الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رهان التنوير رهان المستقبل

سعيد الحمد

2008 / 6 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا‮ ‬يخفي‮ ‬بعض الأصدقاء والمعارف استغرابهم وحيرتهم من تفاؤلنا الكبير على الرغم من مواجهتنا لسلسلة من الشكاوى الكيدية والدعاوى والاستدعاءات ما بين النيابة والمحاكم،‮ ‬ناهيكم عن التهديدات والتشنيعات والتعريض بسمعتنا بشكل فج وممجوج،‮ ‬المعلن منها والمبطن والتي‮ ‬يمارسها صبية‮ »‬الماضوية الإخوانية‮« ‬وخفافيش الظلام ممن اعتادوا الاحتماء والاختباء خلف أسماء مستعارة ووهمية تروجها لهم مواقع مدفوعة الثمن،‮ ‬مفضوحة الولاء شعارها الأثير‮ »‬اشتم واستلم‮«.‬ ولعلنا لا نذيع سراً‮ ‬اذا ما أعلنا هنا أن تفاؤل التنويريين في‮ ‬بلادنا وفي‮ ‬المنطقة لا‮ ‬ينطلق من فراغ،‮ ‬وليس معلقاً‮ ‬بأذيال الهواء بقدر ما هو نابع من حتميات التاريخ ومتأسس على المستقبل وللمستقبل‮.‬ فإيماننا راسخ ومتجذر بأن المستقبل لمشروع التنوير مهما بلغ‮ ‬طوفان الماضوية الإخوانية الانتهازية‮.‬ ومن‮ ‬يراهن على المستقبل لا‮ ‬يفقد الأمل،‮ ‬ولا‮ ‬يخبو تفاؤله ولا تنقطع أنفاسه؛ فقد علمتنا تجربة التنوير وسيرته في‮ ‬أوروبا أن انتصار التنويريين،‮ ‬وفكر التنوير،‮ ‬وثقافة الأنوار،‮ ‬لم تتحقق ولم تنجز الا بعد مضي‮ ‬نحو مئتي‮ ‬عام على أقل تقدير،‮ ‬حتى استطاع مشروع التنوير أن‮ ‬يقضي‮ ‬قضاءً‮ ‬مبرماً‮ ‬على الماضوية الثيوقراطية‮.. ‬وهي‮ ‬تجربة لنا فيها عبرة ودروس،‮ ‬فلولا التفاؤل بالمستقبل لما استطاعت سلسلة من كواكب التنوير أن تواصل المشوار الصعب بلا انقطاع،‮ ‬في‮ ‬زمن صعب وقاسٍ‮ ‬دون أن تتخاذل أجيال من التنويرين عن مواصلة رسالتها بدأب ونكران ذات‮.‬ التنوير عملية طويلة‮.. ‬لا تقاس بفترة زمنية محددة،‮ ‬وهكذا نلاحظ أنها لم تبدأ بـ‮ »‬كانط‮« ‬و»ديكارت‮« ‬ولم تتوقف عند سبينوزا أو هوبز،‮ ‬ولم تنقطع برحيل لوك،‮ ‬فاستمراريتها في‮ ‬تصاعد فكر الأنوار،‮ ‬وتطوير فكرة التنوير واغنائها،‮ ‬ورفدها بالأفكار المدنية هو الذي‮ ‬جعل الوعي‮ ‬العام الأوروبي‮ ‬يقترب منها أكثر فأكثر ثم‮ ‬يقتنع بها اقتناعاً‮ ‬راسخاً‮ ‬لدرجة الدفاع عنها،‮ ‬والمطالبة بأن‮ ‬يكون التنوير بديلاً‮ ‬للمشروع الماضوي‮ ‬الثيوقراطي‮ ‬الأوروبي‮ ‬الذي‮ ‬ظل رازحاً‮ ‬على صدره قروناً‮ ‬طويلة‮.‬ فالتنوير ليس قفزاً‮ ‬في‮ ‬الهواء،‮ ‬وليس حرقاً‮ ‬للمراحل،‮ ‬وانما هو مشروع‮ ‬يراهن على المستقبل،‮ ‬والحفر للمستقبل لا‮ ‬ينتهي‮ ‬غداً‮ ‬الساعة السادسة‮.‬ التنوير مشروع وطن،‮ ‬وليس مشروعاً‮ ‬أنانياً‮ ‬مغلقاً‮ ‬على مجموعة أفراد‮ ‬يلهثون للاستحواذ على المناصب،‮ ‬وحصد المكاسب الخاصة،‮ ‬ومضاعفة الغنائم الشخصية لينتهي‮ ‬عند هذه الحدود الضيقة‮.‬ فعندما أطلق‮ »‬كانط‮« ‬عبارته الشهيرة‮ »‬تجاسر على استخدام عقلك أيها الإنسان‮« ‬وعندما ردد سبينوزا عبارته الدالة والموحية‮ »‬إذا وقعت الواقعة لا تبكي‮ ‬ولا تضحك ولكن فكر‮« ‬وعندما قال هيغل بعمق عميق‮ »‬لا بد من كسر الجوزة لتعرف ما بداخلها‮« ‬لم‮ ‬يكن ذلك نزوة أفراد‮ ‬يبحثون عن الأموال والمناصب والجاه والنفوذ بل كانت مقولاتهم بداية البشارة لتحولات العقل الذي‮ ‬لا‮ ‬يعرف الكلل ولا الملل ولا العطل،‮ ‬ولا‮ ‬يكف عن طرح أسئلة التحول والتغيير،‮ ‬ذلك التحول الذي‮ ‬يرعب‮ »‬الماضويين الانتهازيين‮« ‬ويهز عرش إخوانياتهم‮.. ‬لذلك؛ فعدوهم اللدود هذا العقل عندما‮ ‬يفكر،‮ ‬وأخوف ما‮ ‬يخافون من‮ »‬الجوزة عندما تنكسر‮«..!!‬ فما بين العقل وهو‮ ‬يفكر،‮ ‬والجوزة وهي‮ ‬تنكسر،‮ ‬تنفضح السيرة،‮ ‬وتنقطع المسيرة للماضوية الإخوانية الانتهازية،‮ ‬ويضع الماضوي‮ ‬يده على خنجره أو سكينه تماماً‮ ‬كما فعل ذلك الفاشي‮ ‬ذات‮ ‬يوم أسود في‮ ‬تاريخ الإنسانية،‮ ‬التي‮ ‬لم تكف عن التفكير ولم تتوقف ذهنيتها عن‮ »‬كسر الجوزة‮«.‬ هذه حقيقة الحقائق التي‮ ‬يؤمن بها التنويريون الذين أعلوا من شأن العقل،‮ ‬وطالبوه وحرضوه على أن‮ ‬يفكر ويفكر،‮ ‬ثم بعدها بمحض خياره وبإرادة قراره‮ ‬يتخذ الموقف الحر المستقل،‮ ‬ويبدع مستقبله كما‮ ‬يريد ويبغي،‮ ‬فشعار التنويريين هو صيحة‮ »‬كانط‮« ‬أيها الإنسان تجاسر على استخدام عقلك‮.‬









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah