الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( التابوهات الثلاثة )

عبدو أبو يامن

2008 / 6 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أنت الآن_ كمشروع كاتب أ و فنان، أو إذا استخدمنا مصطلحات المناطقة موجود بالقوة، وترغب بالخروج منها إلى حيز الفعل والواقع _ أنت بهذه الصفة بذرة في تلافيف الظلام، جنين في رحم الأرض، شاءت لك الأقدار أن تفتعل الكتابة، أن ترتكب الفن شأنك شأن الورد الذي شاءت له أقداره أن يصنع العطر والنحل أن يفرز العسل.. وأنت بهذا بذرة محظوظة إذ تهيأت لها الظروف الملائمة التي تساعدها على أن تحقق كينونتها وتخرج من عالم القوة إلى عالم الفعل، من دياجير العدم إلى أضواء الوجود.. تربة صالحة وماء كافيا ومن وراء ذلك شمس خالقة حنون..
ولكنها محظوظة إلى حد ما؛ فما أن تطل برأسها مزحزحة طبقات التراب التي تثقل عليها، حتى تكتشف أنها في غابة متشابكة، غنية بمخلوقاتها وكائناتها، آكلات لحوم، وآكلات أعشاب، وفسيفساء من عالم النبات يبدأ من أشجار السنديان العملاقة التي تتيه برؤوسها في عنان السماء أنفة وكبرياء، وينتهي بالنجيل المنبطح على وجه البسيطة عرضة لأقدام السائرين والعابرين..
تطل النبتة ضئيلة خائفة مذعورة وهي ترى إلى هذا المعترك، والريح الزعزع تضرب في قفاها والمطر المجنون يكاد يكتسح بسيله الجارف كيانها، وهي القريبة الجذور، وهي الواهنة الجذع، وهي الحديثة العهد بالحياة، ترى إلى كل هذا وكيف يفوز السنديان بالحظ الأكبر والنصيب الموفور من الماء والغذاء والضوء.. ثم إلى هذا النجيل المحروم المهضوم المهان المداس.. رباه!! لم هذا المصير، وما نحن فاعلون؟!!
رباه.. أكاد لا أبصر ، وضوء الشمس لا يكاد ينفذ إلي.. رباه إن السنديان يحجب الأضواء، ويحتجن ( يضم إليه ويحتكر ) كل الماء.. رباه.. المعركة غير متكافئة؛ وهو بهذا التعملق الأسطوري، وهو بهذه الجذور الأخطبوطية، وهو بهذه العلائق والوشائج، وأنا الضعيفة بلا حول ولا طول!!
ولا محل بعد ذلك لأن تسأل : لم تعملق من تعملق، ولا كيف تعملق، ولا بأية وسيلة تعملق!!
ولا محل بعد ذلك للغرابة إن هوت سنديانة من علياء مجدها الأجوف، ولا إن سقطت صريعة غرورها وطمعها وأنانيتها وإفلاسها؛ فالسوس كان ينخر في جذورها النخرة والعث يعبث في جذعها الواهي!!
والسؤال الوجودي هو : ما العمل؟!
وكيف أرفع هامتي إلى حيث النور، وأعمق جذوري إلى حيث الماء والغذاء؟
حياة النجيل لا تعجبني، وهذا الذل الأبدي لا يعجبني، وهذا الإخلاد إلى الأرض لا يعجبني!!
أمامي طريقان : الأول طويل ووعر المسلك، وهو يحتاج إلى جهاد وصبر ومثابرة، وهو بعد غير مضمون النتائج على الأقل في هذه الحياة، وإن كان يكاد يخلو من المغامرة والمخاطرة، على ألا ينسى سالكه الصبر ثم الصبر ثم الصبر، ومن وراء ذلك طول انتظار ( لجودو ) الذي قد يأتي وقد لا يأتي!!
والثاني قصير جد قصير ولكنه خطير جد خطير، وسالكه عرضة لأن يرمى بتهمة التزوير والتدليس والوصولية والمتاجرة والتفاهة ودغدغة الغرائز وممارسة السفاح بالكلمات!!
وهو يوفر لسالكه ثلاث وسائل أيها يختار فهو كفيل بأن يوصله إلى هدفه ومبتغاه.. وهو يضمن له النتائج ولكنه لا يضمن له النجاة.. من ربه أولا، ومن حاكمه ثانيا، ومن ضميره ثالثا!!
وهذه الوسائل ( توجد في الجوار ) كما يقول التعبير الأجنبي.. إنها ثلاث ( تابوهات ) محرمات؛ منذ خرج الإنسان من حالة البدائية والوحشية التي كان فيها، والتي كانت فيها فكرة ( المشاعية ) _ أي كل شيء مشاع للجميع وحلال للجميع_ هي السائدة إلى الحالة الحضارية التي عرف فيها الإنسان العرف والتقاليد والحلال والحرام والحدود والقيود..
تابوهات ما زالت البشرية تحوطها بالحفظ والصون والرعاية إما خوفا وفزعا، وإما أدبا وورعا، وإما فطرة وخجلا.. هذه التابوهات هي : الدين والسياسة والجنس. ( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب إسرائيليون يهاجمون داعمين لفلسطين بالألعاب النارية في ج


.. -قرار بايدن- يغضب إسرائيل.. مفاوضات الرهائن في خطر




.. هل الميناء العائم للمساعدات الإنسانية سيسكت جوع سكان غزة؟


.. اتحاد القبائل العربية في سيناء برئاسة العرجاني يثير جدلاً في




.. مراسل الجزيرة: استشهاد ثمانية فلسطينيين نصفهم أطفال في قصف ع