراعات الداخلية والصراعات الدولية قد اختفي‏ ، أو أنه يتجه نحو الاختفاء‏ ، وهو الخط الذي بقي واضحا طوال القرن التاسع عشر وحتي نهاية الحرب الباردة‏,‏ إلي حد كبير‏.‏
وبذلك سبق هنري كيسنجر ، " صامويل هنتنجتون " ومقاله عن " صدام الحضارات " المنشور في مجلة شؤون خارجية عام 1993 ، إلي التأكيد علي أن حروب المستقبل ستدار بين الثقافات والهويات ،‏ وليس بين الدول القومية‏ ،‏ وهو ما يعني الانتقال من الجغرافيا السياسية إلي الجغرافيا الثقافية‏ .

وفي ذكري الاحتفال بمرور ستين عاما علي ظهور اسرائيل ( 1948 – 2008 ) امتلأ خطاب بوش أمام الكنيست بإشارات دينية واقتباسات من التوراة والتلمود لتأكيد الدعم اللامحدود لإسرائيل؛ حيث تنبأ "بحياة أبدية للدولة العبرية في شرق أوسط بلا مقاومة". وبلغ إجمالي عدد المرات التي صفق فيها أعضاء الكنيست لبوش 19 مرة، كما وقفوا له 4 مرات وظلوا يصفقون وهم مذهولون لما يقوله الرئيس الأمريكي الذي بدا صهيونيا أكثر من الكنيست نفسه على حد وصف شالوم عضو الكنيست عن حزب الليكود وزير الخارجية في حكومة إرييل شارون.
كما عرض الرئيس الأمريكي لتوقعاته للشرق الأوسط خلال الـ60 عاما المقبلة، حيث توقع "أن تحتفل إسرائيل بمرور 120 عاما على قيامها كواحدة من أعظم الأنظمة الديمقراطية في العالم" وأن يحظى الفلسطينيون "بالوطن الذي طالما حلموا به ويستحقونه" بعيدا عن "إرهاب حماس وحزب الله وإيران".

في المقابل لم يفوت الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الفرصة بهذه المناسبة وأعلن ان اسرائيل و"القوة الشيطانية الأميركية" ستزولان قريبا وأن الإمام المهدي ( الإمام الثاني عشر ) المعصوم عند الشيعة سيظهر قريبا لانقاذ العالم ، وذلك في خطاب أمام ضيوف أجانب قدموا للمشاركة في الذكرى التاسعة عشرة لوفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني .
ويؤمن الشيعة الذين يمثلون أغلبية في إيران والعراق أن المهدي وهو الإمام الثاني عشر سيظهر في آخر الزمان "ليملأ الدنيا عدلا بعد ان ملأت جورا وظلما".

صوت العقل الوحيد في هذه المنطقة الملتهبة ، جاء من بعيد ، من الفيلسوف الفلسطيني المعروف والحاصل على جائزة ليو- كوبليف للسلام " ساري نسيبة " قال ، في مقابلة مع الموقع الألماني " قنطرة " للحوار مع العالم الإسلامي ، في معرض رده علي أسباب فشل الحوار بين الأديان في الشرق الأوسط ؟

" في الواقع كلما تحدثنا عن ذلك فإننا نقصد دائما الديانات السماوية وهي اليهودية والمسيحية والإسلامية، بينما لا يتم الحديث مثلا عن العلاقات بين البوذية والهندوسية واللتين لا يوجد بينهما مشاكل كبيرة بل على العكس، فمثلا اليابان كانت الديانة الأصلية فيها هي الديانة الشنتوية، ولما دخل عليهم دين جديد وهو الدين البوذي من الهند عن طريق الصين فإن الياباني لم يتخل عن دينه، بل بقي شنتويا ولكنه أعتنق أيضا البوذية فهو جمع بين البوذية والشنتوية في وقت واحد.

ولكن المشكلة تتجلى بين المسيحية واليهودية والإسلامية كون هذه الديانات متشابهة وذات منطلق وأصل واحد؛ فتجد الصراع بينها على عكس البوذية والشنتوية اللتين تعايشتا والسبب أنهما مختلفتان.ولكن الحل يكمن أولا بالتخلص من العصبية الدينية، وثانيا أن نتبع القيم الإنسانية بدلا من القيم الدينية وذلك لأن الأولى عبارة عن ثوابت يتفق عليها الجميع. وإذا ما تعارضت قيمة دينية مع قيمة إنسانية علينا تغليب الثانية، وبذلك فقط نتقبل بعضنا بعضا....
تري كم يلزمنا من السنين والتضحيات ، حتي نصل إلي هذه المعادلة العقلانية ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تمنع مقدسيين مسيحيين من الوصول ا?لى كنيسة القي


.. وزيرة الهجرة السابقة نبيلة مكرم تصل لقداس عيد القيامة بكاتدر




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بمراسم -النار المقدسة- في كنيسة


.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟




.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا