الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خياران لا ثالث لهما‮.. ‬دولة دينية أم دولة مدنية

سعيد الحمد

2008 / 6 / 16
المجتمع المدني


لعلنا اليوم لا نحتاج الى كبير عناء لنكتشف ان الصراع المفصلي‮ ‬الذي‮ ‬يمر به عالمنا العربي‮ ‬الآن هو صراع مشروعين لا ثالث لهما‮.. ‬مشروع الدولة المدنية ومشروع الدولة الدينية‮.‬ ومهما حاولت الاحزاب والقوى والتيارات التي‮ ‬تحمل لافتات وشعارات قومية او تقدمية‮ ‬يساريةً‮ ‬او ليبرالية ان تلتف على هذه الحقيقة وان تؤجلها بالذهاب وراء الهوامش وابرازها وتضخيمها وتصويرها بانها‮ »‬محور الصراع‮« ‬فإن الحقيقة التي‮ ‬لا تقبل الدحض تظل كما هي‮ ‬صراع‮ »‬المشروعين‮« ‬اللذين لم‮ ‬يحسم النظام العربي‮ ‬الرسمي‮ ‬والقوى الديمقراطية العربية التقدمية والقومية موقفهما منهما‮.‬ والذي‮ ‬لا‮ ‬يحتاج الى تأكيد ان الخلل والعطل الكبير الذي‮ ‬قوّض النظام العربي‮ ‬الى درجة الهشاشة المتهالكة هو وقوفه طوال تاريخه في‮ »‬المنطقة الرمادية‮« ‬وعدم حسم خياره ما بين الدولة المدنية والدولة الدينية‮.‬ ‮ ‬فظلت الدولة العربية في‮ ‬شكلها التقليدي‮ ‬او في‮ ‬شكلها‮ »‬الثوري‮« ‬هلامية‮ ‬غير محددة الهوية فلا هي‮ ‬بـ‮ »‬الدينية‮« ‬ولا هي‮ ‬بـ‮ »‬المدنية‮« ‬وانما اختارت‮ »‬دولة البين بين‮« ‬وهو ما انتج استراتيجية قرار‮ »‬الشيء وضده‮« ‬وخيار‮ »‬الشيء وضده‮« ‬وقوانين‮ »‬الشيء وضده‮« ‬وممارسات‮ »‬الشيء وضده‮« ‬في‮ ‬سيرة ومسيرة دولتنا العربية او ما‮ ‬يسمى بالنظام العربي‮ ‬الذي‮ ‬خلق مأزقه بنفسه ولنفسه وقاد نظامه الى انسداده التاريخي‮ ‬بسبب ذهنيه عدم الحسم في‮ ‬اهم خيار واهم مسار للدولة العربية التي‮ ‬تلكأت وترددت فتفسخت وتفتت قواها وركائزها‮.‬ واذا كنا نفهم سر‮ »‬لعبة اللاحسم‮« ‬التي‮ ‬اختارها النظام العربي‮ ‬حيث استثمر هذا الموقف المتأرجح لدولته ما بين الدولة الدينية والدولة المدنية لادارة نظامه باللعب على تناقضات القوى والتيارات والتنظيمات والاحزاب وهي‮ »‬لعبة‮« ‬اكتشف البعض خسار الرهان عليها متأخراً‮ ‬فيما لايزال البعض‮ ‬يراهن عليها دون ان‮ ‬يأخذ العبرة والعظة من تجارب الآخرين‮.‬ فإن المثير للدهشة حقاً‮ ‬هو انزلاق القوى العربية التقدمية والديمقراطية بمختلف‮ ‬يافطاتها الى‮ »‬تبرير‮« ‬والى‮ »‬تمرير‮« ‬مشروع اصحاب الدولة الدينية بما نراه من تنازلات ومن تحالفات ومن تفاهمات وتوافقات منسجمة مع كثير مما‮ ‬يطرحه المبشرون بالدولة الدينية ومن دعاتها والمتحمسين لها‮.‬ فالصمت المريب الذي‮ ‬استمر لسنوات طوال عمّا تتعرض له الحريات المدنية من تنكيل قامع على كافة المستويات من اطراف ومن قوى الدولة الدينية‮ »‬وهي‮ ‬اطراف اجادت الاتحاد ضد الحريات المهنية‮« ‬وهذا الموقف المتلعثم والمتردد والخجول من قبل قوى التقدم والديمقراطية‮ ‬ينم عن تخاذل وتنازل خطير مرت من تحته ومن بينه البشائر والعناصر الاولى للدولة الدينية‮.‬ ففي‮ ‬الوقت الذي‮ ‬تتنازل فيه قوى الاسلام السياسي‮ ‬المختلفة عن خلافاتها وتبايناتها ومعاركها لتتحد وتتجمع لتبشر بدولتها الدينية خلف رداء‮ »‬الولي‮ ‬الفقيه‮« ‬سياسياً‮ ‬او خلف قفطان‮ »‬الحاكمية‮« ‬سياسياً‮ ‬نلاحظ ان القوى التقدمية والديمقراطية العربية تقدم التنازلات تلو التنازلات فتنضوي‮ ‬في‮ ‬تحالفات،‮ ‬وتقيم توافقات او‮ »‬تلفيقات‮« ‬وتفاهمات بأمل ان تنجح وعبر التصالح مع الاسلام السياسي‮ ‬في‮ ‬استعادة بريقها وشيء من حضورها المفقود في‮ ‬الشارع العربي‮.‬ وهو التنازل الخطير الذي‮ ‬ترتب عليه اصابة فكرة ومشروع الدولة المدنية في‮ ‬مقتل عظيم حيث تراجعت حظوظها اجتماعيا وثقافياً‮ ‬بعد ان تراجع المدافعون الاساسيون عنها وهم الذين كنا نراهن عليهم ونعتبرهم خط الدفاع الاخير عن الدولة المدنية‮.‬ فهل سقط الرهان بسقوط خط الدفاع الاخير‮.. ‬سؤال‮ ‬يظل معلقاً‮ ‬على بوابات احزاب وتنظيمات وتجمعات في‮ ‬عالمنا العربي‮ ‬لم‮ ‬يبق ما‮ ‬يذكر بهويتها المدنية وبتوجهاتها المدنية وبوعيها المدني‮ ‬الذي‮ ‬كان سوى الاسم وسوى بعض المظاهر‮.!!‬









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات أمام المحكمة المركزية ضد نتنياهو تزامنا مع حضوره لل


.. ممثل الأمم المتحدة في سوريا للجزيرة: مستعدون لتقديم الخدمات




.. أحمد الشرع يتعهد بملاحقة المتورطين في تعذيب السوريين.. هل يق


.. مشاهد من سجن صيدنايا.. الكشف عن آلة مكبس لسحق أجساد المعتقلي




.. -عليها آثار التعذيب-.. مسعفون يعثرون على جثث معتقلين في مستش