الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آليات عمل السلطة التشريعية

صاحب الربيعي

2008 / 6 / 9
المجتمع المدني


تعتمد بعض دول العالم على نظام الحزبين الرئيسين للهيمنة على أصوات الناخبين كما هو الحال في كل من بريطانيا (حزبي المحافظين والعمال) وفي أمريكا (حزبي الجمهوري والديمقراطي) وهذه الآلية الانتخابية تقلص خيارات الناخب على حزبين لاغير، لكن على المستوى الحكومي فإن وجود حزب واحد مسيطر على البرلمان بأكثرية مطلقة يقوي الحكومة ويمنحها الحرية في تمرير قراراتها بسهولة عبر البرلمان.
وعلى الضد من ذلك فإن آلية العمل البرلماني تنخفض لوجود أكثرية وأقلية حيث ينحصر دور الأقلية في المراقبة للأداء الحكومي وتسجيل خروقاتها ونقاط ضعفها لاستثمارها في الدورة الانتخابية القادمة للتأثير على صوت الناخبين لتعديل الموازنة العددية داخل البرلمان.
كما يوجد نظام التعددية الحزبية في معظم الدول الأوربية يمكنها تشكيل حكومة أكثرية، ولكن في الدول المتخلفة ليس بالضرورة أن يتمكن حزب الأكثرية البرلمانية من تشكيل الحكومة بمفرده لأسباب عديدة منها: عدم وجود كوادر كافية، عدم الثقة بالنفس، الخشية من تحمل المسؤولية، وجود ضغط خارجي لإشراك بقية الأحزاب في السلطة، عدم الثقة بأعضاء الحزب من حيث النزاهة والانضباط، وجود ظرف استثنائي في البلد يوجب تحمل كافة الأحزب للمسؤولية.
إن دور الناخب ينتهي تماماً بعد أن يضع بطاقة أقتراعه في الصندوق الانتخابي لتبدأ عملية المساومات بين الأحزاب لتشكيل الحكومة بعيداً عن كل الاعلام والبرامج الانتخابية المعلنة، فغالباً ما تكون هناك اتفاقيات سرية غير معلنة للاحزاب على التعاون في تشكيل الحكومة بعد الانتخابات لكنها توحي إعلامياً بأنها متصارعة ومختلفة بالتوجهات.
إن التأثيرات الخارجية على الانتخابات غالباً ما تكون غير مباشرة (مالية، إعلامية) لكن يخضع تشكيل الحكومة لتأثيرات مباشرة من قوى (داخلية، إقليمية، ودولية) لأنها متعلقة بالمصالح الداخلية والخارجية، فالحكومة غير المنسجمة في التعبير السياسي تعني الحكومة غير المحققة للمصالح المتعددة على المستوى الداخلي والخارجي. فالحكومات ليست شفافة تماماً لأنها حكومات حزبية فبرامجها ورؤيتها تشوبها الضبابية نتيجة انعكاس ظل المصالح الخارجية عليها.
يعتقد ((علي مقلد))"أنه تؤثر بنية الأحزاب وأصحابها وتحالفاتها على السلطة الحكومية، فوجود حزب مسيطر يقوي الحكومة ويضعف البرلمان فإذا تيسرت للحزب السيطرة بأكثرية مطلقة حتى في النظام التعددي يكون الاقتراب من النظام الثنائي قوياً. إلا أن عدم ثقة الحزب بنفسه تحمله على تقاسم السلطة مع حلفائه خشيةً على قاعدته الانتخابية وطمعاً في توزيع مسؤولياته ورغبة في الاحتفاظ بالحكم لمدة أطول. أن سيكولوجية حكومة التحالف لاتخرج عن هذا التحليل، وحالة عدم الثقة بالنفس ناتجة عن عدم الانضباط والانسجام داخل الحزب أو الأحزاب المتحالفة. ويستطيع التحالف الموثوق به والمستقر أن يقرب نظام التعددية من الثنائية فتقوى الحكومة ولكن ليس بالقدر الذي يتاح لها في النظام الثنائي لأن الانسجام والوثوق في التحالف يبقى أضعف مما هو عليه في حزب الأكثرية".
إن نظام الثنائية الحزبية ليس شائعاً كما هو الحال مع نظام تعددية الأحزاب في أغلب الدول الأوربية فالبرغم من أن الأخير يوفر مساحة أكبر للناخب في الاختيار بين برامج الأحزاب الانتخابية ويُفعل آلية العمل البرلماني لكنه يتطلب تحالفات مع أكثر من حزب لتشكيل الحكومة.
لذلك تسعى الأحزاب ذات التوجهات المتقاربة (يسارية أو يمينية) لتشكيل كتلة برلمانية لأن رؤيتها غير متقاطعة بشكل كبير فيسهل عليها تنفيذ برامجها الانتخابية والاتفاق على قواسم مشتركة في تشكيل حكومة إتلافية.
لكن غالباً ما تكون هذه الحكومات ضعيفة لأن الاحزاب الصغيرة في البرلمان هي التي تشكل الرقم السحري في تحقيق الأغلبية البرلمانية، وهي القادرة على اسقاط الحكومة بمجرد سحبها الثقة منها والاتفاق مع المعارضة.
لذلك تسعى الأحزاب الكبيرة والمختلفة بالتوجهات للاتفاق على أرضية مشتركة في طرح برامجها الانتخابية بحيث تكون ذات سقف محدد ليكون بمثابة مسطرة للبرامج الانتخابية للأحزاب الصغيرة غير القادرة لوحدها على تشكيل الحكومة، مما يضطرها للتناغم مع البرامج الانتخابية للأحزاب الكبيرة فينحسر دورها. وبذات الوقت فإنها غير قادرة لرفع سقف برامجها الانتخابية لخشيتها من زعزعة ثقة الناخب بها، ولمحدودية تأثيرها وقلة عدد مؤيديها قياساً بالأحزاب الكبيرة.
أما آلية العمل داخل البرلمان في النظام الحزبي الثنائي خاصة في الدول المتطورة فإنها تخضع للمساومات السياسية أكثر منها للمناكفة السياسية أي يعمل الحزب الحاكم على تحقيق بعض مطالب المعارضة واشراكها جزئياً في صناعة القرار لمنحها فسحة لتنفيذ بعضاً من برامجها الانتخابية ليحصل الحزب الحاكم على ذات الفرصة مستقبلاً دون أن يتم اقصائه أو تهميشه.
في برلمانات الدول المتخلفة وغير المحققة لكافة مستلزمات البناء الديمقراطي تعمد لسياسة تهميش المعارضة ورفع وتيرة الصراع بينها لأن سعيها الأساس الاستيلاء على السلطة، فضلاً عن أنها ليست أحزاباً ذات طبيعة مؤسسية وإنما كيانات حزبية همها الأساس تحقيق مصالحها الخاصة من خلال استيلاءها على السلطة السياسية.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ