الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التراث والمعاصرة : اية علاقة ؟

صبيحة شبر

2008 / 6 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تناقضت الدعوة الى العناية بالتراث ، بين أوساط المثقفين العرب ، تناقضا كبيرا ، منهم من يدعو الى منح تراثنا القديم جل اهتمامنا ، لان ما نعيشه من تأخر واضح في مختلف الميادين ، مرده الى عدم الاهتمام بالتراث ، باعتباره الحافز الكبير ، والمشجع على تخطي الصعاب ، التي تعيشها مجتمعاتنا العربية ، والبعض الاخر على النقيض ،مما يدعو اليه الفريق الأول ، يرى ان كل مصائبنا تعود ، الى تغليبنا التراث والعيش فيه ، متناسين ما يحدث من تقدم ، في العصر الحديث ومن ابتكارات كبيرة ، جعلت العالم يبدو وكأنه قرية صغيرة ، ما يظهر من جديد ،في زاوية منها نائية وبعيدة ، حتى ينتشر امره بين جميع الانحاء ، وان الامم لم تعد مغلقة على ذاتها ، بل أصبحت تتأثر بما يجري في العالم من احداث ، ويجب الا تكتفي بنصيب الضعيف ، الذي يأخذ باستمرار ، بل عليها ان تكون قادرة على التأثير ايضا.
وبما ان كلا النظرتين بعيدتان عن الصواب ، فان دراسة متمعنة في تراثنا القديم ، ناقدة ما فيه من اشكالات ، مبينة ما فيه من جوانب القوة ، ومناطق الضعف ، وان تجريد الخطاب الثقافي من مواضع القداسة ، التي يحاول البعض احاطته بها ، كفيل بابراز ما كان جميلا مضيئا ، في ذلك التراث ، وبظهور ما اكتسب القبح ، وأصبح لايلائم حياتنا المعاصرة.
ولعل سائلا يستنكر ، ما ألم بحياتنا الثقافية ، من وهن واضح ، داعيا الى تحليل الأسباب المؤدية الى هذا الخراب الكبير ، وهو تدهور واضح لايمكن اخفاؤه بغربال ، فجميع الدراسات أثبتت اننا امة متخلفة ، رغم ما فيها من عوامل كبيرة وقوية لاحراز التقدم ، وانها تسير في مؤخرة الأمم ، وهي تمتلك ثروات مالية وبشرية وعلمية ، وكفاءات متعددة يمكن ان يجعلها، في طليعة اليلدان المتقدمة.
فهل يمكن الخروج من الحالة الصعبة التي نجد أنفسنا محاطين بها ، وهل نظل امة تقلد غيرها ؟ وما هي الطرق الكفيلة باحداث ثورة في العقلية العربية ؟ تنقذها من حالة التردي الكبيرة التي تحيا في أتونها.
لعل وضع الثقافة الحالي ، الفاقد الهوية ، يكون في مقدمة الأسباب.
فماذا أعددنا للخروج مما يراد فرضه علينا ، من ثقافة واحدة تدعو الى الاستهلاك ، وتغليب النظم المعتدية ؟
وما هي الأسباب التي جعلت شبابنا ،يقلد كل ما هو غربي ، ويبتعد عن الأصالة ، ومن هو المسؤول عن اقناعه ،ان تراثنا كله ظلام ، لا ذرة من النور فيه ، وان الحضارة الغربية ضياء دائم،
ومن هو المؤهل لاخراج شعوبنا مما تعيش فيه من وهم جميل؟
هل هو واجب المثقفين وحدهم ؟ ونحن نرى الكثير منهم يسبّح بحمد الحضارة الغربية ، معددا مناقبها ، التي لايمكن ان تحصى.
ولماذا أصبحنا نجد أنفسنا في طريق مسدود ؟ وهل يمكن للفرد ان يقوم بهذه المهمة العسيرة ، ام يجب ان تقوم بها الجمعيات الثقافية ؟، التي تسعى نحو سياسة تحريرية ، ولكن هل الوقت الان يسمح باحداث مثل هذه الثورات ، التي كانت المجلات الثقافية ،تقوم باشعالها في النصف الاول من القرن العشرين ، وهل أضحى عصرنا الان للأفراد فقط بعد ان كان عصرا يسجل انتصارات الشعوب ؟
وكيف نستطيع ان نواجه الثورة الكبيرة ،التي حدثت في المعلومات ؟ رغم ما فيها من ايجابيات؟
يبدو لي ان دراسة التراث بطريقة نقدية ، يمكن ان يجعله ثروة كبيرة ، قد تفيد لتهيء لنا بعض الشروط ، كما ان الاهتمام بالمدنية الجديدة ، وتنفيذ المباديء الجميلة التي تدعو الى احترام الاخر ، والحرية البناءة في معالجة الامور ، وليست السائبة ، وتقديم ثقافة متفائلة ، تحترم انساننا وتدعو الى ابراز كفاءاته المخبوءة ، وتشجيع قدراته الدفينة ، وبسط الطرق أمامه ، وتذليل الصعاب ، وجعله يهتم بالعلوم والفنون ، ساعيا الى تطويرهما ، ويتحرر من كونه الة تسجيل ، يردد ما جاء في الوسائل التي يطلع عليها ، من مذياع وتلفاز وصحافة وانترنت ، باختلاف الثقافات التي تصدر عنها ، دون اعمال فكر ، او استيعاب ، او قدرة على النقد ، وتعزيز ثقته بنفسه ضد وجهات النظر السلبية ، التي ما فتئت تتهم شبابنا ، انهم أقل شأنا من الاخرين ، وانهم لايمكن ان يحققوا نجاحا ،او يتبؤوا منزلة راقية ، وانما خلقو اهكذا ، كي يكونوا في ادنى سلم التطور ، يحققون الأرباح ، لمن يسلب منهم خيراتهم ، ويحرمون من التمتع بما يحظى به غيرهم من ابداعات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran


.. 85-Ali-Imran




.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني