الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجولة!

علي محمود خضير

2008 / 6 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



( 1 )

للرجولة ِ عندنا مفهوم عجيب حوّلنا ومنذ عصور إلى امة ذكورية خالصة، ومجتمع ذكوري خانق، وثقافة ذكورية ناقصة، ولكن، ما هو المفهوم السائد لمصطلح الرجولة؟. وهل الرجولة مظهر أم جوهر؟ تطبيق عملي لمُسَلمات قادمة من عصور التحجر والصنمية أم مفهوم إنساني يحمل في طياته أفق وفكر ومدى تطبيقي ومشروع.

أكاد اجزم، تماماً، إن الرجولة بمعناها السائد لدينا هي تطبيقات خارجية مظهرية لمفهوم واهي للشخص الحاكم الذي لا يُناقش، الزاعق الذي لا يَسمع، صاحب الكف الضاربة والوجه المتجهم والقلب الميت، الرجل عندنا أداة عنف مميزة، وهو أيضاً مصطلح مقدس، مصان من المثالب بعيدٌ عن متناول الخطابات الاجتماعية أو العرفية أو الدينية.
( 2 )
وقد تكون مجتمعاتنا بإرثها ( الرجولي) العامر اكبر الدلائل على ضحالة هذا المعنى وكارثيته وما قادنا إليه من مأس ٍ وهزائمٍ إنسانية كبرى وتراجع صادم بين الأمم ، مجتمع مشوه يسمع بأذن واحدة ويرى بعين واحدة (غالباً ما تكون حولاء) وينطق بلسان طويل سليط، حواس تعمل دون وعي فكري تحت سلطة الموروث الأسطوري لمعنى الرجولة القادم إلينا عبر آلة الزمن الخالدة من عصر وأد البنات ودفنهن برمال الصحراء المحرقة، إقصائه لنصفه الآخر في كل شيء – عدا الفراش طبعاً- جعل أفق الحياة يتضيق ويختنق بسلطة الرجل الهائجة.
( 3 )
الرجولة كممارسة تطبيقية ( نسخة مصغرة) لما تفعلهُ السلطة، الرجولة في البيت

( تجلي) من تجليات دكتاتورية الحكومات الشرقية.

بالمناسبة، الصورة الشكلية للرجل هنا ليست حصراً على الرجال وكينونتهم فكم شهدنا ( نساءاً مسترجلات ).

( 4 )
فضلاً عن التمظهر الاجتماعي لمفهوم الرجولة والذي قد نجد له عذراً عند الطبقات ( الغير مثقفة) ولست هنا بموقف تعريفها، وجدت أن الرجولة امتدت بحضورها الطاغي لتصل إلى أدباءنا ومثقفينا المحترمون وهم مرآة العقل والتقدم والتفتح وأخره من صفات النور التي نرجوها بهم، في إحدى الأمسيات الخاصة التي شاركت بها مؤخراً وعند قراءة احد الشعراء لقصيدته كان الرجل – الشاعر يستخدم صوتاً خفيضاً هامساً يتلائم مع طقس القصيدة الهادئ وطبيعتها الشكلية والفنية التي تفرض عليه قراءة متأملةً خافتة.

غير ان نفراً من الحاضرين ( كان الحضور نخبوياً ) استهجن قراءة الشعر بهذه الطريقة وهذا لا يعنيني هنا بقدر ما فاجئني كلام أدبين جليلين لهما من الاسم المحترم ما يكفي الذيَن انتقصوا من (رجولة) الشاعر كونه يقرأ بصوت خافت!، احدهما (خرق) طبلة أذني بعبارة ( هاي الزلم الخشنة!؟) أدركت حينها ، ويا للحزن، ان الصورة الشكلية الجاهزة للرجل امتدت لتصل الطبقة التي نعول عليها في بناء مجتمع مدني متحضر والاّ كيف للأديب المحترم ان يختصر ويحصر الرجولة بالصوت الزاعق المدوّ. وكيف نفسر ان تُضرب المرأة على يد رجال -أشداء على (زوجاتهم/ أخواتهم/ بناتهم( رحماء بينهم- ضرباً يصل بمنفذه لحدود الحيوانية ( نفاجئ إذا عرفنا أن بينهم رجالٌ يحملون شهادات الدكتوراه وأطباء ومهندسين وقامات أدبية كبيرة).


( 5 )
الرجولة في البداية وقبل كل شيء شكل إنساني ومبدأ وموقف، الرجل أمان لا خوف واستبداد يفرضه بقوة اليد واللسان، الرجل قيمة جمالية واعية يجب ان تُربى الأجيال القادمة على تفهم معناها الإنساني العميق وضرورتها الملحة بعيداً عن صورة الرجل ذو الشارب المنفوش والكرش العظيم والكف الضاربة والصوت العالي والدماغ الفارغة.

( 6 )
كم رجلاً يدرك هذه الحقيقة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: فوز رئيس المجلس العسكري محمد ديبي إتنو بالانتخابات الر


.. قطاع غزة: محادثات الهدنة تنتهي دون اتفاق بين إسرائيل وحركة




.. مظاهرة في سوريا تساند الشعب الفلسطيني في مقاومته ضد إسرائيل


.. أم فلسطينية تودع بمرارة ابنها الذي استشهد جراء قصف إسرائيلي




.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب للمطالبة بصفقة