الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأم العراقيه نخلة صامدة مغروسة في ارض بركانيه

ناديه كاظم شبيل

2008 / 6 / 14
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


في بغداد وفي منطقة الدوره بالتحديد ، توقفت سيارة (الكيه ) لتقل سيدة مسنّة ، كان بصحبتها شاب وسيم ، تبدو عليه مظاهر النعمه ، طلب من السائق ان يوصلها الى نهاية الجسر ، كانت تحمل بيدها اليمنى بطانيه لفتها بعناية ، و تحتضنها بحنان كبير ، كأنها ام تحتضن وليدها البكر ، دلفت بصعوبة الى الحافله ،والقت تحيتها على الركاب وهي تشير بيدها اليسرى لتشمل تحيتها الجميع ، اشاعت بدخولها الى الحافلة نوعا من الامان عند الركاب ، اذ كانت هنالك صوت اطلاقات نارية تنبعث عن قرب وتبعث القلق والخوف في نفوسهم المتعبه، تفرست في وجوه الركاب كأنها تريد الاطمئنان عليهم وهي تردد كلمات الحمد والثناء لله على سلامتهم ، احس الركاب بأنها امهم جميعا ،كانت تنبعث منها رائحة حبيبه ، انها رائحة الام العراقيه الحنون . اشاعت ببساطتها وطيبتها نوعا من الالفه بين الركاب وبددت شعور الخوف والقلق الذي كان باديا عليهم، عاتبها احدهم بحنان لأنها جازفت بحياتها حين غادرت دارها في هذا الوقت العصيب ، ردت عليه بهدوء : جئت لزيارة المهجوم والاطمئنان عليه . رد عليها الركاب معترضين : لا ياوالده لا تقولي هذا فلا زالت الدنيا بخير ، ردت مؤكده بلى انه مهجوم ، فارقته منذ الاحتلال وعندما زرته اليوم رايت زجاج النوافذ مهشمة تماما ، ولم اجد شيئا من اثاثي الثمين الا هذه البطانيه ، ورفعت البطانية ليراها جميع الركاب . قال لها احدهم مواسيا :المهم احمدي الله ياأمي على سلامة الاولاد ، ردت معترضه ولكنها لا تزال رابطة الجأش : منين ؟ (وأفردت اربع اصابع) اولادي الاربعة راحوا ضحايا على يد الامريكان والارهاب ، ثم اشارت الى عينها اليمنى ، فقدت البصر في عيني هذه من كثرة البكاء ،ولكن لم ينفعني هذا في شئ ،ولم يعدالي الغياّب على الاطلاق ، ثم نظرت الى الشباب في الحافلة وقالت : لم ينقطع نسلي بالرغم من ذلك ، فالسلامه بروسكم اولادي ، انتم عز العراق و فخره ،ان ما جرى مجرد اختبار من رب العالمين ، يريد ان يختبر عباده الصالحين ، ونحمده على قضائه والعاقبه على خير باذنه تعالى ، عندما نزلت من الحافله تلفتت يمينا وشمالا وهي تتساءل :ترى اهذه هي نهاية الجسر حقا ؟، تبرع احد الشباب وترجل من الحافله ، احتضنها بحنان كبير وهو يقول : سوف لن اتركك يأمي الى ان تصلي الى مكانك بأمان .
هذا هو العراق ،الفارس الذي بدأ يضمد جراحه بكل صبر الدنيا ، وسيعود معافى عن قريب . لابد من ذلك لوطن لا زالت بذور الخير والمحبه تنمو فيه رغم ما زرعه الشيطان من شرور ...
ناديه كاظم عضوة اتحاد الكتاب العراقيين في السويد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عضو البرلمان السابقة وأمينة المكتب السياسي لتيار الحكمة الوط


.. الناشطنة هند الصوفي المشاركة في ورشة العمل الاقليمي




.. بالرغم من مردوده المادي الضئيل... نساء تعتمدن على إعداد الخب


.. وادي الضباب في تعز الهدوء والجمال الطبيعي في زمن الحصار




.. المرأة الريفية صمود ونضال أمام واقعها المهمش