الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحزاب الاسلاميه .. نحو رؤيه جديده

وليد الخيون

2008 / 6 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فى قرأه هادئه لواقع الاحزاب الاسلاميه فى العراق نجد أن تلك الاحزاب لم تكن يوما هى صاحبه الكلمه الاولى أو الاقوى فى الحضور الجماهيرى فحظوظها
قليله جدا حتى فى القرى والتجمعات العشائريه فى وسط وجنوب العراق حيث هى تعتقد بأنها التربه الاصلح لنشاطها . لذا فأن حزب الدعوه الاسلاميه الذى تم
تأسيسه فى 1957 من قبل مهدى الحكيم ومحمد باقر الصدر ومحمد مهدى الاصفى وغيرهم يعتبر أول خطوه من قبل المرجعيه الدينيه فى مدينه النجف الاشرف
فى دخول المعترك السياسى من بابه الواسع لاننا ببساطه لايمكن تصور قيام هذا الحزب بعيد عن دعم المرجعيه الدينيه ومباركتها .وقد تدخل السيد محسن الحكيم
شخصيا فى تغليب كفه ولده السيد مهدى الحكيم وقيادته للحزب بعد أن أجبر السيد محمد باقر الصدر على ضروره الاختيار بين قياده الحزب أوالعمل والتدريس
فى الحوزه ففضل السيد الصدر العمل فى الحوزه وهذه الواقعه ذكرها الشيخ النعمانى فى كتابه [ سنوات المحنه وأيام الحصار ] ويروى فيه ماتعرض له السيد
الصدر من مضايقه وترهيب وأخيرا الاقامه الجبريه عليه من قبل الاجهزه الامنيه فى نهايه سبعينيات القرن الماضى . وقد تعكز حزب الدعوه على طروحات
سيد قطب الذى أعدم فى عام 1966 والذى هو التلميذ النجيب لمؤسس حركه الاخوان المسلمين الدكتور حسن البنا الذى أغتيل فى 1949 . لقد بقى نشاط الحزب
محصورا فى أوساط المتعلمين ورجال الدين ولم يكن حزبا جماهيرا أبدا وكما نعلم أن الجماهير هى المكون الاساسى لاى حزب ألا حزب الدعوه حيث أنه كان
خارج تلك المعادله الطبيعيه . هل لان أفكاره عصيه على فهم بسطاء الناس أم الخوف من السلطه وعملاءها . لاهذا ولا ذاك . بل هو غياب المشروع الوطنى
المحدد والواضح المعالم وكذلك عدم أمتلاك رؤيه وطنيه لمواجهه تحديات المرحله وعدم وضوح فى مسأله العلاقه مع القوى الوطنيه الاخرى وهذه الاخيره هى
من أولويات العمل السياسى الحقيقى . بل كانت أفكار وطروحات الحزب عباره عن أيات قرأنيه وأحاديث نبويه شريفه وماذكرته الشريعه السمحاء لهو كاف فى
بناء المجتمع . وهذا هو حال الاحزاب الاسلاميه فهى تتكأ على المقدس فى رسم صوره الحاضر والمستقبل بعد جلسات طويله فى جلد الذات والبكاء على حال
الامه الاسلاميه التى أضاعت بوصله التوجه الصحيح بعد أن تركت العمل بكتاب الله وسنه المصطفى.أن غياب كلمه [ الوطن ] عن أدبيات أى حزب يجعله هذا
بعيد عن طموح وهموم الناس فكيف والحال هذا فى العراق وفى مرحله دقيقه هى نهايه الخمسينات حيث الحراك السياسى لمعظم القوى الوطنيه والذى توج بعد
ذلك بتأسيس جبهه الاتحاد الوطنى التى كانت مقدمه لثوره 14 تموز 1958 المجيده . أن تأسيس المرجعيه الدينيه لحزب الدعوه هو أستشعار لخوف غير مبرر
من الالتفات الكبير للجماهير حول أحزابها الوطنيه والتقدميه ولايمكن تصور هذا الاستشعار بدون دورا ما لشاه أيران محمد رضا بهلوى ومخابراته السافاك
أولا وثانيا عدم القدره على مواصله العمل الدينى الوعظى والارشادى بين أوساط الناس لعزوف شرائح عديده من المجتمع عن قبول مايطرح لانه ببساطه لا
يتناسب مع حجم الصراع بين القوى الوطنيه والتقدميه والليبراليه من جهه وقوى الاستعمار وحلفاءه من قوى رجعيه وأقطاعيه فأحزمه الفقر سورت كل المدن
الكبيره ومدينه الثوره خير مثال على ماوصلت له حاله الجماهير المسحوقه . كما أن طبيعه عمل كبار رجال الدين يجعلهم فى حاله أشبه بالعزله عن الناس
وهذا الفاصل المادى يتعزز مع مرور الوقت بفاصل معنوى أكبر وأعمق لذا تحول كبار رجال الدين الى [ أسرى ] من قبل أفراد الحاشيه الذين هم من الابناء
والاحفاد والاقارب وهذه الحاله ليس من نسج الخيال أو لموقف معين بل هى واقع يومى يعيشه ويعرفه العراقيون فى كل يوم . فالعلاقه بين الناس من جهه
وكبار رجال الدين من جهه لأخرى تحولت الى علاقه مشاعر وأحترام وموروث أجتماعى وأن علاقه على الشاكله تلك لم ولن ترتقى الى المستوى المطلوب
جماهيريا . لذا بقيت الاحزاب الاسلاميه على هامش العمل السياسى النظالى ولم تتقدم خطوه نحو الامام لقوه وصلابه الاحزاب الوطنيه والتقدميه وقدرتها على
تطوير أساليب نظالها الوطنى والتحررى . أننا أمام معادله هى على الشكل التالى قوه ومكانه وصلابه القوى الوطنيه والتحرريه يقابلها عزل وتقوقع الخطاب
الدينى وراعيته الاحزاب الاسلاميه والعكس صحيح . وكعادتها الاحزاب الدينيه أسلاميه ومسيحيه فهى تستحضر كل شىْ مقدس فى صراعها مع خصومها
عبر التأريخ فالصليب كان رمز وشعار الغرب المسيحى المستعمر فى حروبه التى سميت الحروب الصليبيه قبل أكثر من [ 850] عام وأستكشافات كولومبس
وأبادته لحضارات أمريكا الجنوبيه كانت تحت رايه الصليب وأول مكان وطأته قدماه سماه [ سان سلفادور] . كما كان الدور التأمرى لرجال الكنيسه فى أنقلاب
9 أيلول 1973 ضد حكومه الوحده الشعبيه فى تشيلى والدور الذى كان للكنيسه بقياده الكاردينال يوحنا بولس مسانده حركه [ تضامن ] فى بولندا وكرم الرجل
على دوره وعين بعدها بابا الفاتيكان . أسلاميا كانت صيحه [ الشيوعيه كفر وألحاد ] هى فتوى هدر للدم العراقى حسب المبادىْ الشريعه الاسلاميه السمحاء
والغريب أنها جاءت قبل العديد من القوانين التى أصدرها مجلس قياده الثوره لبدء مرحله جديده فى حياه العراقيين وأهمها قانون الاحوال الشخصيه وقانون
الاصلاح الزراعى أنها سياسه الأستشعار بالخوف غير المبرر وقد كانت تلك المقوله التحريضيه فاتحه للصراع السياسى والتصفيات والقتل فى صبيحه يوم
8 شباط 1963 .أن أنحسار المد الوطنى والتحررى هو يصب فى خانه القوى الرجعيه ومن وراءها الدينيه لأن فى معادله حسابيه بسيطه بالفقراء لايتمكنون
من ألايفاء بأهم ركنين عباديين هما الخمس والزكاه وكذلك من الصعب عليهم وهم الحفاه فى دوله النفط أن يشاركوا فى كل الزيارات [ المليونيه].أما الاغنياء
فهم يشاركون فى الزيارات لتسويق شخصياتهم ويدفعون رسوم الخمس والزكاه فى أجواء أحتفاليه ويستلمون فواتير بألاستلام . أن شهر العسل لم يدم طويلا
فقد دفعت الاحزاب الاسلاميه ثمنا باهظا جدا وخاصه فى مرحله الثمانيات واصدر مجلس قياده الثوره فى عام 1980 قرار جائرا بحق المنتمين لحزب الدعوه
وبأثر رجعى وهذا الاخطر فيه وأعدم الالأف وغيبت المعتقلات الرهيبه العدد نفسه ليجد حزب الدعوه الاسلاميه نفسه رغما عنه فى خندق القوى المعارضه
ويدخل معها فى حوارات ولقاءت وتحالفات . من يريد العمل يجده فى النور وليس فى الظلمه وهاهو حزب الدعوه والاحزاب الاسلاميه الاخرى مع مشروع
الشيطان الاكبر . أن الاحزاب الاسلاميه بحاجه ماسه لاعاده قرأه خطابها بشكل كامل لمتطلبات عملها السياسى فهى أمام تحديات ليست لديها القدره والمرونه
السياسيه فى التعامل معها فهى فى مفترق طريق كبير وضبابيه فى رؤيه الواقع فهى تمارس اللعبه الديمقراطيه فى مصر والعراق والمغرب والاردن والبحرين
لكنك لوأطلعت على كل أدبياتها القديمه والجديده لم تجد لهذه المفرده الجميله وجود أصلا بل هناك مصطلح الشورى وهو مصطلح بحاجه لدراسه وتحليل عميق
ناهيك عن دور المرأه والولايه الصغرى والكبرى وغيرها من الامور الحياتيه الكبيره والصغيره التى تجدالاحزاب الاسلاميه نفسها أمامها مرغمه . وهنا لنا
أن نفسر العديد من حالات الخلل فى التجربه العراقيه لعدم وجود الرؤيه الوطنيه الواضحه لمرحله مابعد 9 نيسان .. ولنا لقاء أخر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكوين- بمواجهة اتهام -الإلحاد والفوضى- في مصر.. فما هو مركز


.. الباحثة في الحضارة الإسلامية سعاد التميمي: بعض النصوص الفقهي




.. الرجال هم من صنع الحروب


.. مختلف عليه| النسويّة الإسلامية والمسيحية




.. كلمة أخيرة - أسامة الجندي وكيل وزارة الأوقاف: نعيش عصرا ذهبي