الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهية الدستور وإشكاليات التطبيق

صاحب الربيعي

2008 / 6 / 16
المجتمع المدني


الدستور يعكس المبادئ العامة للتسويات السياسية حول حقوق المكونات الاجتماعية للعيش المشترك والتوافق على تبني نظام سياسي ما يستمد معاييره وتشريعاته من المبادئ العامة للدستور لتحقيق العدالة الاجتماعية، كما أنه يعكس الواجبات المناطة بالمواطن تجاه الدولة والمجتمع.
التسوية السياسية لاتعني غمط حقوق مكون اجتماعي لصالح مكون إجتماعي آخر وإنما إيجاد صيغة قانونية تضمن حقوق كافة المكونات الاجتماعية ليس باعتبارها مجموعات متناحرة يحكمها مبدأ الأكثرية والأقلية النسلية أو الأثنية، بل لكونها مجموعات بشرية راغبة في العيش المشترك على أساس المساواة بالحقوق ونبذ مراتبية المواطنة.
يعتقد ((سعيد أرجومند))"أن الدساتير نُصب ومعالم بارزة تنبثق منها القوانين التي يسترشد بها لوضع برنامج النظام السياسي".
وبالرغم من أن النخب السياسية تسترشد بالقيم الاجتماعية والدينية لصياغة مبادئها الدستورية بما لايتعارض مع القيم العامة للمكونات الاجتماعية المختلفة، فلا يمكن التعويل على الصياغات السياسية كتسويات نهائية لتحديد النظام السياسي دون أن ترافقها صياغات قانونية تشرع قواعد وسلوكيات وممارسات السياسيين.
إن التسويات السياسية بين المكونات الاجتماعية لضمان الحقوق تصاحبها تسويات مماثلة بين السياسين والقانونين لإعادة صياغة النص السياسي إلى نص قانوني التي تواجه باعتراضات حول تفسير النص الذي يمنح أو يحجب الحقوق المتفق عليها سياسياً.
إن الصيغة السياسية تشترط توافقاً وتسوية بين المكونات الاجتماعية حول الحقوق والواجبات تجاه الدولة والمجتمع، لكن الصيغة القانونية تتطلب مرجعاً قانونياً لصياغة نص دستوري تحاشياً لتعدد تفسيرات الفقه القانوني لها.
يعرف ((سعيد أرجومند)) الدستور قائلاً:"بإنه محاولة مدروسة لإقامة مؤسسة ترسي أسس القواعد القانونية والمعيارية للنظام السياسي ويعتبر ظاهرة عالمية لتفكير سياسي جديد يستمد من قواعد السلوك والاعتراف والقوانين المتبلورة عن تجارب الشعوب المختلفة لصياغة تشريع قانوني مستقل يعبر عن توجهات شعب ما، لكنها لاتفقد مغزاها الأصلي وإنما يضاف أفكاراً ورؤى جديدة إليها".
إن إكتساب الدستور للشرعية عبر التصويت الشعبي لايعني انتهاء الصراع والتناحر تماماً بين السياسين أو المكونات الاجتماعية وإنما تحوله من صراع سياسي إلى صراع قانوني حيث يجتهد كل طرف لتفسير النص الدستوري وفقاً لرغباته وأهواءه ولربما يلجأ لاستشارات قانوينة لحشد التأييد لحجته السياسية-القانونية حول الصلاحيات التي أقرها أو حجبها النص الدستوري. فحين يدخل الدستور حيز التطبيق تبرز تناحرات سياسية-قانونية بين النخب أو المكونات الاجتماعية حول الصلاحيات الممنوحة لها.
يرى ((سعيد أرجومند))"أن التطبيقات الدستورية على صعيد الواقع تولد صراعاً قانونياً بين القوى السياسية على حجم الصلاحيات وليس صراعاً ذات طابع سياسي".
إن عدم رسوخ المبادئ الديمقراطية وقصور ثقافة النخب السياسية في الدول المتخلفة قد يطيح بالنظام السياسي نتيجة اختلاف الرؤى في تفسير النصوص الدستورية مما يوجب الاحتكام للمحكمة الدستورية للنظر في الخلاف الدستوري وحل الاشكال بينها، لكن عند عدم انصياع أحد الاطراف السياسية للأحكام المبرمة للمحكمة الدستورية والتشكيك في نزاهتها يخرج الصرع على سياقه القانوني ليتحول إلى صراع سياسي.
يرى ((سعيد أرجومند))"أن مبادئ الدستور عبارة عن تسويات توافقية بين السياسين والقانونين لمنحها التوازن والتلازم والانسجام إلى حد ما. وتحديد حجم الصلاحيات، أي إجراء تسوية بين قوى اجتماعية وقانونية لوضع قواعد وسلوكيات للنظام السياسي وما يترتب عنها من إعادة توزيع للصلاحيات الشرعية".
إن عدم اكتمال مستلزمات بناء الديمقراطية في الدول المتخلفة وتعجلها في تبني النظام الديمقراطي (أو الديمقراطية الممسوخة) له محاذير كبيرة منها ضعف الآليات وعدم رسوخ الممارسات الديمقراطية السلمية في ذهنية السياسين لحل إشكاليات تطبيق المبادئ الدستورية على صعيد الواقع. مما يزيد من وتيرة الصراع السياسي فيتعطل العمل بالدستور وتتوقف الحياة السياسية ويستولي الجيش على السلطة السياسية بحجة حفظ السلم الاجتماعي.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ