الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استحالة الاكتفاء بالدين الإسلامي كمصدر للأخلاق (2)

مستخدم العقل

2008 / 6 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


استكمالاً للمقال السابق حول علاقة الدين الإسلامي بالأخلاق فتجدر الإشارة مرة أخرى الى أن الدين الإسلامي هو فقط مرآة للثوابت الأخلاقية السائدة في عصر ظهوره (ممّا يتعارض مع فرضية صلاحيته لكل زمان ومكان) وبالتالي فإنه من الطبيعي والمتوقّع أن تتفوق مفاهيمنا الحديثة للأخلاق على أخلاق العصور البائدة التي كان ينادي بها الإسلام. في هذا المقال سنستعرض موقف الإسلام من العبودية والاسترقاق بهدف إظهار التباين بين قيمنا العلمانية المعاصرة وبين قيم العصور البائدة التي نادى بها الإسلام، فالحقائق التاريخية تؤكّد أن الرق والعبودية قد استمرا في المملكة العربية السعودية (مهد ولادة الإسلام) حتى وقت قريب للغاية، فالمملكة العربية السعودية كانت من أواخر الدول في العالم أجمع التي منعت الاسترقاق حيث لم يتم ذلك إلا في عام 1962 على يد الملك فيصل رحمه الله وتحت ضغط من المجتمع الدولي وخصوصاً الرئيس الأمريكي الراحل جون كيندي، وهذا في الوقت الذي تم فيه منع العبودية والاسترقاق في معظم بلاد العالم الليبرالي قبل ذلك بمائة عام على الأقل حيث مُنع في في الولايات المتحدة في عام 1865 وفي انجلترا في عام 1807 وفي فرنسا في عام 1794 وفي كندا في عام 1810. كذلك هناك العديد من الأحاديث النبوية التي تحمي ملكية العبيد وتلعن العبد الذي يفكر في الهروب أو حتى في الزواج بدون إذن مالكه، فالرسول قد أكّد على حق تملك العبيد وأنكر على العبد مجرد التفكير في الهروب من العبودية وذلك في الحديث الوارد بصحيح مسلم الذي يقول (‏ ‏أيما عبد ‏ ‏أبق ‏ ‏من مواليه فقد كفر)، بل أن الرسول قد أنكر على العبد الحق في اتخاذ أي قرار يخص حياته الشخصية دون إذن مالكه وذلك في الحديث الصحيح الذي يقول (‏ ‏أيما عبد تزوج بغير إذن ‏ ‏مواليه ‏ ‏فهو ‏ ‏عاهر).

أما عن القرآن الكريم فقد أكّد على العبودية والاسترقاق واعتبر ذلك رزقاً من الله تعالى وذلك من واقع الآية 28 من سورة الروم التي تقول (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ)، بل أن القرآن تمادى قليلاً في تكريس العبودية والاسترقاق بحيث أعطى الحق للرجل الذي يسبي امرأة متزوجة في أن يمارس معها الجنس (برغم كونها متزوجة) وذلك بشرط وحيد هو استبراء رحمها، وذلك من واقع الآية 24 من سورة النساء التي تقول (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) والتي ورد في تفسيرها الحديث الصحيح الذي يقول (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوم حنين ، بعث جيشا إلى أوطاس . فلقوا عدوا . فقاتلوهم . فظهروا عليهم . وأصابوا لهم سبايا . فكأن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين . فأنزل الله عز وجل في ذلك : { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن) انتهى الحديث الذي سمح بما نعتبره اليوم جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي.

ونظراً لكون الإسلام قد حمل طابعاً سياسياً منذ نشأته ونظراً لتعارض السياسة في الكثير من الأحيان مع الأخلاق، فقد اضطر الإسلام للتضحية ببعض الثوابت الأخلاقية من أجل تحقيق أهدافه السياسية وذلك بإعطاء المحارب المسلم (المجاهد) مكافآت في حال انتصاره تتعارض مع الثوابت الأخلاقية، فلم يكتفِ الإسلام بالسماح للمجاهد المسلم بممارسة الجنس مع زوجة عدوّه المهزوم بل تمادى في ذلك بأن سمح للمجاهد المسلم بأن يقذف بمنيه داخل فرج تلك السبية المسكينة (عذراً للكلمات) ولاداع لأن يعزل وذلك عملاً بالحديث النبوي الصحيح الذي يقول (أصبنا سبيا فكنا نعزل فسألنا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال ‏ ‏أوإنكم لتفعلون قالها ثلاثا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي ‏ ‏كائنة).

مما ورد عاليه نجد أن الإسلام لم يقدم أية حلول أخلاقية لواحد من أهم الأمراض الاجتماعية التي جثمت على صدر الضمير الإنساني لقرون عديدة وترك الإسلام أمر معالجة مثل ذلك المرض لدعاة الليبرالية مثل الرئيس الأمريكي الراحل ابراهام لينكولن الذي قدّم حياته فداءاً لقضية تحرير العبيد في الولايات المتحدة، أما الإسلام فإنه بدلاً من معالجة مثل ذلك المرض فقد رسّخه وتمادى فيه. والعجيب في الأمر أن بعض المدافعين عن الإسلام يحاولون أن يوهمونا بأن الإسلام قد تدرّج في منع الاسترقاق والعبودية خوفاً من حدوث هزة اقتصادية في مجتمع يقوم اقتصاده على الرق، ولكن الذي يدعو للعجب هو أن الإسلام قد منع الربا دون الخوف من حدوث هزة اقتصادية بالرغم من أن المجتمع كان (ومازال) يقوم على الربا. وكذلك فإن الإسلام لم يتدرج في منع التبني بالرغم ممّا قد يسببه ذلك المنع من هزة اجتماعية للأسر التي كانت تتبنى أطفالاً. كذلك فإن مثل ذلك التفسير لايقدم تبريراً للآيات والأحاديث الصحيحة التي ترسّخ الاسترقاق وتسمح به وتحميه.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دار الإفتاء تعلن الخميس أول أيام شهر ذى القعدة


.. كل يوم - الكاتبة هند الضاوي: ‏لولا ما حدث في 7 أكتوبر..كنا س




.. تفاعلكم | القصة الكاملة لمقتل يهودي في الإسكندرية في مصر


.. عمليات موجعة للمقاومة الإسلامية في لبنان القطاع الشرقي على ا




.. مداخلة خاصة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت