الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلطة التشريعية (الصلاحية والممارسة)

صاحب الربيعي

2008 / 6 / 8
المجتمع المدني


إن التخويل الذي يمنحه المجتمع لممثيله في البرلمان ليس تخويلاً مطلقاً بالتصرف بكافة شؤون الدولة والمجتمع، فلا يحق للبرلمان إصدار تشريع أو قانون يمس حقوق المواطنين، كما لايحق له الموافقة على المعاهدات والاتفاقات الدولية التي تمس حياة ومستقبل المواطنين وأجيالهم دون الرجوع إلى المجتمع للمصادقة عليها عبر التصويت الشعبي.
هذا الإجراء معتمد في معظم الدول الديمقراطية، فالبرلمان السويدي عرض معاهدة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي للتصويت الشعبي فحصل على الموافقة وفشل في الحصول على موافقة المجتمع في الانضمام للعملة الأوروبية الموحدة.
أما التخويل لبرلمانات الدول المتخلفة فيجب أن يكون مقيداً بشكل كبير لعدم رسوخ الممارسات الديمقراطية ولارتباط معظم الكيانات الحزبية الممثلة بالكتل البرلمانية بأجندة خارجية مما يعرض حقوق المواطنين لخطر الانتهاك ويثلم السيادة الوطنية.
يقول ((كيلسين))"إن الدساتير تمنح السلطة التشريعية صلاحيات عامة في إقرار القوانين أو إلغاءها أو الاستثناء منها، لكن من الضروري أن تكون تلك الصلاحيات مقيدة حين يتعلق الأمر بحقوق المواطنين العامة كي لايمنح الدستور حقوقاً للمواطنين بيد، وتسلبها السلطة التشريعية باليد الأخرى".
إن النموذج الديمقراطي المستحدث كوصفة للدول المتخلفة (باعتبارها دول بحاجة لعقود من الزمن لتهيئة مستلزمات بناء الديمقراطية) يمكن أن يحقق حلمها ورغبتها بأحدى مستلزمات الديمقراطية كإنتخاب ممثيلها إلى البرلمان وتنظيم مهرجانات دورية للرقص والزمر والخطابات لإشباع عواطف الجمهور الجاهل ومن ثم تهيئة طقوس نحره لحين حلول موعد دورة انتخابية قادمة.
إن العمل البرلماني سلوك وممارسة ومسؤولية تفوق أياً مسؤولية في الدولة لأنه تصرف بشؤون المواطنين بشكل مباشر وإقرار القوانين لتسير شؤون الدولة والمجتمع. ومن البرلمان يتم الترشيح والمصادقة على أعضاء السلطة التنفيذية وتسمية أعضاء السلطة القضائية....فالسلطة التشريعية أعلى سلطة في الدولة فإن كانت سلطة هزيلة معظمها من الجهلة والأميين وتنقصهم الخبرة بالممارسات الديمقراطية وليس لديها كوادر وخبرات تشغل لجانها المتخصصة وأغلب كتلها تنفذ أجندة خارجية فلاشك أن السيادة الوطنية تصبح منقوصة ولاضمان لحقوق المواطنين.
وتجاوزاً على كل السياقات الديمقراطية تعمد الكتل البرلمانية في الدول المتخلفة على تغيير أعضاءها لتحسين أداء لجان البرلمان، ولكن بدلاً من أن يحل مكانهم كفاءات وخبرات علمية تحل كائنات حزبية أشد تخلفاً وأمية.
لأنها تنهل من ذات المياه الآسنة في كيانها الحزبي، فضلاً عن استغلالها لآلية التغيير للزج بمناضليها المنتظرين بالدور لجني المكاسب فهي محكومة بعقلية الاستحواذ على مؤسسات الدولة ونهب المال العام. لذلك فعلى المجتمع أن يرفض المشاركة في هكذا مهزلة ديمقراطية يمنح من خلالها التفويض لنخب سياسية غير مسؤولة التصرف بشؤون حياته.
إن ممارسة الكائنات البرلمانية داخل قبة البرلمان تعكس سلوكهم الشخصي ومدى التزامهم وثقافتهم ومشاركتهم في صنع القرار، فالسلوك هو التزام بالضوابط العامة فحين يزيد عدد غياب الكائن البرلماني عن عدد جلسات حضوره في البرلمان يدلل على مدى استهتاره بالضوابط وبالثقة التي أولاءها له الناخب.
ويؤشر مدى ضعف هيئة رئاسة البرلمان وهشاشة كتلته البرلمانية وكيانه الحزبي الذي لم يتمكن من إلزام أعضاءه بأبسط الضوابط المهنية مما لايدلل على القصور الذاتي للكائن البرلماني وحسب، بل لحالة الفوضى السائدة في كيانه الحزبي.
إن الكائن البرلماني الذي يسمح لمرؤسيه بأهانته والتعريض به أمام وسائل الاعلام دون أن يحتج أو يعترض أو ينحسب أو يرد الإهانة بمثلها إنما يدلل على فقدانه للكرامة والثقة بالنفس ووجوده مرتبط بمرؤسيه وليس بالناخب...فالناخب الذي لايستطع الحفاظ على كرامته لاقدرة له على حفظ كرامة ناخبيه.
كما أن خضوع الكائن البرلماني، خضوعاً كاملاً لرؤساء كتلته البرلمانية التي تعمل على عقد صفقات (شخصية-سياسية) لمشاريع القوانين وتلزم أعضاءها التصويت عليها يعد تغيباً لرأي الكائن البرلماني ذاته.
وبهذا يقتصر دوره على الموافقة أو الرفض تبعاً لرغبات وأهواء رئيس كتلته البرلمانية مما يحجم دور البرلمان ويقزم مهام أعضاءه ليقتصر على مجموعة منتهكة لتشريعاته ساعية لتحقيق مكاسبها الشخصية. فمسخ الديمقراطية وتقزيم البرلمان بهذا الشكل المريب تحت حجج واهية يدلل على النموذج (المسخ) المستحدث للديمقراطية وتطبيقاتها الحية في الدول المتخلفة. إن سعي البرلمانيين لزيادة رواتبهم ثلاثة مرات متتالية في دورة انتخابية واحدة لتزيد على رواتب برلمانيين في دول متقدمة دون أي مراعاة للمستوى المعاشي المتدني للمواطن يدلل على مدى انتهازيتهم وعدم حرصهم على المال العام وسعيهم لتحقيق المكاسب الشخصية وعلى حساب بقية أفراد المجتمع. وأخيراً فالبرلمان الذي يضم في صفوفه أرهابين ومرتشين ويرفض رفع الحصانة البرلمانية عنهم لتقديمهم للقضاء، يعد مشاركاً في الجريمة ومنتهكاً للتشريعات الدستورية وكل ما يصدر عنه غير شرعي.
إن العرف الدبلوماسي الدولي يحترم الدولة من خلالها رجالها، فإن كانوا رجال دولة كسبوا أحترام أقرنهم في الدولة المماثلة، وإن كانوا رجالاً مسخ تقزمة الدولة وعوملت على أنها دولة تدور حول دولة الفلك بمساعدة عملاء محليين يتقاضون أجراً مقابل تنفيذهم أجندة خارجية.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ